يواصل زعيم جبهة البوليساريو الانفصالية إبراهيم غالي الإفلات من ملاحقة قضائية في إسبانيا، إثر امتناعه عن المثول أمام المحكمة الإسبانية العليا، في خطوة تحرج حسب مراقبين مدريد التي لم تحسن التعامل مع الموضوع الذي تحول إلى قضية خلافية مع المغرب.
رفض زعيم البوليساريو إبراهيم غالي تسلم استدعاء من المحكمة الإسبانية للمثول أمامها لسماع اتهامات ستوجه له في قضية تتعلق بارتكاب جرائم حرب كان قدمها ضده نشطاء من إقليم الصحراء يتهمونه بالاختطاف والتعذيب. وتعلل في رفضه بالحصانة وبكونه يحمل جواز سفر جزائريا.
وقال مراقبون إن تعلل غالي بامتلاكه جواز سفر جزائريا يؤكد أن الجزائر هي من كانت وراء تهريبه إلى إسبانيا تحت اسم مزور، وهذا من شأنه أن يحرج مدريد التي تعاملت مع الموضوع باستخفاف منذ البداية قبل أن يتحول إلى قضية خلافية مع المغرب.
وكشفت وثيقة محكمة اطلعت عليها رويترز الأربعاء أن المحكمة الإسبانية العليا استدعت زعيم جبهة البوليساريو إبراهيم غالي للمثول أمامها في الأول من يونيو لكنه امتنع عن التوقيع على الاستدعاء.
وقال مصدر قريب من التحقيق الجنائي إنه قد لا يمثل أمام المحكمة لأنه ربما يحمل جواز سفر دبلوماسيا جزائريا، مما قد يعطيه حصانة. وفي رواية ثانية حسب الوثيقة امتنع غالي عن التوقيع على الاستدعاء قائلا إنه يتعين عليه الرجوع إلى السفارة الجزائرية أولا.
مصطفى الرميد: إسبانيا فضلت علاقتها بالبوليساريو على علاقتها بالمغرب
وزعيم البوليساريو البالغ من العمر 73 عاما مطلوب لدى المحكمة المختصة في جرائم التعذيب والاغتصاب والاعتقال القسري والخطف بإسبانيا. ومن أبرز القضايا المرفوعة ضده نجد قضية الفاضل بريكة، أحد عناصر البوليساريو، الذي يتهمه بالاختطاف التعسفي والاعتقال والتعذيب.
وقال بريكة إنه تعرض هو ومدونان آخران، هما محمود زيدان ومولاي عبا بوزيد، “لاستغلال جسدي ونفسي إثر انتقادهم الخروقات الخطيرة لحقوق الإنسان واستغلال قياديّي الجبهة الانفصالية لبؤس سكان المخيمات لخدمة مصالحهم الشخصية”. وأضاف أن جسده لا يزال يحمل علامات التعذيب الذي تعرض له خلال الأشهر الخمسة الأخيرة من عام 2019.
وكانت الجمعية الصحراوية لحقوق الإنسان طلبت من القضاء الإسباني الاستماع إلى زعيم جبهة البوليساريو غالي “لارتكابه جرائم ضد الإنسانية منها الاغتصاب والتعذيب وجرائم الحرب، ما دام يوجد على الأراضي الإسبانية”. وذكرت إسبانيا أنها وافقت على السماح بعلاج غالي في لوجرونو بشمال إسبانيا “كبادرة إنسانية”.
ويعتقد المراقبون أن وجود غالي في إسبانيا تحول إلى قضية لم يعد بإمكان مدريد ولا الجزائر تطويقها، وأن هذا يصب في فائدة المغرب الذي ضغط بقوة للاحتجاج على وجود زعيم البوليساريو في إسبانيا، وأربك المسؤولين الإسبان وأظهرهم في صورة من لا يلتزم بالتنسيق الأمني التام بين البلدين، وقد ظهر هذا جليا في أزمة المهاجرين.
ويرى هؤلاء المراقبون أنه لم يعد أمام إسبانيا سوى المرور إلى خطوات عملية؛ فإما محاكمة غالي بصفة جدية اعتمادا على القضايا المرفوعة ضده أو تسليمه للمغرب أو طرده في أقرب وقت، وأن تأخذ مستقبلا بجدية أكبر حساسية الرباط تجاه موضوع البوليساريو والوحدة الترابية للمغرب حتى لا يتكرر التوتر مجددا.
وقبل أزمة الحدود هذا الأسبوع حذرت السلطات المغربية إسبانيا من تداعيات وجود غالي على أراضيها بجواز سفر جزائري مزور واسم مستعار.
وفي وقت متأخر من مساء الثلاثاء قال المصطفى الرميد، وزير الدولة لحقوق الإنسان في الحكومة المغربية، إن الرباط لديها مبرر لتخفيف القيود على الحدود هناك احتجاجا على قبول إسبانيا علاج غالي في أحد مستشفياتها.
مراقبون يرون أنه لم يعد أمام إسبانيا سوى المرور إلى خطوات عملية؛ فإما محاكمة غالي بصفة جدية اعتمادا على القضايا المرفوعة ضده أو تسليمه للمغرب
وقال الرميد الثلاثاء إن المغرب من حقه “أن يمد رجله” بعد قرار استقبال إبراهيم غالي زعيم جبهة البوليساريو بمستشفى في إسبانيا. وكتب على فيسبوك “ماذا كانت تنتظر إسبانيا من المغرب، وهو يرى أن جارته تؤوي مسؤولا عن جماعة تحمل السلاح ضد المملكة؟”.
وأضاف “يبدو واضحا أن إسبانيا فضلت علاقتها بجماعة البوليساريو وحاضنتها الجزائر على حساب علاقتها بالمغرب… المغرب الذي ضحى كثيرا من أجل حسن الجوار، الذي ينبغي أن يكون محل عناية كلا الدولتين الجارتين، وحرصهما الشديد على الرقي به”.