سبب أزمة الرباط ومدريد هو دور إسبانيا في الغرب ضد قرار ترامب الاعتراف بمغربية الصحراء

مجدي فاطمة الزهراء

تبنى المغرب خطابا صارما مع الحكومة الإسبانية في ملف الصحراء، وتوجد عوامل كثيرة وراء القرار لكن أبرزها هو دور مدريد في حشد الدعم ضد قرار الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب الاعتراف بالسيادة المغربية على الصحراء.

وشكل استقبال إسبانيا لزعيم جبهة البوليساريو إبراهيم غالي للعلاج من الكوفيد-19 وبهوية جزائرية السبب الذي فجر أزمة بين البلدين. إذ قام وزير خارجية الرباط، ناصر بوريطة، بالإدلاء بتصريحات نهاية الأسبوع لوكالة الأنباء “إيفي” يطالب هذا البلد الأوروبي بالوضوح في قضية الصحراء، ولا سيما بعدما لجأ إلى مقارنة موقف المغرب من معارضة أي استقلال لكتالونيا وعدم التعامل مع الحركات القومية في هذا الإقليم مع موقف مدريد من الصحراء.

ووفق المعطيات التي حصلت عليها صحيفة “أخبارنا الجالية ”، يعود غضب المغرب إلى طريقة تعامل إسبانيا مع ملف الصحراء خلال الشهور الأخيرة. في هذا الصدد، كانت إسبانيا أول دولة عارضت إعلان الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب يوم 10 ديسمبر الماضي السيادة المغربية على الصحراء، حيث قامت وزيرة الخارجية أرانتشا غونثالث لايا بالإدلاء بتصريحات علنية ضد القرار. في الوقت ذاته، أجرت اتصالات مع الإدارة الأمريكية الجديدة برئاسة جو بايدن تطالبها بالتراجع عن الاعتراف بمغربية الصحراء.

ولم يقف دور إسبانيا في الاتصال بواشنطن، بل عملت رفقة دول أخرى على منع فرنسا من أجل بلورة أي موقف لصالح دعم قرار ترامب. وكانت فرنسا مطوقة بالجزائر، حيث تأخذ مصالحها في الجزائر بعين الاعتبار، وتعارض الجزائر أي دعم فرنسي لمغربية الصحراء. ولكن هذه المرة تعرضت باريس لضغط أوروبي لكي لا تبدي أي دعم للموقف الأمريكي. وعمليا، التزمت فرنسا موقفا عاديا في مجلس الأمن الدولي الذي عالج منذ أسبوعين نزاع الصحراء، بينما كان الجميع ينتظر موقفا حماسيا لصالح المغرب.

إسبانيا عملت رفقة دول أخرى على منع فرنسا من أجل بلورة أي موقف لصالح دعم قرار ترامب

وتعتبر الدول الأوروبية أن تمثيلية فرنسا في مجلس الأمن هي تمثيلية لكل دول الاتحاد الأوروبي، وبالتالي لا يجب اتخاذ موقف يتعارض مع التوجه العام للدول الأوروبية في ملف ما.

وكانت الرباط تعتقد في الموقف الأمريكي خلال ديسمبر الماضي بداية تغيير الغرب لموقفه من نزاع الصحراء، أي دعمه لا سيما وأن المغرب هو شريك للغرب منذ الحرب العالمية الأولى.. وكان المغرب قد طالب من الأوروبيين طيلة الشهور الأخيرة تبني مقاربة جديدة تقوم على دعم الحكم الذاتي، لكن تفاجأ بالموقف الغربي وخاصة إسبانيا وألمانيا.

وتاريخيا، كانت الدولة الإسبانية تؤيد قرارات الأمم المتحدة، وجرى الاعتقاد في السنوات الأخيرة أن دعم البوليساريو يقتصر على بعض الحركات اليسارية ومنها بوديموس، لكن المغرب تفاجأ باستمرار موقف الدولة الإسبانية العميقة من دبلوماسية ومؤسسة عسكرية ومؤسسة ملكية وأحزاب رئيسية الذي ما زال يتبنى الموقف الذي لا يعترف بمغربية الصحراء. وكان ملك إسبانيا فيليبي السادس قد أعلن في أشغال الأمم المتحدة خلال سبتمبر 2016 عن دعم تقرير المصير في الصحراء. منذ ذلك التاريخ، لم يطرأ أي تغيير في الموقف الإسباني باستثناء تصريحات بروتوكولية بين الحين والآخر.

وكانت مفاجأة الرباط كبيرة بأن الذي أجرى اتصالات دولية لمعارضة موقف ترامب لم يكن حزب بوديموس بل وزارة الخارجية التي يشرف عليها الحزب الاشتراكي. كما أن قرار استقبال زعيم البوليساريو كان قرار الحكومة التي يشرف عليها الحزب الاشتراكي بزعامة بيدور سانتيس

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: