استقالة مصطفى الرميد تعمّق أزمة حزب العدالة والتنمية المغربي

ماموني

أقدم مصطفى الرميد القيادي في حزب العدالة والتنمية ووزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان والعلاقات مع البرلمان، على الاستقالة من حزب العدالة والتنمية قائد الائتلاف الحكومي في المغرب، في خطوة من شأنها أن تعمّق من أزمة الحزب الداخلية.

وأوضح الرميد في رسالة وداع إلى أعضاء تنظيمه السياسي السبت أنه “نظرا للاتصالات والتساؤلات التي أعقبت نشر خبر الاستقالة، فإني أؤكد أني قررت أن أتوجه إليكم جميعا بالتحايا والشكر على ثقتكم في أخيكم طوال السنين السابقة”.

وأشار في ذات الرسالة إلى أنه غاب عن حضور اجتماعات الأمانة العامة وكافة أنشطة الحزب طوال المرحلة السابقة، “لأسباب صحية ولأسباب أخرى لا حاجة لذكرها، مقدرا أهمية ما أنجزناه جميعا في خدمة المجتمع والدولة، وداعيا الله تعالى أن يوفقكم ويكلل مساعيكم في الإصلاح بكل سداد ونجاح”.

وبشكل ضمني قدم الرميد استقالته من الحزب، حيث رجحت مصادر من داخل الحزب أن يكون المسؤول الحكومي والقيادي في الصف الأول، قد وضع استقالته أمام أنظار الأمانة العامة للحزب ورئيسه، في وقت سابق دون أن تبث فيها أجهزة الحزب التقريرية.

وتوقعت ذات المصادر، أن يتم رفض الاستقالة دون إرغامه على تحمل مسؤوليات داخل الحزب أو تزكيته للانتخابات المقبلة.

ورصدت المصادر غياب الرميد في عدد من اللقاءات التي نظمتها الهياكل الموازية للحزب، وأيضا عدم حضور الاجتماعات الرسمية للأمانة العامة ودورات المجلس الوطني للحزب.

ويعتبر الرميد من أبرز قيادات الحزب، حيث شغل منصب وزير العدل في الحكومة السابقة برئاسة عبدالإله بن كيران، وشكل تقديم استقالته من الحكومة قبل أشهر خلخلة لحزب العدالة والتنمية القائد للائتلاف الحكومي، قبل أن يتراجع عنها في ما بعد.

وأكد عمر الشرقاوي المحلل السياسي ، أن ما أعلنه الرميد “بيان غموض لا بيان توضيح”.

رشيد لزرق: العدالة والتنمية يعيش أسوأ أزماته التنظيمية والسياسية

وبرأيه “لم يعد أحد يصدق حكاية استقالاته أو على الأقل في مآلاتها، كونه الوزير الوحيد في تاريخ المغرب الذي أشهر استقالته وبقي عشر سنوات وزيرا، كما هدد بالاستقالة لفرض الزيادة في أجور القضاة، وغيرها”.

وأضاف أن “لا أحد سيصدق استقالة من الحزب حتى وإن كانت هذه المرة نهائية ولا رجعة فيها”.

وكان الرميد تراجع عن استقالته من الحكومة مارس الماضي، مبررا ذلك بتمسك العاهل المغربي الملك محمد السادس باستمراره كوزير دولة وتحمل المسؤولية وأداء الأمانة، حسب تعبيره. مردفا “لم يكن أمامي إلا واجب الطاعة وسرعة الاستجابة”.

واعتبر رشيد لزرق أستاذ العلوم السياسية، أن الرميد من خلال هذه الاستقالة يريد خلق حراك صوتي داخل حزبه والخروج إلى دائرة الضوء خاصة وأن العدالة والتنمية يعاني اختناقا كبيرا، مشيرا إلى “تراجعه عدة مرات عن استقالاته السابقة وهو ينتظر تدخلا من قيادة الحزب والذراع الدعوية له جماعة التوحيد والإصلاح لثنيه على ذلك”.

وتابع لزرق في تصريح أن “تحرك الرميد يأتي في وقت يعيش فيه حزب العدالة والتنمية أسوأ أزماته التنظيمية والسياسية على مختلف الأصعدة”، مشيرا إلى أن “الأنظار موجهة إلى قيادات وشيوخ جماعة التوحيد والإصلاح، لحث كل الأطراف على الجلوس على طاولة الحوار والتوافق كمخرج وحيد للأزمة”.

ولم تصدر أي تعليقات من الأمانة العامة للعدالة والتنمية، وسبق للأمين العام للحزب سعدالدين العثماني في فبراير الماضي، أن علق على تقديم الرميد استقالته من الحكومة، بأنه عبر عن انزعاجه مما رآه تهميشا له، قائلا حينها “نحن ننتظر عودته لمهامه النضالية كما عودنا دائما”.

وجاءت استقالة الرميد، غير المباشرة حتى لا يزيد الاحتقان داخل العدالة والتنمية ولا يعمق حالة الانقسام بين قيادة وقواعد الحزب.

ويرى مراقبون أن خضوع الرميد لعمليتين جراحيتين ليس سببا كافيا لتقديم استقالته من الحزب وهو الذي يعد من القيادات الرئيسية داخل الحزب، مؤكدين أن المواجهات بين أعضاء الحزب بسبب عدد من الملفات ساهمت في أخذ الرميد موقفا سلبيا من القيادة الحالية للحزب وهو يريد باستقالته إحراج الأمانة العامة سياسيا وانتخابيا.

وهناك من يربط خروج الرميد بهذه الاستقالة مع تخوف العدالة والتنمية من نتائج غير متوقعة تقلل من مقاعدهم داخل البرلمان وذلك لإخلال الحزب بعدد من الوعود التي قطعها على نفسه أمام الناخبين، ما جعل العثماني، يقول إنه “إذا اختار المواطنون المغاربة أن نخرج إلى المعارضة فنحن مستعدون لذلك”.

ولاحظ لزرق، بأن هناك حرصا من قيادة الحزب رغم الاستقالة التي تقدم بها الرميد، على ضرورة توحيد الجهود، بغية كسب الانتخابات، لكونها الضامنة لبقائهم في الحكومة، وتضمن لهم مخرجا من مأزق التدبيري والسياسي الذي وقع فيه العدالة والتنمية، بعد بروز معالم تحالف سياسي، يمكن أن تسنده تحالفات بين القوى الاجتماعية الفاعلة، يسير في اتجاه إزاحة قوى التدين السياسي عبر الانتخابات.

ولهذا استدعى العثماني خطاب المظلومية بقوله، أن “حزب العدالة والتنمية سيدخل إلى المعركة كما دخل من قبل، فنحن اعتدنا التعبئة ضد حزبنا، واستهدافه، ولن يرهبنا الضغط، ونتسلح بالأمل والإيجابية والثقة في الشعب المغربي وفي بلادنا لنمضي إلى الأمام”.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: