تخفيف قيود السفر يبث الروح في شرايين السياحة المغربية

ماموني

استبشر قطاع السياحة المغربي بإعلان الحكومة تخفيف قيود الإغلاق والسماح لحركة السفر والطيران مع مجموعة من دول العالم واستقبال الوافدين من الخارج مع مواصلة الحكومة توسيع حملة التطعيمات ضمن مساعي إعادة الروح إلى شرايين هذا النشاط الإستراتيجي عقب أشهر من الركود.

تترقب أوساط السياحة المغربية انعكاسات قرار الحكومة تخفيف قيود الإغلاق والسفر، والتي يرون أنها ستعمل على إنجاح الموسم الحالي وتدارك ما فاتهم بعدما قطعت السلطات شوطا مهما في تحصين البلاد أمام تفشي الجائحة.

وقررت الحكومة الأحد الماضي، استئناف رحلات الطيران بداية من الثلاثاء المقبل، وذلك بناء على المؤشرات الإيجابية للحالة الوبائية بالبلاد، خصوصا عقب توسيع حملة التطعيمات في كافة المناطق.

وقالت نادية فتاح العلوي وزيرة السياحة في جلسة استماع بمجلس المستشارين، في وقت سابق هذا الأسبوع إن الوزارة عن طريق المكتب الوطني للسياحة وضعت مجموعة من التدابير “لتسريع وتيرة إنعاش السياحة عبر إستراتيجية متكاملة ومتنوعة”.

واعتبرت العلوي أن إطلاق المكتب الوطني المغربي للسياحة آلية للتسويق الجديد ستصبح “أداة حاسمة” في استعادة القطاع عافيته، بعد التداعيات السلبية للجائحة على مجمل النشاط الاقتصادي.

نادية العلوي: وضعنا إستراتيجية شاملة لتسريع وتيرة إنعاش السياحة

ويتوقع المسؤولون أن تساعد الآلية على إنجاح جذب السياح وتمكين كافة مكونات القطاع من فنادق ووكالات الأسفار من استعادة الحيوية التي كانت عليها قبل الأزمة، وذلك بمجرد أن تسمح الظروف الصحية بذلك.

وتحتل صناعة السياحة المغربية، التي تضررت بفعل الأزمة الصحية العالمية، مكانة مهمة ضمن الاقتصاد، فهي تشكل أحد روافد التنمية الشاملة بفضل مساهمتها في خلق الثروة والتي تقدر بنحو 7 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي السنوي، إلى جانب تحقيق القيمة المضافة وإنعاش سوق العمل والحد من الفقر.

وأكد مدير عام المكتب عادل الفقير أن الرباط لا تزال تواصل الاستعدادات لاستقبال السياح في أحسن الظروف، ووفق الاحترام والالتزام التام بالتدابير الصحية، وتهيئة كافة الظروف لتحريك عجلات النشاط مجددا.

ويتوقع العاملون في القطاع أن يكون المغرب إحدى الوجهات الجاذبة هذا الموسم بعد تخفيف قيود السفر العالمي، خاصة بعد قيام الحكومة بتجديد برامج وخطط لأجل إنعاش السياحة الداخلية.

وأطلقت الحكومة عدة مبادرات لإنعاش القطاع مع تقديم الضمانات لإنجاح التجربة. وقالت العلوي إنه سيتم التركيز على الأسواق التي ستخرج “سريعا من هذه الأزمة وسيكون المغرب بالنسبة لها وجهة آمنة وصحية”.

وكان المكتب الوطني المغربي للسياحة قد أطلق حملة ترويج تحت شعار “نتلاقاو فبلادنا” بهدف استمالة المغتربين وأيضا السكان من أجل اكتشاف معالم البلاد بهدف الارتقاء بالسياحة الداخلية أملا في تحقيق عوائد أكبر.

وفي مسعى لإنجاح الموسم، استحدثت السلطات جوازا يسمح لمتلقي جرعتين من اللقاح المضاد لفايروس كورونا، بالتنقل دون قيود داخل البلاد والسفر إلى الخارج، مع السماح بارتياد المناطق الشاطئية، وفتح المسابح في حدود 50 في المئة من طاقة الاستيعاب.

كما قررت المضي في تنظيم مبادرة “مرحبا 2021″، المخصصة لمواكبة التدفق المتزايد للمغتربين المتوقع هذا العام عند عودتهم إلى البلاد في موسم الصيف، ما سيساهم في تعافي النشاط تدريجيا.

Thumbnail

وتظهر الأرقام الرسمية لمديرية الدراسات والتوقعات المالية أن عوائد السياحة تراجعت في العام الماضي بواقع 53.8 في المئة، وهو ما يمثل خسارة بقيمة 42.4 مليار درهم (حوالي 4 مليارات دولار) على أساس سنوي.

وأكد المهنيون والمسؤولون بالقطاع خلال النسخة الثامنة من لقاءات “شامبلان” التي تناقش تطوير هذا النشاط مؤخرا أن السياحة في حاجة ماسة إلى دفعة جديدة وقوية تستجيب لمتطلبات السياحة المستدامة وإرساء الأسس الكفيلة بعودتها سريعا.

وقال حميد بن الطاهر نائب رئيس الكنفدرالية الوطنية للسياحة، أثناء الملتقى إنه “منذ بداية عملية التطعيم بدأت تظهر بوادر الأمل والتفاؤل، والعمل على المحافظة على المساعدات الموجهة لليد العاملة في هذا الميدان”.

عادل الفقير: مستعدون لاستقبال الزوار في أحسن الظروف الصحية

وشدد الطاهر رئيس المجلس الجهوي للسياحة لجهة مراكش-آسفي على أنه متفائل باعتبار أن القطاع سينتعش مرة أخرى ويتجاوز الآثار السلبية لهذه الأزمة.

ويقول أصحاب الفنادق في هذه المدينة إن الفضاءات السياحية في المنطقة على استعداد تام لاستقبال الوافدين عبر تقديم عروض وتخفيضات مشجعة .

ومن المتوقع أن تشهد أغلب المدن السياحية وخاصة أغادير والصويرة ومراكش وطنجة حركية مع عودة الزوار إليها وأن تكون قبلة لتوافد السياح المحليين والقادمين من الخارج.

ورأى فوزي الزمراني، نائب رئيس الكنفدرالية، أن على السلطات العمل على تشجيع السياحة الداخلية بشكل أكبر عبر اتخاذ تدابير ملموسة يمكن أن تفضي إلى خفض أسعار المنتوج السياحي المحلي.

واقترح إعادة النظر في الضريبة على القيمة المضافة، التي تتراوح بين 10 و20 في المئة حتى تساعد في خفض الأسعار، وبالتالي جذب أكبر عدد ممكن من السياح المغاربة.

وتبقى مشكلة قطاع النقل السياحي من أبرز التحديات، فهو في حاجة إلى دعم لاستئناف العمل، خصوصا وأن الأسطول كان في فترة ركود لمدة عامين، وأن الدعم المستعجل سيتم تخصيصه لسداد مستحقات العاملين وصيانة الأسطول.

ودعت الفدرالية الوطنية للنقل السياحي الحكومة إلى استحضار المشاكل، التي ما يزال يتخبط فيها الفاعلون في هذا القطاع، ومساعدتهم على تجاوزها، كخطوة تمهيدية لإعادة الإنعاش السياحي، معتبرة أن القطاع يحتاج إلى التفاتة كي يكون قادرا على المساهمة في إنعاش الحركة السياحية.

ويقول مهنيون إنه رغم كل مساعي الحكومة لبث الروح في القطاع، إلا أن الوقت لازال مبكرا للحديث عن عودة السياحة إلى وضعها الطبيعي قبل الجائحة، حينما حققت البلاد رقما قياسيا في 2019 باستقبال نحو 13 مليون زائر.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: