ألمانيا تراكم مواقفها العدائية مع المغرب بانحيازها لإسبانيا

ماموني

دخلت ألمانيا على خط الأزمة الدبلوماسية بين المغرب وإسبانيا باختيارها الوقوف إلى صف مدريد والانحياز ضد مصالح المغرب، في خطوة تراكم بها برلين مواقفها العدائية ضد المملكة وتزيد من توتير العلاقات معها بدل العمل على التهدئة.

وأعرب وزير الدولة الألماني لشؤون أوروبا مايكل روث عن موقف بلاده بقوله بأنه يجب على الاتحاد الأوروبي ألا يخضع لابتزاز المغرب الذي يستعمل ورقة الهجرة، متهما الرباط باستخدام شبابها ورقة مساومة سياسية.

وفي حوار مع صحيفة “إل باييس” الإسبانية قال المسؤول الألماني إن “الاتحاد الأوروبي يساعد بلدانًا مثل المغرب ببرامج لدعم الشباب وخلق فرص عمل. لكن لديّ انطباع بأن الشباب الذين ليست لديهم آفاق يصبحون ورقة مساومة سياسية للحكام.. هذا مثير للسخرية”.

وأعتبر محمد لكريني أستاذ القانون الدولي والعلاقات الدولية أن “التصريحات الأخيرة لوزير الدولة الألماني ستزيد من تأزيم العلاقات المغربية – الألمانية خصوصا وأن المغرب تبنَّى إستراتيجية وطنية في مجالَي الهجرة واللجوء، سعى من خلالها إلى تسوية وضعية المهاجرين غير الشرعيين، إذ أطلق هذه الإستراتيجية خلال سنة 2014 حيث بلغ عدد طلبات تسوية الوضع المقدَّمة أكثر من 56 ألف طلب، قُبل منها 43 ألفًا”.

محمد لكريني: تصريحات روث تزيد من تأزيم العلاقات المغربية – الألمانية

وأضاف، أن “الأكثر من ذلك أن المغرب أضحى قبلة ومحطة للاستقرار بدل العبور إلى الضفة الأخرى، إذ أن العديد من الشباب الأفارقة في السنوات الأخيرة أصبحوا ينتقلون من منطقة جنوب الصحراء للاستقرار في المغرب ثم ينتقلون إلى أوروبَّا لاحقًا في حال سنحت لهم الفرصة، ويتركَّزون في مجموعة من المدن (كالرباط والدار البيضاء وأكادير وفاس ومكناس وطنجة…) التي يوجد فيها عدد لا بأس به من الجاليات الأفريقية المقيمة بشكل غير قانوني”.

وتأتي تصريحات المسؤول الألماني بعد ما يقارب الشهر من إعلان وزارة الخارجية المغربية استدعاء سفيرة الرباط في برلين للتشاور على خلفية ما وصفها المغرب بـ”مواقف عدائية متراكمة من برلين في انتهاك لمصالح المملكة”.

وقال مراقبون إن الألمان يغطون بموضوع الهجرة رغم أهميته على الأسباب الحقيقية وراء الأزمة مع المغرب كون الأخير يرفض التساهل مع كل الطرق والمحاولات التي تقوم بها برلين للإضرار بمصالحه العليا، وخصوصا في ما يتعلق باحتضان الإرهابي محمد حاجب، ومساعي ألمانيا للوقوف ضد الاعتراف الأميركي الرسمي بالسيادة المغربية على الصحراء، حيث وقفت برلين إلى جانب خصوم المغرب ودعت في ديسمبر الماضي إلى اجتماع لمجلس الأمن الدولي لبحث الاعتراف الأميركي بالسيادة المغربية على الصحراء.

ويعيب المغرب على ألمانيا أنها أدارت ظهرها لدور المملكة في كشف معلومات في غاية الأهمية تنبّه في سبتمبر وأكتوبر سنة 2016 إلى محاولة تنفيذ عملية إرهابية، وبدل التعاون فهي توفر للإرهابي محمد حاجب ذو الجنسية المزدوجة (ألمانية – مغربية) المجال للتحريض على ارتكاب الأعمال الإرهابية ضد المملكة.

وكانت الحكومة الألمانية قد استدعت سفيرة المملكة ببرلين زهور العلوي في مارس الماضي من أجل مشاورات وصفتها بـ”العاجلة”، وذلك بعد قرار المغرب تعليق التعاون مع السفارة الألمانية في الرباط، وكافة أنشطة المنظمات الألمانية في البلاد، ما شكل بداية لسلسلة من القرارات التي عبر بها المغرب عن رفضه لأي نوع من الضغط عليه.

وقرر المغرب قطع العلاقات التي تجمع الوزارات والمؤسسات الحكومية مع نظيرتها الألمانية، بالإضافة إلى قطع جميع العلاقات مع مؤسسات التعاون والجمعيات السياسية الألمانية، بسبب ما اعتبرته الحكومة المغربية خلافات عميقة تهم قضايا المغرب المصيرية.

ولم تستسلم الرباط للضغوط والإغراءات الأوروبية في مجال الهجرة بشكل خاص، حيث تقول الحكومة المغربية إن الجانبين الألماني والإسباني معا لم يقدّرا المجهودات التي يقوم بها المغرب في ملف الهجرة ومراقبتها.

ورفض وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة في تصريحات صحافية إقامة مراكز للاحتجاز واختزال معالجة الهجرة في ذلك الشكل، بالإضافة إلى عدم قبول الرباط بأن تكون دركيا على الحدود الجنوبية لأوروبا.

واعتبر لكريني أن “كل المجهودات التي يبذلها المغرب لا تنفي وجود بعض المشاكل الاجتماعية المتصلة بضرورة توفير فرص شغل للشباب المغاربة الذين يحاولون بين الفينة والأخرى الهجرة نحو الضفة الأخرى، لذلك فالمغرب لن يقبل أي تصريح من قبل دول الاتحاد الأوروبي لأنه ليس دركيا أو شرطيا يشتغل لدى هذا التكتل أو غيره، بل أن مثل هذه الملفات ذات الاهتمام المشترك ينبغي أن تتحمل فيها كل الأطراف المسؤولية بهدف التعاون والتنسيق المشتركين لمواجهة مثل هذه الظواهر”.

و منذ الأسبوع الماضي تواصل السلطات الأمنية على الحدود الوهمية مع مليلية المحتلة ردع محاولات العبور إلى الثغر المحتل والتي ينفذها المهاجرون السريون من حين لآخر، حيث تم رصد تعزيزات أمنية من عناصر حفظ النظام والقوات المساعدة والقوات المسلحة الملكية في إطار مساعي الجانب المغربي لكبح الهجرة غير النظامية إلى مليلية المحتلة.

وأكد صبري الحو الخبير في القانون الدولي والهجرة ونزاع الصحراء، أن “دول الاتحاد الأوروبي ومنها ألمانيا وإسبانيا تبحث عن حارس أمين ومخلص ووفيّ لحدودها الخارجية، وهي تقدّم الثمن الباهظ لمن يحسن التفاوض من موقع القوة والندية، وتدفع الفتات في إطار عقود الاذعان لدول جنوب المتوسط”.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: