بوادر انفراجة بين الرباط ومدريد رغم قرار القضاء الإسباني بشأن زعيم البوليساريو
La rédaction
أمر العاهل المغربي الملك محمد السادس الثلاثاء بإعادة جميع القاصرين “غير القانونيين” ببعض الدول الأوروبية، فيما اعتبره مراقبون مؤشرا على انفراجة في الأزمة الدبلوماسية بين الرباط ومدريد، رغم موقف القضاء الإسباني من اعتقال زعيم جبهة البوليساريو الانفصالية.
وقالت الحكومة المغربية في بيان رسمي الثلاثاء إن العاهل المغربي الملك محمد السادس يريد “تسوية نهائية” لقضية القاصرين المغاربة الموجودين في وضع غير قانوني في أوروبا.
وكان حوالي 10 آلاف شخص راغبين في الهجرة إلى أوروبا اقتحموا قبل أسبوعين جيب سبتة الخاضع لسيطرة إسبانيا، فيما اعتبرته مدريد محاولة من الرباط للضغط عليها بعد فضيحة استقبالها زعيم جبهة البوليساريو إبراهيم غالي بهوية مزيفة للعلاج.
وكررت الحكومة المغربية “التزام المملكة الواضح والحازم قبول عودة القاصرين غير المصحوبين الذين تم تحديد هويتهم على النحو الواجب”، عازية “بطء” العملية إلى “عوائق بسبب الإجراءات المعقدة في بعض البلدان الأوروبية”.
ويقول المراقبون إن قرار الملك محمد السادس يتضمن شقين، الأول إنساني والثاني بادرة حسن نية، بعد أن أظهرت إسبانيا رغبة كبيرة في طي صفحة التوتر مع المغرب.
وشدد البيان على أن المملكة تحتفظ بالحق في تقديم ردود مناسبة على اتهامات الحكومة الإسبانية، التي لا أساس لها من الصحة، في الوقت المناسب.
واستبق قرار العاهل المغربي تصريحات للحكومة الإسبانية تتحدث عن جهود لإنهاء الأزمة مع المغرب خلال “الساعات القادمة”.
وأعلنت الحكومة الإسبانية في وقت سابق على لسان المتحدثة باسمها ماريا جيسوس مونتيرو، عن رغبة مدريد في عودة العلاقات مع الرباط إلى طبيعتها في “الساعات المقبلة”.
وجاء الموقف الإسباني في أعقاب رفض المحكمة العليا الإسبانية اعتقال زعيم البوليساريو، الذي تم الاستماع إليه في شكويين قدمتا ضده في ملفي “تعذيب” وارتكاب “إبادة”، بحجة أن رافعي الدعوى في قضية جرائم حرب لم يقدموا أدلة تظهر مسؤوليته.
ويعود هذا الاستجواب إلى شكوى تشمل “الاعتقال غير القانوني والتعذيب وجرائم ضد الإنسانية” رفعها عام 2020 فاضل بريكة المنشق عن جبهة البوليساريو والحاصل على الجنسية الإسبانية، والذي يؤكد أنه كان ضحية “تعذيب” في مخيمات اللاجئين الصحراوية في تندوف في الجزائر.
ويعود الملف الثاني إلى العام 2007، وتقدمت به الجمعية الصحراوية للدفاع عن حقوق الإنسان تتهم فيه زعيم الانفصاليين بارتكاب “مجازر إبادة” و”اغتيال” و”إرهاب” و”تعذيب” و “إخفاء” في مخيمات تندوف.
وكان المغرب استبق استجواب القضاء الإسباني لزعيم الجبهة الانفصالية بتوجيه خطاب شديد اللهجة إلى مدريد، أكد فيه أن إسبانيا تتواطأ مع خصومه لتقويض وحدة أراضيه.
واعتبر المغرب الاثنين أن الأزمة “لن تحل بالاستماع” إلى غالي فقط، مشددا على أنها “تستوجب من إسبانيا توضيحا صريحا لمواقفها وقراراتها واختياراتها”. وشددت وزارة الخارجية على أن القضية تشكّل “اختبارا لمصداقية الشراكة” بين البلدين.
وكانت الرباط استدعت الشهر الماضي السفير الإسباني المعتمد لديها للتعبير عن “سخطها” بسبب استضافة بلاده غالي الذي تعتبره “مجرم حرب”، لتلقّي العلاج على أراضيها، فيما قالت وسائل إعلام إسبانية إن مدريد سمحت لزعيم جبهة البوليساريو بدخول التراب الإسباني بهويات مزيفة مرات عديدة.
وفي الوقت الذي تصر فيه الخارجية الإسبانية على أن استقبال غالي كان لدواع إنسانية محضة، ظهرت معطيات جديدة تفند هذه الرواية، مؤكدة أن الرجل سبق له أن دخل التراب الإسباني ست مرات منذ 2018.