هيكلة جديدة لقنوات القطاع العمومي في المغرب لمصالحتها مع الجمهور

La rédaction

أعلن المغرب جمع القنوات التلفزيونية العمومية في شركة قابضة ضخمة ضمن خطة وطنية تهدف لإنتاج محتوى إعلامي يستقطب الشباب وتقريب الإعلام من الناس، والتسريع في التحول الرقمي والتكنولوجي، إضافة إلى الحفاظ على تمويل القطاع السمعي البصري الوطني.

أعلن وزير الثقافة والشباب والرياضة المغربي عثمان الفردوس عن ولادة شركة إعلامية قابضة عمومية ضخمة، تضم جميع وسائل الإعلام المملوكة للدولة وفق هيكلة جديدة لقنوات القطاع العمومي، لتحسين جودة الإنتاج الإعلامي الوطني وخلق هوامش جديدة للتمويل والتنمية.

ويضم الهيكل الإعلامي الجديد الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزيون المكونة من ثماني قنوات عمومية، والقناة الثانية، وقناة “ميدي 1” التي تعتبر ملكية مشتركة للحكومة والقطاع الخاص. ويأتي ذلك في إطار “خارطة الطريق 2024” وضمن استراتيجية تنمية القطاع السمعي البصري العمومي المغربي.

و”الشركة القابضة” هي أحد الأشكال القانونية للشركات، ولا تمارس أنشطة إنتاجية أو خدمية بشكل مباشر، وإنما تتملك شركات أخرى كليا أو جزئيا، مقابل الحصول على أرباحها أو جزء منها، باعتبارها مساهما.

وقال الفردوس في عرض قدمه أمام لجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب المغربي، إن هيكلة هذا القطاع ستتم وفقا لمنطق يسمح لمساهم الدولة بإدارة ممتلكاته بشكل استراتيجي طبقا لرؤية متكاملة.

وسيتم التعاقد بين الدولة والشركة الوطنية للإذاعة والتلفزيون من خلال برنامج متوازن يتضمن خطة دعم مفصّلة بالتزامن مع تحديث دفاتر الشروط، وتخفيف القيود الاقتصادية عندما يكون ذلك ممكنا، وكذلك التكيّف مع التطورات التكنولوجية.

وتتضمن الخطة تقديم مشروع تعديل النظام القانوني والتنظيمي للقطاع السمعي البصري، وتشجيع الشركات الصغيرة والمتوسطة على استخدام الإعلانات السمعية البصرية لتقوية العلامات التجارية الوطنية، بالإضافة إلى إرساء سياسة المنافسة والمنصات الرقمية، واعتماد نظام ضريبي قطاعي أكثر عدلا وفعالية.

90في المئة من المغاربة اعتبروا التلفزيون العمومي أفضل مصدر للمعلومة الصحيحة خلال الجائحة.

وكشف الفردوس الذي تشرف وزارته على قطاع الاتصال، في النشرة الإخبارية للقناة المغربية الأولى، أن مشروع هيكلة القطاع العمومي بدأت دراسته منذ سنوات، إلا أن تداعيات جائحة كورونا عجّلت بإخراجه إلى النور، وأن من أهدافه الرئيسية “الجودة الإعلامية فردا وعائلة، وتحقيق إعلام قريب من تطلعات الجمهور المغربي”.

واعتبر الوزير أن الجائحة شكلت تهديدا لنمط الاستهلاك السمعي البصري المغربي، وخلقت تغييرات كبيرة أثرت على الموارد الإعلانية، لكنها بالمقابل كشفت عن حاجة المواطن للقطاع العمومي، إذ لجأ المغاربة إلى قنواته بحثا عن المعلومات الموثوقة.

وأشار إلى ما اعتبره “مصالحة المواطنين مع القطب العمومي حيث أصبح التلفزيون العمومي عضوا في العائلة خاصة خلال الجائحة حيث تجاوزنا 4 ساعات ونصف من المشاهدة يوميا”.

واستنادا إلى بحث للمندوبية السامية للتخطيط، فإن 90 في المئة من المغاربة اعتبروا التلفزيون العمومي المغربي كان أفضل مصدر للمعلومة الصحيحة في الشهور الماضية.

وسيتم إنشاء الشركة القابضة الجديدة بشكل تدريجي، وأضاف الفردوس أن المشروع “جاء في ظل الانخفاض الكبير في موارد القنوات لصالح المنصات الرقمية”.

ويستخدم 84 في المئة من المغاربة تطبيق واتساب و15 مليونا إنستغرام، ما انعكس سلبا على القنوات الوطنية، حيث سُجّل انخفاض في موارد القناة الثانية من الإعلانات، وهو ما ساهم في ارتفاع ديونها.

وتستحوذ المنصات الرقمية “gafa” على 80 في المئة من سوق الإعلانات، وتؤثر على النموذج الاقتصادي لقطاع الإعلام العمومي بالمغرب.

وبحسب أرقام رسمية لعام 2018، فإن حصة التلفزيون من سوق الإعلانات كانت تشكل 37 في المئة وهي تتجه في منحى تنازلي بسبب المنافسة التي تفرضها المنصات الرقمية العالمية.

وأعرب الفردوس أن “سوق الإعلان الوطني هو سوق بطيء وبه عدد محدود جدا من المعلنين، بالإضافة إلى زيادة في الحصة الاستثمارية الإشهارية المخصصة للوسائل الرقمية والتي تجاوزت نسبة الـ80 في المئة”.

وأشار الوزير إلى أن مشروع إعادة هيكلة القطب الإعلامي العمومي هو قيد الإنجاز والدراسة، مؤكدا “أنه مشروع كل المغاربة وليس فقط قطاع الاتصال أو الاقتصاد”.

وفي ما يتعلق بالقطاع السمعي البصري العمومي، يراهن المسؤولون المغاربة على رضا الشباب باعتبارهم جمهور الغد، وتسعى الاسترتيجية الجديدة إلى استقطاب هذه الشريحة الأساسية من الجمهور.

وتتمثل هذه الاستراتيجية في إنتاج محتوى إعلامي أفضل من خلال التطوير المستمر، والتركيز على إعلام قريب من الناس، وتسريع التحول الرقمي والتكنولوجي، إضافة إلى الحفاظ على تمويل القطاع السمعي البصري الوطني وترشيد تدخل الدولة لتجديد رأس المال.

”الشركة القابضة” هي أحد الأشكال القانونية للشركات، ولا تمارس أنشطة إنتاجية أو خدمية بشكل مباشر، وإنما تتملك شركات أخرى كليا أو جزئيا، مقابل الحصول على أرباحها

ومن شأن الشراكة بين القطاعين العام والخاص أن تعزز القدرة على الابتكار، حيث تم إجراء دراسة لتحديد حالة السوق واتجاهات الاستثمار في القطاعات الثلاثة وفهم احتياجات وتوقعات المستخدمين المحتملين للمنطقة.

وأكد محمد بنشعبون وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، أن مشروع إنشاء قطب عمومي في القطاع السمعي البصري يتماشى مع إطلاق ورش إصلاح عميق للمرفق العمومي بصفة عامة، والمؤسسات العمومية بصفة خاصة، بهدف خلق تكامل وانسجام بين هذه المؤسسات وتجويد الخدمات المقدمة.

وأشار بنشعبون في تصريح للقناة الأولى إلى أن إنشاء قطب عمومي في القطاع السمعي البصري سيمكن من تقريب ثلاث شركات هي الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزيون، إضافة إلى شركتي صورياد دوزيم وميدي إن تيفي.

وأوضح أن “هذا التقارب سيمكننا من تحقيق مجموعة من الأهداف يمكن تلخيصها في مواكبة التحول الرقمي في المجال السمعي البصري، ومنافسة القنوات الفضائية، وإتاحة هوامش جديدة للشركات للاستعمال المشترك للبنيات التحتية والوسائل المتاحة لكل من هذه الشركات من أجل تقديم برامج متعددة لكل شرائح المجتمع”.

وخلال العامين الأخيرين تميزت البرامج التلفزيونية الناجحة بكونها برامج من إنتاج مغربي 100 في المئة، ما يشجع على اعتماد المنتوج المحلي.

وتوقف سليم الشيخ المدير العام لشركة “صورياد القناة الثانية” عند احترام الأهداف والخطط البرامجية للقناة الثانية والقناة الوطنية لعام 2020، ودور القناة خلال جائحة كوفيد – 19، والتنوع المجالي والثقافي واللغوي.

وأشار أمام لجنة بالبرلمان عقدت الثلاثاء إلى مكانة البرامج بالأمازيغية ضمن شبكة القناة الثانية، وانخراط القناة لفائدة المناصفة والنوع، وتقييم برامج رمضان 2021، بالإضافة إلى تطوير النشرات الإخبارية وتعزيز البرامج الحوارية، ودعم الإنتاج السمعي البصري والسينمائي والمسرحي الوطني.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: