تصويت العدالة والتنمية ضد قانون “الكيف” يعمّق أزمة الحكومة المغربية

ماموني

أثار تصويت حزب العدالة والتنمية ضدّ مشروع القانون المتعلق بتقنين القنب الهندي (الكيف) جدلا واسعا داخل البرلمان المغربي، حيث انتقدت أحزاب المعارضة والأغلبية المواقف المتناقضة للحزب الذي يقود الحكومة.

وأكّد رئيس مجموعة العدالة والتنمية داخل البرلمان مصطفى الإبراهيمي أن رئيس الحزب سعدالدين العثماني لم يفرض عليه التصويت بالإيجاب أو السلب على القانون، لأن الفريق لا يشتغل بالتعليمات.

وقال شقران أمام، رئيس مجموعة الاتحاد الاشتراكي بالبرلمان، “إنّ مشروع قانون الكيف جاءت به الحكومة، ويجب أن يلقى دعما من الأغلبية، في حين أن العدالة والتنمية الذي يقود الحكومة صوت ضده، ما يستوجب فتح نقاش بشأنه، متبوعا بأجوبة دستورية وبإصلاحات قانونية تقدم الجواب”، مشددا على أنه “لا يمكن أن نرهن البلاد بمزاجية شخص أو أشخاص”.

وقالت شريفة لموير، الباحثة في العلوم السياسية، “إنّ تصويت حزب العدالة والتنمية بالرفض على مشروع القانون المتعلق بالاستعمالات المشروعة للقنب الهندي (الكيف) ليس موقفا غريبا”.

عبداللطيف وهبي: تصويت العدالة والتنمية ضدّ القانون مخالف للديمقراطية

وأوضحت لموير، في تصريح لـها ، أن الحزب معروف بازدواجية الموقف واللعب على الحبلين، خاصة وأن التوقيت يعرف بدء الاستعدادات للمحطة الانتخابية المقبلة، وللمحافظة على قاعدته الانتخابية يريد الحزب عدم تحمل مسؤولية تمرير المشروع.

وسبق لرئيس الحكومة سعدالدين العثماني أن اقترح على أعضاء حزبه عدم التصويت ضد مشروع القانون، وعقد عددا من الاجتماعات مع المؤثرين داخل الحزب لإقناعهم بالتصويت لفائدة المشروع.

ويقول مراقبون إنه بتصويت الفريق النيابي يبدو أن العثماني حتى بعد تلويحه بالاستقالة من قيادة الحزب فشل في ثني صقور العدالة والتنمية، ومنهم رئيس فريق الحزب داخل البرلمان، عن الابتعاد عن المواقف الجدية ما يعزز طرح الانقسامات التي يعرفها الحزب في عدد من القضايا ويزيد من تصدعه داخليا.

وشهدت الأمانة العامة للعدالة والتنمية انقساماً كبيرا بخصوص هذا الموضوع، إلى حدّ تهديد بعض أعضائها بالاستقالة في حالة تبني موقف غير معارض للقانون. وترى شريفة لموير أن هذا التصويت لن يكون له تأثير كبير داخل الحزب لأن حزب العدالة والتنمية هو امتداد لحركة التوحيد والإصلاح وشيوخ الحركة هم الذين يقررون التوجه السياسي للحزب.

وصوّت أعضاء البرلمان الأربعاء بالأغلبية على مشروع قانون يتعلق بالاستعمالات المشروعة للقنب الهندي، في حين صوتت مجموعة العدالة والتنمية على المشروع بالرفض، وذلك بحضور وزير الداخلية.

وفي رصد تفاعل الأحزاب المغربية مع تصويت العدالة والتنمية ضد مشروع القانون اعتبر عبداللطيف وهبي، الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، أن تصويت فريق الحزب الذي يقود الحكومة ضد تقنين زراعة القنب الهندي مخالف للمعايير والمساطر الديمقراطية.

وأوضح وهبي خلال جلسة لمناقشة مشروع القانون والتصويت عليه أنه لا يمكن أن يأتي رئيس الحكومة بقانون في مجلس للحكومة وبقرار سيادي لمؤسسة دستورية، ثم يرفض حزبه هذا القانون، معتبرا هذا السلوك إشكالا دستوريا.

واستهجن حزب التقدم والاشتراكية التصويت المُتضارب والمُتناقض لمكونات الأغلبية الحكومية على مشروع القانون المتعلق بالاستعمالات المشروعة للقنب الهندي، رغم أن النص مَصدَرُهُ الحكومةُ بإجماع مكوناتها السياسية.

وأبرز  حزب التقدم والاشتراكية المعارض أن ما جرى في مجلس النواب هو تأكيد صارخٍ على ضعف الأغلبية الحالية وتفكّكها وعدم انسجامها وانفراط عقدها، وهو ما كان يقتضي من كل المعنيين بهذا التضارب استخلاص العبر السياسية الضرورية في الموضوع، تفاديًا لتعميق أزمة الثقة التي يشهدها الفضاء السياسي بالمغرب، وتجنبا لإقرار سابقةٍ خطيرة يمكن أن تتكرر في أيِّ تجربةٍ حكومية.

وتساءل برلمانيّون عمن له المصلحة في تعطيل هذا المشروع، وهو ما دفع شريفة لموير إلى القول “إن الائتلاف الحكومي مشكل من أغلبية غير منسجمة يطبعها عدم الثقة وعدم الثبات على موقف موحد”، متوقعة أن المصالح ذاتها التي جمعته سابقا تفرقه اليوم قبل المرحلة الانتخابية المهمة التي يشهدها المغرب.

لذلك تقول الباحثة في العلوم السياسية إن تداعيات تصويت حزب العدالة والتنمية ضد مشروع قانون الكيف سوف تحكمها رهانات بعيدة عن المشروع في حد ذاته وأكثر ارتباطا بالمرحلة الانتخابية التي سيعرفها المغرب هذه السنة.

واعتبرت المعارضة أن استمرار الوضع على ما هو عليه اليوم سيشكل “استمرارا للخوف والرعب والمتابعات القضائية في حق المزارعين، وإبقاء لوضع قائم مطبوع بالإقصاء والتهميش، وهدرا للزمن الاقتصادي والاجتماعي والحقوقي”.

المعارضة تعتبر أن استمرار الوضع على ما هو عليه اليوم سيشكل استمرارا للخوف والرعب والمتابعات القضائية في حق المزارع

من جهته أبرز عبداللطيف وهبي أن عدم التقنين يخدم مصلحة أباطرة المخدرات، فهذا المشروع لا يخدم مصلحتهم، لذلك لا يريدونه، وحاربوه واستعملوا العلاقات والأموال كي لا يمر في البرلمان، في حين يأمل الفقراء من المزارعين أن تتم المصادقة عليه.

وانتقد وهبي تصوير العدالة والتنمية للقانون على أنه قنبلة ستنفجر في وجه الشباب، مبرزا أن “الهدف هو تحويل هذه الزراعة للاتجاه الصحيح الذي هو الدواء”، وتساءل “ما هو الحل البديل الذي تم تقديمه؟”.

وساق فريق العدالة والتنمية عددا من المبررات لإسقاط القانون، منها أن القنب الهندي له تداعيات خطيرة على البيئة والإنسان، حيث يستنزف الطبقة المائية والتربة والغطاء الغابي، ويهدد الحيوانات بالانقراض.

لكن عبداللطف وهبي انتقد اعتماد البيجيدي في رفضه للمشروع على المعطيات البيئية، وعلى رأسها استنزاف الطبقة المائية، متسائلا عن أنواع الفلاحة الأخرى التي تستنزف الطبقة المائية كـالدلاح والحوامض وغيرهما، والتي لا يتحدث عنها أحد ولا توجد مهمات استطلاعية بخصوصها.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: