المغرب: التقدم في التطعيم الجماعي واستقرار الحالة الوبائية يشجعان على التخفيف التدريجي من القيود الاحترازية

أردان ماجدة

أوصت “اللجنة العلمية والتقنية لكوفيد 19” في المغرب بالتخفيف التدريجي والحذر من القيود الاحترازية التي فرضتها الجائحة، لمنح فرصة استعادة ممارسة الأنشطة الاقتصادية التي تضررت كثيراً من الحالة الوبائية ومن حالة تمديد حالة الطوارئ طيلة الفترة الماضية.
وأرجعت تلك التوصية إلى التقدم الحاصل في التطعيم الجماعي وكذا الاستقرار المسجل في الحالة الوبائية. وإلى حدود مساء أول أمس، بلغ عدد المستفيدين من الجرعة الأولى من اللقاح 6 ملايين و458 ألفاً و947 شخصاً. أما عدد المستفيدات والمستفيدين من الجرعة الثانية فبلغ 4 ملايين و542 ألفاً و426 شخصاً.

تطعيم فئات عمرية جديدة

يأتي ذلك موازاة مع استعداد المغرب لاستقبال مليونين و500 ألف حقنة من اللقاح الصيني “سينوفارم” خلال الأيام القليلة المقبلة، بعدما تسلم الأسبوع الماضي حوالي 650 ألف حقنة من لقاح “أسترازنيكا” في إطار مبادرة “كوفاكس” التي تشرف عليها منظمة الصحة العالمية. وستسمح هذه الإمدادات الجديدة بتوسيع قاعدة المستفيدين من الحملة الوطنية للتطعيم، على أساس أن تشمل قريباً فئات عمرية جديدة، ابتداء من 40 سنة، ما يمهد للرفع من نسبة المناعة الجماعية ضد الفيروس، وفق ما أوردت أمس صحيفة “الصحراء المغربية”.
وأضافت أن الاختصاصيين في الأوبئة والفيروسات يرجون عدم تحقق توقعاتهم بخصوص تسجيل بعض الارتفاع في عدد الإصابات بفيروس “كوفيد 19” خلال 15 يوماً المقبلة، واكتشاف حالات عدوى داخل بعض المدن الجديدة، بسبب حركية التنقل التي شهدتها فترة عيد الفطر، إذ توجهت بعض الأسر إلى مدن مختلفة إما للسفر أو لزيارة عائلاتها.
ويحذر خبراء من عواقب انتشار الطفرة البريطانية للفيروس في جهات مغربية وانتشار الطفرة الهندية في مدينة الدار البيضاء، ما يستوجب الحذر واليقظة من وقوع أي انفلات وبائي متوقع خلال الأيام المقبلة، لصون مكتسب استقرار الوضعية الوبائية للفيروس قبل فترة عيد الفطر.
ونقل المصدر عن الدكتور سعيد عفيف، عضو اللجنة العلمية والتقنية للقاح، قوله إن السلطات المغربية تتبنى برنامجاً محكماً للتصدي للوباء، ما مكن من خفض عدد الحالات الحرجة من المصابين داخل أقسام الإنعاش والعناية المركزة، الشيء الذي سمح بفتح هذه الأقسام في وجه المرضى الآخرين، سواء للمستفيدين من العمليات الجراحية المبرمجة أو للاستشفاء من أجل أمراض غير “كوفيد 19”.
وقال الدكتور الطيب حمضي، الباحث في السياسات والنظم الصحية، إنه بتوسيع فئة المستهدفين من حملة التطعيم سيسيطر المغرب على الوباء، مشيراً إلى أن الوصول إلى 40 سنة من المستفيدين من اللقاح سيخفض نسبة الوفيات، واستدرك بالقول إن تسجيل انخفاض في حالات الوفيات لا يعني مطلقاً التخلي عن الإجراءات الاحترازية إذا لم نحترمها سيصبح لدينا انفلات وبائي.
وتحدث عن أهمية قرار وزارة الصحة القاضي بتوسيع الاستفادة من عملية التطعيم لتشمل المواطنين الذين تتراوح أعمارهم بين 45 و50 سنة. وأضاف في تصريحه لصحيفة “الصحراء المغربية” إن حملة التطعيم في المغرب مثل باقي الحملات الموجودة في العالم بكامله، لها ثلاث مراحل، مؤكداً المرحلة الأولى، همت حماية الأشخاص الذين يوجدون في الصفوف الأمامية، ثم كان هدفها التقليل من الوفيات والحالات الخطيرة. وأما المرحلة الثانية، فقد كان هدفها التحكم في الفيروس وانتقاله في البلاد عن طريق التطعيم، بينما رسم للمرحلة الثالثة هدف تحقيق المناعة الجماعية.
وأوضح الطبيب نفسه أنه بتوسيع فئة المستهدفين إلى الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 45 و50 سنة، سنسيطر على الوباء، وأنه عندما نصل إلى فئة 40 سنة سنكون أنهينا المرحلة الأولى وهي خفض نسبة الوفيات وهذا أمر مهم جداً.
وتحت عنوان “تباشير لتخفيف القيود”، أفادت مصادر مطلعة أنه من المنتظر أن تتخذ حكومة سعد الدين العثماني، بحر الأسبوع الجاري، إجراءات جديدة تواكب الوضعية الوبائية شبة المستقرة في المغرب، الغاية منها تخفيف القيود بشكل تدریجي.
وأوضحت أن من بين هذه الإجراءات رفع القيود عن التنقل بين المدن والأقاليم بشروط معينة، وهي الإدلاء بشهادة التطعيم كشرط للتنقل بحرّية بين المدن بالنسبة للفئة التي استُهدفتْ من التطعيم ضد “كوفيد 19″، أي من 45 سنة فما فوق، وكذلك توفر الراغبين في التنقل بين المدن على تراخيص من الإدارات المحلية في مدن الإقامة، تشير إلى أسباب التنقل والحيز الزمني، وهذا يخص الفئة التي لم يتم بعد استهدافها في حملة التطعيم، مع ضرورة توفرهم على وثيقة الفحص السلبية لأقل من 48 ساعة أو وثيقة طبية تثبت الإصابة بكوفيد 19 والعلاج منه.
وأشار المصدر نفسه إلى أنه من المرتقب، أيضاً، تمديد أوقات العمل بالنسبة للمقاهي والمطاعم، مع العلم أنه لم يحسم بعد في توقيت الإغلاق، وإن كان الاتجاه العام يسير نحو العاشرة ليلاً، ويستمر إلى الساعة الخامسة صباحاً، حسب المصادر نفسها، مع التزام أصحاب المقاهي والمطاعم بجميع الإجراءات الاحترازية التي سبق أن سطرتها الحكومة، أي استقبال الزبائن شريطة عدم تجاوز 50 في المئة من الطاقة الاستيعابية، بالإضافة إلى الحرص على احترام المسافة القانونية بين الطاولات، وعلى أن لا تجمع الطاولة بين ثلاثة أفراد واستعمال الكمامات بالنسبة للعاملين على وجه الخصوص، فضلاً عن السماح لأصحاب قاعات الحفلات باستئناف أنشطتهم بشروط محددة.
وذكرت نفس المصادر أن وزارة الصحة المغربية طلبت من اللجنة العلمية والتقنية لتدبير جائحة “كورونا” تقديم تصورها بشأن عملية فتح الحدود أمام السياح ومغاربة العالم، ونقلت عن مصدر من اللجنة قوله إنه لم يقع الحسم بعد في التدابير المتخذة قبل فتح المملكة لأجوائها مع اقتراب العطلة الصيفية.
وعبر مصدر من اللجنة الاستشارية عن تخوفه من دخول سلالات متحورة إلى المغرب، مشيرا ًإلى أن عدداً من المسافرين يأتون من دول تعرف انتشاراً للسلالة الهندية؛ وهو ما يقتضي إجراء فحوص دقيقة في مطارات المغرب للتأكد من خلو المسافر فعلاً من الوباء مع فترة حجر صحي، كما تفعل عدد من البلدان.
ولم يحسم بعدُ في مسألة فتح الحدود أمام المستفيدين من التطعيم، دون خضوعهم لأي إجراء وقائي في المغرب. وتشترط بعض الدول حجراً صحياً إلزامياً مدته عشرة أيام مع إمكانية الخروج من المنزل بتصريح، فيما يتعرض المخالفون لهذا الإجراء لغرامات مالية.
أما المغاربة فهم يستنكرون، استمرار “الصمت الحكومي” حول تخفيف إجراءات الحجر الصحي، رغم تحسن الوضعية الوبائية. وتطرقت إلى تجدد مطالب العاملين في قطاع المطاعم والمقاهي، بعد توقفهم عن العمل طيلة شهر رمضان وإغلاق محالّهم قبل الساعة الثامنة مساء.

مطالبات بالحسم في قرار الحجر الصحي

وأفادت أن العديد من مهنيي القطاع المذكور يطالبون الحكومة بالحسم في قرار الحجر الصحي، بعدما كانت قررت تشدید إجراءات الإغلاق الليلي في رمضان وخلال عطلة عيد الفطر، ونقلت عن “الائتلاف الوطني لمهنيي المطاعم والمقاهي” قوله إن الحكومة مطالبة بتخفيف الإجراءات الاحترازية الخاصة بجائحة كورونا ورفع حظر التنقل الليلي، وذلك بتمديد ساعات فرض حظر التنقل الليلي إلى 11 ليلاً عوض 8 مساء، لتعويض فترة الركود الذي واجهة القطاع خلال شهر رمضان المبارك.
ونقلت المصادر ذاتها عن الدكتور الطيب حمضي قوله إنه “يمكن لبلادنا اليوم بعد أن تحكمت لعدة أشهر في الوضعية الوبائية وتقدمت في الحملة الوطنية للتطعيم، أن تشرع في التخفيف بعد أيام العيد من الإجراءات والتدابير التقييدية بشكل تدريجي وآمن، للسماح بالعودة إلى الأنشطة الاجتماعية والاقتصادية والتجارية بحرية أكثر، في إطار احترام كامل للإجراءات الوقائية الفردية والجماعية، إلى حين الوصول إلى المناعة الجماعية”، موضحاً أن “أكبر خطر هو السلوك غير المحترم للإرشادات الطبية، والازدحام والتجمعات بالأماكن المغلقة، بما فيها التجمعات العائلية داخل المنازل المغلقة”.
وفي انتظار ما ستحمله القرارات التدبيرية من تخفيف لبعض الإجراءات، لفت الدكتور عز الدين الإبراهيمي، مدير مختبر التكنولوجيا الحيوية، إلى التقدم الذي جرى إحرازه في عملية التطعيم الجماعي وإلى الحالة الوبائية شبه المستقرة، موضحاً أن الهدف من جميع الإجراءات المتبعة في مواجهة “كوفيد 19” هو عدم تطوير الأشخاص للحالات الحرجة وجعل کورونا مرضاً غير حرج، حسب ما كتب في تدوينة على “فيسبوك”.

التطعيم قرار شخصي

وشدد على أن “الهرم السكاني في المغرب عامل مهم في الوضعية الحالية، فبالتطعيم الجماعي نحن في طريقنا إلى حماية 20 في المئة من السكان (الفئات العمرية أكثر من 45 سنة) وهي التي كانت تطور الحالات الحرجة، وسنكون قد أزلناها من هذه الخانة” مبرزاً أن “أغلب الأشخاص في قاعات الإنعاش والوفيات في المستشفيات هم أشخاص لم يتناولوا اللقاح، وأن التطعيم يبقى قراراً شخصياً، ويتحمل المرء فيه كل المسؤولية، ولكن الدولة عليها ومن واجبها أن تراعي مصلحة البلد”، مشيراً إلى أن نجاح المقاربة التي يعتمدها المغرب أمر مهم جداً، ويجب تقييمه للنظر في إمكانية تخفيف إجراءات الحجر الصحي للمرور سريعاً مع بداية الصيف المقبل لاستقبال المغاربة المهاجرين والسياح الخاضعين للتطعيم.
وكتبت صحيفة “المساء” أمس افتتاحية، مما جاء فيها أنه “في الوقت الذي يجلس فيه جميع المغاربة في قاعة انتظار كبيرة، بسبب تأخر الحكومة في إعلان طبيعة الإجراءات التي ستُتخذ لتخفيف تدابير حالة الطوارئ الصحية، وجد رئيس الحكومة الوقت الكافي لاستقبال ممثلي التعليم الخاص للاستماع إلى مطالبهم التي لا تنتهي…”، وأضافت أن “رئيس الحكومة ظهر، في صورة أعقبت الاجتماع، مبتسماً، دون كمامة، وبعيداً عن احترام التباعد والإجراءات الاحترازية التي يشدد في كل مرة على ضرورة التقيد بها”. على صعيد مستجدات الحالة الوبائية في المغرب، أعلن مساء أول أمس الإثنين، عن تسجيل 79 حالة إصابة جديدة بفيروس كورونا المستجد و302 حالة شفاء، وست حالات وفاة خلال 24 ساعة الماضية. وبذلك، رفع العدد الإجمالي لحالات الإصابة المؤكدة بالمملكة إلى 515 ألفاً و23 حالة منذ الإعلان عن أول حالة في 2 مارس 2020، فيما بلغ مجموع حالات الشفاء التام 503 آلاف و483 حالة، بينما ارتفع عدد الوفيات إلى 9104 حالات، ووصل مجموع الحالات النشطة التي تتلقى العلاج حالياً إلى 2436 حالة.
وبلغ عدد الحالات الخطيرة أو الحرجة الجديدة في أقسام الإنعاش والعناية المركزة المسجلة خلال 24 ساعة 22 حالة، ليصل العدد الإجمالي لهذه الحالات إلى 215 حالة. أما معدل ملء أسرة الإنعاش المخصصة لـ “كوفيد 19” فبلغ 6,8 في المئة.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: