بروكسل تحذّر لندن من عواقب خرق تعهدات بريكست

La rédaction

رغم التوصل إلى اتفاق بشق الأنفس يحدّد آليات انفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي (بريكست)، عاد التوتر بين بروكسل ولندن ليخيم مجددا على مستقبل العلاقات بين الجارين، بعد اندلاع خلافات بشأن مدى احترام بنود الاتفاق خاصة الوضع القائم في أيرلندا الشمالية وحقوق الصيد في القنال الإنجليزي.

بروكسل – حذر كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي في ملف بريكست بريطانيا الثلاثاء بضرورة الالتزام ببنود خروجها من التكتل وخصوصا في ما يتعلق بصيد الأسماك وأيرلندا الشمالية، أو المجازفة بخسارة المصداقية على المسرح الدولي.

وقال ميشال بارنييه للصحافيين “التوقيع مهم، فهو يعكس الثقة التي يجب أن تبقى المملكة المتحدة تستحقها عبر الالتزام بتعهداتها”.

وأضاف “وهذا ما لا تقوم به في أيرلندا الشمالية حاليا وما لا تفعله مع صيادي الأسماك”.

وحض لندن على احترام شروط بريكست المتعلقة بهاتين المسألتين المهمتين “تماما كما هي منصوصة في اتفاقيتي أكتوبر 2019 ويناير 2020”.

وتصاعد التوتر حول الصيد الأسبوع الماضي عندما تجمعت مراكب فرنسية في مياه جزيرة جيرسي البريطانية، وقال أصحابها إنهم لم يحصلوا على تراخيص للصيد قبالة شواطئها رغم وعد في إطار اتفاق بريكست بمواصلة ذلك.

وأرسلت سفن حربية بريطانية وكذلك زوارق دورية فرنسية إلى المكان. ورغم أن الأزمة انتهت، لم يتضح بعد ما إذا كانت جيرسي وبريطانيا ستطبقان قواعد جديدة لم توافق عليها بروكسل.

ميشال بارنييه: ستكون هناك عواقب إن لم تلتزم لندن باتفاق بريكست
ميشال بارنييه: ستكون هناك عواقب إن لم تلتزم لندن باتفاق بريكست

وقال بارنييه “لدينا مشكلة كبيرة تتعلق بجيرسي، لا أفهمها، إلا إذا كانت مسألة عدم رغبة”. وأضاف “ستكون هناك على الأرجح عواقب”.

وأعلنت وزيرة البحار الفرنسية أنيك جيراردان الثلاثاء استئناف المفاوضات الفرنسية البريطانية حول مستقبل الصيادين الفرنسيين في مياه جيرسي، الذين حصل بعضهم على تراخيص صيد مع قيود اعتبرتها باريس “غير مقبولة”.

وقالت جيراردان أمام الجمعية الوطنية (البرلمان) “اقترحت جيرسي للتو تأجيل هذه القيود الفنية حتى نهاية شهر يوليو كي نتمكن من استئناف المناقشات في الساعات المقبلة، وسأرد كتابيا، إن فرنسا ترد كتابيا”.

ولا يزال وصول الصيادين الأوروبيين إلى المياه البريطانية، الموضوع الشائك طوال المفاوضات حول شروط خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، يسبب توترات رغم الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين لندن وبروكسل.

وذكرت باريس أن بريطانيا نشرت قائمة بـ41 سفينة فرنسية من أصل 344 طلبا، سمح لها بالصيد في مياه جيرسي لكنها مرفقة بمطالب جديدة “لم يتم التشاور بشأنها ولا مناقشتها ولا الإبلاغ عنها مسبقا” في إطار الاتفاق حول بريكست.

ووسط ترحيبها بتهدئة الوضع، استدعت المملكة المتحدة الخميس زورقي الدورية التابعين لها بعد مغادرة قوارب الصيد الفرنسية المتجمعة في جيرسي، مركز النزاع بين باريس ولندن حول الوصول إلى المياه الغنية بالأسماك في محيط الجزيرة بعد بريكست.

وكان وصول صيادي الاتحاد الأوروبي مستقبلا إلى مياه بريطانيا الغنية من بين أبرز المسائل الشائكة والقابلة للاشتعال سياسيا وآخر نقطة تم حلّها قبل الإعلان عن الاتفاق.

وأصرّت بريطانيا مرارا على أنها ترغب باستعادة السيطرة الكاملة على مياهها، بينما سعت دول الاتحاد الأوروبي الساحلية إلى ضمان حقوق الصيد في مياه المملكة المتحدة.

Thumbnail

وفي النهاية، توصّل الطرفان إلى تسوية تقضي بأن تتخلى قوارب الاتحاد الأوروبي تدريجيا عن 25 في المئة من حصصها الحالية خلال فترة انتقالية مدتها خمس سنوات ونصف السنة.

وسيتم إجراء مفاوضات سنويا بعد ذلك على كميات السمك التي يمكن لقوارب الاتحاد الأوروبي الحصول عليها من المياه البريطانية. وإذا لم تكن النتيجة مرضية بالنسبة إلى بروكسل فسيكون بإمكانها اتّخاذ تدابير اقتصادية ضد المملكة المتحدة.

واتهم متحدث باسم المفوضية الأوروبية بريطانيا بعدم احترام اتفاق خروجها من الاتحاد الأوروبي.

وأوضح أنه وفقا لاتفاقية التجارة والتعاون، يتعين الإخطار بالشروط المقترحة مسبقا لإتاحة الوقت للجانب الآخر لتقييم المقترحات. وترى المفوضية أن فترة الإخطار في هذه الحالة كانت قصيرة للغاية.

وأضاف “وحتى تُقدم السلطات في المملكة المتحدة المزيد من التفسيرات بشأن الشروط الجديدة، يتعين ألا يتم تطبيقها. وستظل المفوضية على تواصل حثيث مع فرنسا والمملكة المتحدة بشأن هذه المسألة”.

وباشر الاتحاد الأوروبي إجراءات قانونية ضد بريطانيا على خلفية تأخر أحادي لستة أشهر في تطبيق ضوابط جمركية على البضائع التي تصل أيرلندا الشمالية من بريطانيا.

وتهدف الضوابط إلى منع عودة حدود برية مع أيرلندا ولكن تبقي فعليا أيرلندا الشمالية خاضعة لقواعد الاتحاد الأوروبي حول السلع.

وتسبب بروتوكول ما بعد بريكست في أزمة قيادة في أيرلندا الشمالية واضطرابات تفاقمت لتنجم عنها أعمال شغب من الأسوأ في المنطقة منذ عقود.

وقال بارنييه “إننا نتابع عن كثب”، مشيرا إلى أن الرئيس الأميركي جو بايدن الذي لديه جذور أيرلندية كاثوليكية، “يتابع أيضا عن كثب ظروف السلام في أيرلندا”.

ويرى مراقبون في التوتر بين باريس ولندن بسبب حقوق الصيد في القنال الإنجليزي والضوابط الجمركية في أيرلندا الشمالية نتيجة حتمية لبريكست وتداعياته على استقرار المملكة المتحدة وجيرانها الأوروبيين.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: