لم تتأخر الجزائر كثيرا في التعبير عن رفضها لتغيير الحكومة بالقوة في الجارة مالي، في خطوة توحي باستشعارها لخطر فقدان دورها هناك خاصة أن البلاد تقود لجنة متابعة اتفاق السلام بين الحكومة المركزية في باماكو ومسلحي الحركات الأزوادية (طوارق) شمالي مالي.
وقال بيان لوزارة الخارجية الجزائرية الثلاثاء “نرفض تغيير الحكومة بالقوة في مالي”، مجددة دعمها للرئيس الانتقالي باه نداو الذي اقتاده جنود الاثنين مع رئيس الوزراء إلى معسكر قرب باماكو.
وجاء في البيان أيضًا “تتابع الجزائر بقلق بالغ التطورات الأخيرة في جمهورية مالي، وتؤكد رفضها القاطع لأي إجراء من شأنه تكريس تغيير الحكومة بالقوة”.
وأضاف أن الجزائر الدولة الحدودية مع مالي “تؤكد دعمها للسلطات الانتقالية بقيادة رئيس الدولة باه نداو” من أجل العودة إلى النظام الدستوري.واقتاد جنود ماليون الاثنين كلا من الرئيس الانتقالي في مالي باه نداو ورئيس الوزراء مختار وان إلى معسكر كاتي قرب باماكو احتجاجا على تعديل حكومي أجرته السلطات الانتقالية. وساعات قبل ذلك رحب وزير الخارجية الجزائري صبري بوقادوم بـ”التقدم المشجع الذي تم إحرازه لضمان الأداء الكامل للهيئات الانتقالية” في مالي، وذلك خلال ترؤسه للاجتماع الوزاري لمجلس السلم والأمن الأفريقي. ودعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في تغريدة الاثنين إلى “الهدوء” في مالي و”الإفراج غير المشروط” عن المسؤولين المدنيين، بينما أشار دبلوماسيون إلى احتمال أن يعقد مجلس الأمن اجتماعا طارئا حول الوضع في مالي خلال أيام.
وجرت هذه الأحداث بعد ساعات على إعلان حكومة جديدة لا يزال الجيش يهيمن عليها ولكن استُبعِد منها ضباط مقربون من المجلس العسكري الذي استولى على السلطة بعد انقلاب 2020.
والأوضاع في باماكو تكتسي أهمية خاصة لدى الجزائر في ظل التهديدات الأمنية التي تشكلها الجماعات الجهادية الناشطة في مالي، علاوة على أنها تقود جهودا لحلحلة الأزمة التي تعرفها مالي.
وفي 2014 احتضنت الجزائر المفاوضات بين الطرفين، حيث توجت بتوقيع اتفاق سلام في يونيو 2015 في ما عُرف بـ”مسار الجزائر”.
ولكن تراجع بعد ذلك الدور الجزائري قبل أن تحاول السلطات استعادة زمام الأمور في الجارة مالي في ظل تعاظم دور قوى إقليمية ودولية أخرى على غرار فرنسا ومنظمة الإيكواس (المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا)، لاسيما بعد انقلاب العسكر على سلطة الرئيس السابق إبراهيم أبوبكر كايتا.