ألمانيا تستشعر تأثيرات المقاطعة المغربية على مصالحها

ماموني

 بدأت ألمانيا تستشعر انعكاسات تعليق المغرب تعاونه مع السفارة والمؤسسات الألمانية بعد أكثر من ثلاثة أشهر على إعلان الرباط هذا القرار الذي قابلته برلين وسفارتها بالتجاهل والصمت.

ورغم أن المغرب شرح في بيان صادر عن وزارة الخارجية في مايو الماضي أسباب اتخاذ قرار تعليق التعامل إلا أن السفارة الألمانية في الرباط قالت الخميس إن “السلطات المغربية المختصة رفضت تقديم الخدمات لمواطنين ألمان، دون إبداء الأسباب”.

وأضافت السفارة في بيان عبر موقعها الإلكتروني “قام المغرب منذ 1 مارس بتعليق تعاونه مع السفارة والمؤسسات الألمانية من جانب واحد، حيث أُوقفت جميع سُبُل الاتصال مع السفارة، بما في ذلك مصلحة الشؤون القنصلية”.

وقالت الخارجية المغربية، في رسالة إلى أعضاء حكومة بلادها، في 1 مارس الماضي إن المغرب قرر “قطع علاقاته مع السفارة الألمانية بالرباط؛ بسبب خلافات عميقة تهم قضايا مصيرية”.

هشام معتضد: بيان السفارة نتاج التشدد المغربي مع الحكومة الألمانية

وبعد ذلك، في 6 مايو الجاري، استدعى المغرب سفيرته لدى برلين زهور العلوي للتشاور بشأن موقف ألمانيا “السلبي” من قضية الصحراء و”محاولة استبعاد الرباط من مؤتمر برلين حول ليبيا”، بحسب بيان للخارجية.

وفي مطلع يونيو الحالي تم تداول تقارير إعلامية مفادها أن ألمانيا وجهت إلى المغرب دعوة لحضور مؤتمر برلين 2 حول ليبيا، في خطوة قال مراقبون إنها تهدف إلى تخفيف التوتر بينها وبين الرباط.

وتبدو شكوى السفارة الألمانية مظهرا من تشكٍّ ألماني عام، وهو ما يعني أن برلين تريد أن ترسل الرسالة دون أن تكون من الخارجية الألمانية لحرصها على عدم ترك الأمر للتصعيد والوصول إلى أزمة تشبه تلك التي اندلعت مع إسبانيا.

ويقول مراقبون إن قرار المغرب قطعَ التواصل مع السفارة الألمانية قد حقق الهدف بعدما نصحت السفارة الألمانية في الرباط “بشدة” مواطنيها الموجودين في المغرب بعدم تجاوز فترة الإقامة المسموح بها في المملكة دون تأشيرة، وهي 90 يومًا، ودعتهم إلى مغادرة المغرب “في الوقت المناسب” ولو باستخدام الرحلات الخاصة.

وأكد المحلل السياسي المغربي هشام معتضد أن بيان السفارة الألمانية كان نتاج التشدد الذي أبدته الخارجية المغربية تجاه الحكومة الألمانية، خاصة في ما يخص ملف الصحراء.

وأضاف معتضد  أن “الأزمة القائمة والظاهرة بين الرباط وبرلين هي نتيجة تراكم للتجاوزات الألمانية الخطيرة على المستوى الدبلوماسي والميداني تجاه المصالح الحيوية للمغرب، خاصة بعد اعتراف الولايات المتحدة الأميركية بالسيادة المغربية على أقاليمه الجنوبية”.

وتابع “هذا التقارب (بين المغرب والولايات المتحدة) تعتبره ألمانيا تهديدا مباشرا لأطماعها في أفريقيا، وخاصة لخارطة طريق توغلها أفريقيًّا من منطقة الساحل”.

وبالإضافة إلى مواقف ألمانيا المناوئة لوحدة المغرب الترابية وإقصائه من مفاوضات برلين حول الملف الليبي، في يناير الماضي، يعد استقطاب المعتقل السابق في قضايا الإرهاب محمد حاجب واستعماله كأداة ضد مؤسسات وشخصيات مغربية واحدا من أهم عوامل التوتر.

ويرى معتضد أن “الأجهزة الألمانية قامت في العقود الثلاثة الأخيرة بخلق الكثير من المشاكل المركبة والمعقدة للمغرب ووقفت ضد تحركاته في منطقة الساحل وأفريقيا على حساب أعدائه التقليديين ومنافسيه في المنطقة”.

وأوضح “أن هناك لوبيًّا ألمانيّا متحكما في قطاع الصناعة يكن عداء كبيرا للمصالح المغربية؛ لأنه يعتبر أن أطماعه الاقتصادية والتجارية في شمال أفريقيا وجنوبها لا تتقاطع مع التوجه المغربي، ولذلك لا يتوانى في الضغط سياسيا عبر أذرعه الحزبية ولوبياته السياسية من أجل تهديد مصالح المغرب ومحاولة إضعافه في المنطقة”.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: