ذكر موقع “ذا أفريكا ريبورت” أن الاحتجاجات الشعبية التي تشهدها الجزائر مرشحة للتصعيد مع تفاقم الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي أثرت على فئات اجتماعية عديدة.
ونوه الموقع إلى أن العاصمة شهدت في الثاني من الشهر الحالي أعمال احتجاج وشغب غير مسبوقة عقب تظاهرات لرجال الإطفاء الذين كانوا يطالبون بزيادة أجورهم وتحسين ظروف عملهم.
وفي اليوم التالي، أعلنت وزارة الداخلية الجزائرية وقف 230 إطفائيا عن العمل وملاحقتهم قضائيا، معتبرة احتجاجاتهم “خيانة للواجبات والمسؤوليات المنوطة بهم، وهدفه الأساسي ضرب استقرار والمساس بمصداقية السلك نحو الوطن والمواطن”، علما أن رجال الإطفاء والشرطة بموجب القوانين الحالية لا يحق لهم التظاهر والاحتجاج.
وبحسب “أفريكا ريبورت” فإن الجزائر باتت تشهد بشكل يومي العديد من تلك الاحتجاجات الفئوية والاجتماعية في ظل مناخ سياسي واجتماعي غير مستقر.
وأشار الموقع إلى أن عدد الحركات الاحتجاجية في مختلف مدن البلاد بلغ المئات وربما الآلاف، إذ لا يمر يوم واحد دون إقدام متظاهرين على إغلاق طرق فرعية أو رئيسية، للمطالبة بالحصول على سكن أو فرص عمل ناهيك عن مطالب تعتبر في نظرهم من البديهات كتوفير غاز الطهي والحليب.
وفي الآونة الأخيرة، أعلنت 14 نقابة تعليمية إضرابا لمدة ثلاثة أيام في 9 و10 و11 من الشهر الحالي، بالإضافة إلى مظاهرات أمام مديريات التربية والتعليم في جميع أنحاء البلاد، بهدف “تحسين القوة الشرائية للمعلمين”.
وقبل ذلك أضرب عمال البريد الجزائري لمدة أسبوع في 12 أبريل للمطالبة بدفع علاواتهم، وتنديدا بوعود المشرفين التي لم يتم الوفاء بها.
قبل أيام قليلة، أدى إضراب قاده العاملون الصحيون بالفعل إلى إصابة جميع مستشفيات البلاد بالشلل.
وقد طالب الأطباء وفرق العمل الصحي بدفع مكافآتهم التي وعدوا بها جراء دورهم في محاربة وعلاج وباء فيروس كورونا المستجد، بالإضافة إلى زيادة رواتبهم وتحسين ظروف العمل، علما أن الطاقم الطبي في البلاد فقد العديد من كوادره جراء جائحة كوفيد-19.
ارتفاع الأسعار.. والجفاف.. والطوابير
ومنذ بداية العام، شهدت أسعار السلع الاستهلاكية مثل الزيت والمعكرونة والخضروات المجففة ارتفاعًا حادًا في الأسعار، إذ تضاعف على سبيل المثال، ثمن لحوم الدجاج، التي تشكل مصدرا أساسيا للبروتين للأسر والعائلات ذات الدخل المنخفض والمتوسط.
وكذلك عادت الطوابير الطويلة أمام المتاجر وشاحنات البيع للحصول على كيس حليب أو زيت طهي، في حين أدى نقص السيولة في مكاتب البريد إلى إجبار الآلاف من أصحاب المعاشات والعاملين من ذوي الدخل المنخفض على الوقوف في طوابير لساعات لسحب أموالهم الضئيلة.
وزاد الجفاف من معاناة الجزائريين إذ فرضت الحكومة تقنينا لإمدادت مياه الشرب في العديد من أحياء العاصمة.
ووفقا لخبراء، فقد أدى قرار الدولة بتخفيض قيمة الدينار في ديسمبر من العام الماضي إلى زيادة الأعباء الاقتصادية. كانت العملة المحلية فقدت بالفعل نحو 77 بالمئة من قيمتها على مدار الأعوام العشرة الماضية.
وبحسب بعض التقارير، فإن الجزائر لا تعاني فقط من آثار وباء كورونا، إذ زاد من طين الأوضاع الاقتصادية بلة، الانخفاض الحاد في أسعار النفط، الذي يشكل الجزء الأعظم من ميزانية الدولة، مما دفع بالحكومة إلى خفض فاتورة الاستيراد، ولو على حساب فقدان العديد من المنتجات في الأسواق المحلية.
تضخم.. وبطالة متزايدة
أدى التآكل المستمر في القوة الشرائية وارتفاع نسبة البطالة، التي يقترب معدلها من 14٪، والتضخم (2.4٪ في عام 2020) إلى إفقار الشرائح الاجتماعية الأكثر هشاشة. وبحسب المندوب الوطني للمخاطر الكبرى بوزارة الداخلية، فقد فقدت البلاد ما لا يقل عن 500 ألف وظيفة مباشرة منذ بداية أزمة كورونا.
وأغلقت حوالي 25 ألف شركة بناء أبوابها، مما أدى إلى تسريح 200 ألف عامل بحسب رئيس الجمعية العامة لرجال الأعمال الجزائريين.
وبالإضافة إلى هذه الصورة القاتمة بالفعل، جرى اعتقال العشرات من نشطاء وقادة “الحراك” الذي انطلق قبل عامين ونجح في عزل الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة ومنعه من الترشح لولاية خامسة.
ورغم دعوة الرئيس الجزائري عبد العزيز تبون إلى الحوار مع “النقابيين” لإيجاد حلول للأزمة والمطالب الاقتصادية الاجتماعية، غير أن حركة الاحتجاجات لاتزال مستمرة في البلاد للمطالبة بالتغيير وإقامة “دولة مدنية وليست عسكرية”.