اسبانيا تنشر الجيش في سبتة لمواجهة هجرة آلاف المغاربة والاتحاد الأوروبي ينبه المغرب… والسبب موقف مدريد من الصحراء

مجدوبي

أكثر من ستة آلاف مهاجر دخلوا إلى سبتة خلال 24 ساعة في إطار الهجرة السرية-المعلنة إلى سبتة المحتلة، ويوجد ضغط عشرات الآلاف في شمال المغرب. لم تكن حكومة مدريد تتصور، ولو في أسوأ السيناريوهات، وقوع حدث للهجرة من هذا النوع، ولكنها أصبحت تدرك أن الأمر يتعلق “بعقاب مغربي” بسبب نزاع الصحراء خلال الشهور الأخيرة. وتوجه رئيس حكومة مدريد بيجرو سانتيش، إلى سبتة ومليلية لدعم المدينتين.
وتتحدث حكومة مدريد رسمياً عن دخول أكثر من ستة آلاف مغربي إلى سبتة ما بين فجر الاثنين وظهر الثلاثاء من الأسبوع الجاري، بينما رفعت مصادر غير رسمية من جمعيات غير حكومية في سبتة العدد إلى ما يفوق عشرة آلاف. ويوجد أكثر من ألفي قاصر مغربي ضمن المهاجرين.
وترى المصادر الإسبانية أن الأمر لم يعد يتعلق بعدد المهاجرين بعدما تجاوز العدد الألف ويمكن إعادة الأغلبية هذا الأسبوع، بل بمعالجة سوء الفهم الذي أدى إلى ما يعتبره الإسبان عقاباً مغربياً لإسبانيا ومحاولة احتواء هذه الأزمة دون تطورها إلى أزمة كبيرة وحقيقية.
وهناك تخوف من قدوم المهاجرين الأفارقة نحو سبتة الذين سيصعب إعادتهم، ولهذا قامت إسبانيا بنشر وحدات من الجيش على الحدود مع المغرب ونشرت وحدات في وسط مدينة سبتة خوفاً من وقوع مواجهات بين السكان والمهاجرين المغاربة.
واضطر رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانتيش، إلى إلغاء زيارة له إلى باريس أمس الثلاثاء لمعالجة هذه الأزمة، وكتب تغريدة في تويتر يقول فيها: “الأولوية الآن هي إعادة الأوضاع إلى طبيعتها في سبتة. يجب أن يعرف مواطنوها أن لديهم الدعم المطلق من حكومة إسبانيا وأقصى درجات الحزم لضمان سلامتهم والدفاع عن سلامتهم كجزء من البلاد في مواجهة أي تحد”.
وفي قرار مفاجئ، قرر سانتيش التوجه إلى سبتة ومليلية الثلاثاء، وصرح بنوع من الحزم والتهديد والدبلوماسية: “سنكون صارمين أمام أي تحد وأمام أي مستجد وأمام أي ظرف”. واعتبر المغرب بلداً صديقاً واستراتيجياً، ولكن شدد على ضرورة الاحترام بين الطرفين. وشكل هذا الحدث فرصة لليمين المتطرف والقوى اليمينة القومية للهجوم على المغرب واتهامه بإرسال جنود بدل مهاجرين “لغزو سبتة”، كما تم الهجوم على حكومة مدريد، متهمين إياها بالتساهل أمام ما يعتبرونه حملة “ضغط وابتزاز” من طرف الرباط ضد إسبانيا. وتحاول مدريد توسيع هذه الأزمة والبحث عن حل لها من خلال الاتصالات التي تجريها مع عواصم مؤثرة مثل باريس وبرلين والمفوضية الأوروبية، للضغط على المغرب لوقف زحف المهاجرين نحو سبتة، وتفادي أي سيناريو مشابه قد تتعرض له مليلية. وعملياً، تدخل الاتحاد الأوروبي عبر المفوضة المسؤولة عن الشؤون الداخلية ومنها الهجرة، إيفا جوهانسون، التي طالبت المغرب باحترام التزاماته بمراقبة الحدود واستعادة مواطنيه الذين دخلوا إلى سبتة، مشيرة إلى أن حدود إسبانيا هي حدود أوروبية.
وهناك إجماع وسط إسبانيا بأن “العقاب المغربي” مرده إلى تصرف حكومة مدريد في نزاع الصحراء وارتكابها أخطاء كثيرة. ويمكن إجمال الأخطاء الإسبانية، وفق الرؤية المغربية وخبراء في العلاقات الثنائية، فيما يلي:
في المقام الأول، تزعم إسبانيا معارضة إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال ديسمبر الماضي سيادة المغرب على الصحراء. وكانت الرباط تنتظر انخراط الاتحاد الأوروبي في موقف ترامب، لكن حدث العكس، وجاءت المعارضة من طرف إسبانيا وألمانيا بل واعترضتا على أي مبادرة فرنسية في هذا الشأن وسط الاتحاد الأوروبي. وترى الرباط أن مدريد فوتت على المغرب فرصة تاريخية للانتقال بنزاع الصحراء إلى مرحلة الحل النهائي، أي الحكم الذاتي.
في المقام الثاني، استقبال إسبانيا لزعيم البوليساريو إبراهيم غالي للعلاج يوم 18 أبريل الماضي بسبب مرض كوفيد-19 المترتب عن فيروس كورونا، دون إخبار المغرب بهذه الخطوة، وهو ما أثار غضب الرباط. ولاحقاً، تعامل مدريد بنوع من التهميش مع مطلب المغرب بشأن ضرورة تقديم إسبانيا لتوضيحات، حيث صرحت وزيرة الخارجية أرانشا غونثالث لايا، منذ عشرة أيام: “مدريد لن تقدم توضيحات أكثر للمغرب مما قدمته”. وفي المقام الثالث، رغم احتجاج المغرب على وجود إبراهيم غالي في إسبانيا، سمحت مدريد لزعيم البوليساريو بإصدار بيان بمناسبة عيد الفطر يشدد فيه على المواجهات المسلحة في الصحراء. واعتبرت الرباط هذا الإجراء بمثابة تورط إسبانيا في الحرب ضد المغرب.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: