غياب التنسيق بين المغرب وإسبانيا يفجر أزمة هجرة غير مسبوقة

ماموني

فجر غياب التنسيق على مختلف المستويات، وخاصة الجانب الأمني، بين المغرب وإسبانيا نتيجة التوتر بين البلدين بسبب ملف الصحراء المغربية أزمة هجرة غير مسبوقة.

وفي حادث هو الأول من نوعه منذ عقود تدفق آلاف المهاجرين إلى شاطئ مدينة سبتة سباحةً انطلاقا من تطوان والفنيدق شمال المغرب. وقالت وسائل إعلام إسبانية إن من بين النازحين المئات من الأطفال والقاصرين الذين عبروا البحر بمفردهم.

ويعكس الحادث خطورة عدم التنسيق بين البلدين وأن الملفات الأمنية وقضايا الهجرة مسألة مهمة لا تستطيع مدريد أن تختار منها ما تريد وتستبعد ما لا تريد.

نوفل بوعمري: المغرب لا يضع مواطنيه ضمن كماشة المصالح والعلاقات الدولية

وأوقف المغرب تعاونه الأمني والثقافي والقضائي مع الجانب الإسباني بعد تراكم عدد من المواقف التي عكرت صفو العلاقات الثنائية بدءا برفض إسبانيا قرارَ الولايات المتحدة الاعتراف بمغربية الصحراء وسعيها لإقناع واشنطن بالعدول عنه وصولا إلى استقبال زعيم جبهة البوليساريو للعلاج.

وتأجلت زيارة كان من المزمع أن يقوم بها رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز في ديسمبر الماضي إلى الرباط بطلب من المغرب، وعكست جولة أفريقية قام بها سانشيز مطلع الشهر الحالي دون المرور على المغرب عمق الأزمة بين الطرفين.

ويرى الخبير المغربي في الشؤون الدبلوماسية سمير بنيس أن العلاقات بين المغرب وإسبانيا ستدخل منعطفا جديدا يضعها على محك حقيقي، ما من شأنه أن يخلف حالة استنفار غير مسبوقة في مدريد ويدفعها إلى مراجعة أوراقها والتفكير بروية في نوعية العلاقات التي تسعى لبنائها مع المغرب.

وقال المدير المركزي للشرطة القضائية المغربية محمد الدخيسي إن إسبانيا وألمانيا أيضا ستتضرران من تعليق المغرب تعاونَه الأمني معهما لأن مستوى الأجهزة الأمنية المغربية، سواء المتعلق منها بإنفاذ القانون أو المتعلق بالمعلومة الاستخباراتية بصفة عامة، معترف به على الصعيد العالمي بفضل مهنية وحرفية وصدق وكفاءة هذه الأجهزة وأطرها.

ويسود توتر بين المغرب وألمانيا أيضا بسبب بعض القضايا، في مقدمتها الصحراء المغربية والملف الليبي، قاد إلى إيقاف المؤسسات المغربية التعامل مع السفارة الألمانية في الرباط.

وشنت وسائل إعلام إسبانية هجوما على المغرب وحمّلته مسؤولية الأزمة في سبتة وربطتها باستقبال زعيم البوليساريو في حين وجه قادة الاتحاد الأوروبي اتهامات ضمنية للرباط بالوقوف خلف الأمر، حيث أعلنوا عن تضامنهم مع مدريد وحضوا المغرب على منع العبور غير القانوني للمهاجرين إلى جيب سبتة.

وفي المقابل تفادت إسبانيا توجيه أي اتهامات مباشرة للمغرب ودعت بعض الأحزاب، من بينها الحزب الشعبي الإسباني، الحكومة إلى ضرورة التقارب مع المغرب والتنسيق الأمني بشكل عاجل.

وشددت وزيرة خارجية إسبانيا، أرانشا غونزاليس لايا، على أن حكومة بلادها ليس لديها دليل على أن المغرب رفع يده للسماح بمغادرة المهاجرين إلى إسبانيا كوسيلة للضغط على السلطة التنفيذية في الأزمة الدبلوماسية الحالية المفتوحة.

وشددت الوزيرة الإسبانية على أنها أجرت اتصالا مع السلطات المغربية التي أكدت لها ظهر الاثنين أن وصول أعداد كبيرة من المهاجرين غير الشرعيين إلى سبتة “ليس ثمرة الخلاف” بين البلدين بسبب نقل زعيم جبهة البوليساريو إبراهيم غالي إلى المستشفى في إسبانيا.

واستبعد مراقبون أن يكون المغرب قد غامر بمواطنيه لأجل انتقام سياسي بعد استقبال الحكومة الإسبانية زعيمَ البوليساريو دون إخطار الرباط بهذه الخطوة.

وفسر هؤلاء الأمر بتقاعس الأمن الإسباني في حماية جانبه من الحدود الوهمية مع المغرب، وكذلك بغياب التنسيق الأمني المتبادل بين الطرفين حيث يرفض المغرب أن يكون دركيا لإسبانيا وأوروبا.

وقال المحلل السياسي نوفل بوعمري إن الأمن المغربي، على عكس ما ظل البعض يسوّق له من أن المغرب فتح الحدود وشرعها، يقوم بواجبه في حماية الحدود الوهمية، وهذا ما يظهر سطحية ما ظل يردده البعض من أن هذه الهجرة منظمة من طرف المغرب وأنها رد على استقبال حكومة مدريد زعيمَ البوليساريو.

وأوضح بوعمري أن للمغرب قواعد لعبة واضحة، ومن بينها أنه لا يضع المغاربة ضمن كماشة المصالح والعلاقات الدولية.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: