الجزائر: منعت الشرطة الجزائرية اليوم الجمعة، مسيرات الحراك الشعبي في جمعته الـ117 في العاصمة ومدن أخرى وبشكل واسع، في سابقة من حيث حجم وقوة التدخل والتنسيق الأمني في ربوع البلاد. وقد سجلت مئات الاعتقالات في 22 ولاية ( محافظة) على الأقل، كما رصد ناشطون حقوقيون.
وأكد شهود عيان، أن الشرطة انتشرت بكثافة في الشوارع والساحات الرئيسة بوسط العاصمة الجزائرية، ومنعت جميع التجمعات، حيث كان يطلب من المارة نساء ورجال المغادرة وعدم التوقف، وجرى اعتقال عددا من الصحافيين والمصورين، ومنعهم من التغطية، بينهم الصحافي خالد درارني، الذي سبق سجنه لشهور، والصحافية كنزة خاطو.
كما تم اعتقال رئيس حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية محسن بلعباس، والمتحدث باسم الحزب عثمان معزوز، وتم كذلك اعتقال الناشط السياسي الإسلامي المعروف د. أحمد بن محمد.
وبعد صلاة الجمعة، تم إغلاق كل المنافذ المؤدية إلى ساحتي البريد المركزي وموريس أودان، معقل الحراك الشعبي في العاصمة، مع منع وصول المتظاهرين إليهما واعتقال المصرين على التظاهر.
وفي مدن أخرى تكرر المشهد نفسه بإجهاض المسيرات بالقوة والاعتقال الكثيف منذ بدايتها مع تمركز الشرطة في محيط المساجد، التي عادة تخرج منها مسيرات الحراك بعد صلاة الجمعة، فيما خرجت مظاهرات قبل صلاة الجمعة تجنبا لتدخل الشرطة، مثلما حدث في بجاية وفي ميلة (شرق) عندما خرجت مسيرة رفعت فيها الأعلام الفلسطينية ورددت شعارات مدعمة للشعب الفلسطيني على جانب شعارات الحراك وفي مقدمها دولة مدنية وليس عسكرية. وكانت الأعلام الفلسطينية حاضرة بقوة كذلك في أوساط المتظاهرين المقموعين في عدة مدن.
وكانت وزارة الداخلية أصدرت بيانا الأحد الماضي، أكدت فيه على ضرورة الحصول على تصريح مسبق للترخيص للمسيرات التي تنظم أسبوعيا في إطار الحراك الشعبي، منوهة أنه “يترتب عن عدم الالتزام بهذه الإجراءات مخالفة القانون والدستور، مما ينفي صفة الشرعية عن المسيرة ويوجب التعامل معها على هذا الأساس”.
وأشارت الوزارة إلى أن هذه المسيرات بدأت “تعرف انزلاقات وانحرافات خطيرة، بحيث أصبحت لا تبالي بما يعانيه المواطنون من إزعاج ومساس بحرياتهم، من خلال تصرفات أناس يغيرون اتجاه مسيرتهم في كل وقت، بدعوى أنهم أحرار في السير في أي اتجاه وعبر أي شارع، وهو ما يتنافى مع النظام العام وقوانين الجمهورية”.
واعتبر معلقون أن بيان وزارة الداخلية جاء بعد أن شهدت العاصمة الجزائرية في الجمعة الماضية تغيرا في مسار الحراكيين، بغية تخطي الجدار الأمني الموجود في أماكن الاحتجاج المعروفة، وتجنب الاصطدام مع الحشود الأمنية، واختار الحراكيون ساحات أخرى، لرفع شعارات الاحتجاج، التي لازالت تطالب بدولة مدنية. ووصف الحراكيون ما حدث بـ”خطة مضادة” لإفشال الخطة الأمنية التي أعدتها السلطات، وتأكيد على سلمية الحراك ولهذا أصدرت وزارة الداخلية ذلك البيان.