العدالة والتنمية المغربي يتنصل من مسؤولية قراراته لأهداف انتخابية

La rédaction

فاجأ حزب العدالة والتنمية الذي يقود الائتلاف الحكومي في المغرب المتابعين بدعوته إلى صيانة الحريات الفردية؛ حيث عكست تلك الدعوة، التي جاءت في سياق تصور الحزب للمرحلة المقبلة مع اقتراب الانتخابات التشريعية والمحلية، محاولته التنصل من المسؤولية.

وحينما قدّم تصوره وعرضه السياسي الذي سيدخل به حملة الدعاية الانتخابية، وذلك في ندوة صحافية، لم يفوت حزب العدالة والتنمية فرصة طرح ملف حرية المعتقلين (على خلفية الاحتجاجات الاجتماعية) وحماية المعطيات ذات الصبغة الشخصية للأفراد، علاوة على المطالبة بصيانة الحريات الفردية، معتبرا أن هذه الأمور تشوش على المزاج السياسي العام.

وأكد الحزب أن “هذا الوضع يطرح عدة تحديات على مستوى ضمان فاعلية منظومة حماية حقوق الإنسان، وعلى مستوى تملك ثقافة حقوق الإنسان لدى القائمين على إنفاذ القانون في ظل التطلع إلى المزيد من الإصلاحات الحقوقية، والمطلوب من بلادنا أن تُقْدِمَ على اقتحام عقبة الجيل الثالث من حقوق الإنسان”.

عمر الشرقاوي: العدالة والتنمية لا يؤمن بضريبة السلطة ويريد امتيازاتها فقط

ورأى متابعون أن هذه الدعوة تكشف عن تنصل الحزب من مسؤوليته باعتبار أنه يقود الائتلاف الحكومي في البلاد.

واعتبر الأستاذ الجامعي والمحلل السياسي عمر الشرقاوي أن “لعبة التهرب من المسؤولية أضحت أمرا مقلقا ومكلفا للوطن، والتنصل من المسؤولية أصبح طاغيا على أفعال ومواقف رئيس الحكومة وحزبه العدالة والتنمية، تجاه قضايا كبرى”، موضحا أنهم “يتخذون أو يساهمون في صناعة القرارات المؤلمة ويلقون باللوم على من حولهم دون تحمل نصيبهم من الكلفة السياسية”.

وشدد الشرقاوي على أن “الحزب الذي يقود الحكومة لا يؤمن بضريبة السلطة بل يرغب في امتيازاتها دون تحمّل تكاليفها، ويسعى أعضاؤه للمناصب الحكومية رغبة في الوجاهة الاجتماعية والمنافع المادية، دون تحمل المسؤولية عن أدائهم”.

ولم تقتصر انتقادات حزب العدالة والتنمية على تعاطي الحكومة مع ملف المعتقلين بل تعدت ذلك إلى انتقاد الوضع الاجتماعي والاقتصادي حيث شدد الحزب على أن ذلك الوضع “يقتضي تحسين وتعميم الحقوق الاجتماعية والاقتصادية، من قبيل الحق في التنمية الاجتماعية والاقتصادية، والحق في البيئة الصحية والحق في الاتصال وحقوق التواصل، والحق في المشاركة في التراث الثقافي والحق في الاستدامة والإنصاف بين الأجيال”.

وأوحى هذا الطرح بأن الحزب لا يتحمل مسؤولية الوضع في الوقت الذي يقود فيه الائتلاف الحكومي ويساهم بقوة في صياغة البرامج التنموية وغيرها، وهو ما دفع بقيادات داخل الحزب إلى انتقاد هذا الطرح.

وتساءل عضو الأمانة العامة للعدالة والتنمية عبدالصمد الإدريسي عن مسؤوليات الحزب في هذا التراجع قائلا “وما هي مسؤوليات الحزب في هذا التراجع الذي نتحدث عنه؟ وما مسؤولية الحكومة؟”، مستدركا “اليوم القضاء مستقل، إن كان هناك معتقل فهل الحكومة هي من اعتقلته؟”.

ويُرجع مراقبون هذا الخطاب الذي بات يعتمد عليه حزب العدالة والتنمية، بالتزامن مع اقتراب الاستحقاق الانتخابي، إلى محاولة الحزب تجسيد دور المظلومية، وهي محاولة لا تستقيم وفقا لهؤلاء المراقبين باعتبار أن الحزب يقود الائتلاف الحكومي.

رشيد لزرق: العدالة والتنمية خرج على التوافق مع شركائه وبات يعيش عزلة سياسية

وقال رشيد لزرق، أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري، إن “العدالة والتنمية خرج على التوافق مع شركائه وبات يعيش عزلة سياسية بعد أن وجه سهام نقده لكل الأحزاب، حيث أن مزايدات العدالة والتنمية للظهور بمظهر المظلومية غايتها التملص من المسؤولية والالتفاف على تقديم مشروعية الإنجاز الحكومي”.

وأضاف لزرق أن “تجربة حزب العدالة والتنمية في تأويل الدستور كذلك كانت أبعد ما تكون عن هاجس تفعيله بمضامينه الديمقراطية التشاركية، حيث يتم الآن رفع الاختيار الديمقراطي كشعار انتخابي، والحال أن العدالة والتنمية لم يكن يأبه لهذا الشعار عندما كان الكل ينتقد تقصير عبدالإله بنكيران وسعدالدين العثماني” .

ويواجه حزب العدالة والتنمية انتقادات أصلا بسبب بعض تحركاته السياسية التي تتعارض مع سياسات وتوجهات الحكومة برئاسة سعدالدين العثماني.

ومن بين تلك التحركات والخيارات التي اتخذها حزب العدالة والتنمية عدم تصويته على قانون القنب الهندي للاستعمالات الطبية، وذلك بعدما هدد الأمين العام السابق عبدالاله بنكيران بالاستقالة من الحزب إن تم التصويت على القانون داخل البرلمان.

وقال سليمان العمراني، نائب الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، في ندوة صحافية بمقر الحزب في الرباط إن “نواب العدالة والتنمية بمجلس النواب لم يصوتوا ضد مشروع القانون المتعلق بالاستعمالات المشروعة للقنب الهندي، إرضاء للأمين العام السابق عبدالإله بنكيران، إنما بسبب قناعاتهم الشخصية”.

وأكد عمر الشرقاوي أن “رئيس الحكومة سعدالدين العثماني وحزبه يريدان أن يرسخا في الأذهان فكرة تشتيت المسؤولية، بمعنى أن القرارات التي مارسها في عودة العلاقات مع إسرائيل أو قانون ‘الكيف’ (القنب الهندي) لا تنبع منه كمؤسسة دستورية، بل هو لا يعدو أن يكون عبدا مأمورا مطيعا أو مجرد رئيس حكومة كما قال سلفه بنكيران ذات يوم”.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: