استراتيجية أوروبية جديدة لإصلاح منطقة شنغن

La rédaction

شكلت الثغرات الأمنية واللوجستية في منظومة شنغن جزءا رئيسيا في ارتفاع منسوب الهجرة غير الشرعية وتنامي العمليات الإرهابية التي أدمت دول الاتحاد الأوروبي. ومن هنا باتت الحاجة إلى إصلاح المنظومة، كي تستجيب للتحديات المطروحة، ملحّة أكثر من أي وقت مضى.

اقترحت المفوضية الأوروبية تشديد نظام تقييمها لمدى امتثال الدول الأعضاء بقواعد شنغن الأربعاء، في إطار استراتيجية تهدف إلى دعم منطقة التنقل الحر وتعزيز أمن الاتحاد الأوروبي الذي يواجه تهديدات إرهابية متصاعدة.

ومن المتوقع أن يتمثل التغير الرئيسي في أن يكون بوسع المفتشين القيام بزيارات مفاجئة للتحقق مما إذا كانت الدول الأعضاء الـ26 الأطراف في اتفاقية شنغن تلتزم بالقواعد من عدمه.

وحاليا، تتلقى الدول إشعارا مدته 24 ساعة لما تسمى بـ”زيارات غير معلنة”. وتحدد قواعد شنغن كيفية مراقبة وعدم مراقبة الحدود.

ومن حيث المبدأ، يتعين أن يكون حوالي 420 مليون شخص يعيشون في منطقة شنغن قادرين على التنقل بحرية مع أدنى حد من عمليات التفيش الحدودية الداخلية.

وهناك اقتراح ثان طرحته يلفا يوهانسن مفوضة الشؤون الداخلية بالاتحاد الأوروبي يتمثل في التحقيق على الفور في ما يشتبه أنها مخالفات خطيرة على الحدود الداخلية أو الخارجية، بدلا من الانتظار للحصول على الضوء الأخضر من الدول الأعضاء.

وقالت يوهانسن “سنتأكد من معالجة أوجه القصور الشديدة على الفور”.

و22 من الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي الـ27 جزء من منطقة شنغن إلى جانب أربع من الدول غير الأعضاء بالاتحاد.

يلفا يوهانسن: سنعالج أوجه القصور الشديدة في منطقة شنغن على الفور

وفي المقابل، تخضع الحدود الخارجية لشنغن لمراقبة صارمة لمنع الهجرة غير المنتظمة ومراقبة التهديدات الأمنية.

وكانت أزمة الهجرة واللاجئين سببا في فرض بعض الدول رقابة صارمة على حدودها الداخلية، فمنذ بداية أزمة موجة اللاجئين عام 2015 وتدفق أكثر من مليون لاجئ إلى أوروبا، اضطرت بعض بلدان الاتحاد الأوروبي لتعليق اتفاقية شنغن كفرض السلطات النمساوية رقابة مشددة على حدودها في يناير 2016.

وشكل التهديد الإرهابي سببا رئيسيا في تشديد إجراءات مراقبة الحدود الداخلية لفضاء شنغن التي أعيد العمل بها إثر الاعتداءات الإرهابية في نوفمبر 2015 في باريس، ومددتها تسع مرات متتالية. وهذا النوع من المراقبة يسمى مراقبة طويلة الأمد ويتم اتخاذها كإجراءات احترازية ووقائية عند تنفيذ عمليات إرهابية.

ولعبت اتفاقية شنغن دورا في السماح بحرية السفر والتنقل داخل دول الاتحاد الأوروبي. واستغل المتطرفون الاتفاقية في حرية الحركة وتنفيذ العديد من الهجمات الإرهابية، حيث أصبحت الاتفاقية تشكل “ثغرة أمنية” تؤرق الأجهزة الاستخباراتية في أوروبا.

ووضعت الثغرات الأمنية اتفاقية شنغن محل الشك، ما أتاح لدول التكتل الأوروبي اتخاذ قرارات فردية بشأن إعادة النظر في تلك الاتفاقية وتشديد مراقبة الحدود الداخلية أو إغلاقها دون أي تعاون أو تنسيق أمني بين باقي الدول الأوروبية.

وبالنظر إلى واقع التطرف في أوروبا نجد أن هناك مخاوف أمنية تتعلق بالإرهاب المحلي والارتفاع الملحوظ في عدد المتطرفين الذين يستغلون حرية الحركة لتنفيذ عمليات إرهابية.

وتتذرع بعض الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي بالمخاوف الأمنية من الإرهاب لتطبيق ضوابط مراقبة مشددة عند الحدود لفترات طويلة.

وكانت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين تحدثت مؤخرا عن استراتيجية جديدة لمستقبل شنغن، في ظل مواجهة الموجة الجديدة من الهجمات الإرهابية التي تضرب الاتحاد الأوروبي.

ودعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى “إعادة صياغة” اتفاقية شنغن لفرض ضوابط أمنية جديدة على أوروبا في أعقاب عدد من الهجمات الإرهابية ضربت مؤخرا فرنسا والنمسا.

وأعلن ماكرون مؤخرا أنه سوف يقوم بتشديد الإجراءات الأمنية على الحدود الفرنسية من خلال مضاعفة أعداد الدوريات العسكرية ورجال الشرطة الفرنسيين.

وبرر ماكرون مطالبه من خلال ربطه بين الإرهاب والهجرة غير الشرعية إلى منطقة شنغن، واصفا تلك المطالب بأنها تشكل تطورا للاستراتيجية الأمنية بعيدة المدى لفرنسا والتي يجرى الإعداد لها منذ عدة سنوات.

المفوضية الأوروبية اقترحت تشديد نظام تقييمها لمدى امتثال الدول الأعضاء بقواعد شنغن، في إطار استراتيجية تهدف إلى تعزيز أمن الاتحاد الأوروبي

ويعتبر فتح الحدود هو حجر الزاوية في اتفاقية شنغن التي ألغت الرقابة على الحدود ما بين الدول الأعضاء في محاولة لتسهيل حرية التنقل للمواطنين الأوروبيين. ومع ذلك فعلى الرغم من النجاح الذي حققته الاتفاقية، إلا أن البعض يرى أن قوانين منطقة شنغن، التي تتكون من 26 دولة أوروبية والتي تلتزم بسياسات حدودية مشتركة، قد أدت إلى تقويض وزعزعة الأمن القومي والجماعي لدول أوروبا من خلال تسهيل حرية التنقل أمام الأفراد الذين قد يشكل بعضهم تهديدا أمنيا بالإضافة إلى المهاجرين غير الشرعيين.

ومع ذلك، يؤكد الخبراء أن العديد من الجهود قد بذلت على مدى السنوات العشر الماضية.

ويقول إيف باسكاو مدير البرنامج الأوروبي لجمعية “ريس ريبوبليكا” “لقد تم إجراء تعديلات على قانون حدود شنغن، كما أنشئت الوكالة الأوروبية لحرس الحدود وبالتالي يوجد إذن إطار قانوني تم تعزيزه بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة”.

وأوضح باسكاو “بالإضافة إلى هذا الإطار القانوني، تضاعفت أعداد الموارد التشغيلية بشكل كبير، مرة أخرى، يتعلق الأمر بمهام بفرونتكس، وبإنشاء فرق التدخل السريع، يمكننا أن نرى هنا أنه في ما يتعلق بالعمليات البشرية وكذلك المالية، فقد تم بذل جهود كبيرة في هذا المضمار”.

وكشفت دراسة أجرتها وكالة حماية الحدود الأوروبية “فرونتكس” في 2019 أنه لم يتم فحص 22 في المئة ممن دخلوا منطقة شنغن ضمن نظام معلومات شنغن.

وتمتلك وكالة فرونتكس حاليا أكثر من 800 موظف وميزانية سنوية تبلغ حوالي 450 مليون يورو.

وكان قد وقع الاتحاد الأوروبي وجمهورية الجبل الأسود في 9 أكتوبر 2019 اتفاق تعاون يسمح لوكالة حماية حدود الاتحاد الأوروبي “فرونتكس” بمساعدة الجبل الأسود على إدارة حدودها المشتركة مع دول الاتحاد من أجل السيطرة على الهجرة. وحظي الاتفاق بموافقة المفوضية الأوروبية.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: