القضاء الإسباني يستدعي زعيم البوليساريو لتخفيف التوتّر بين الرباط ومدريد

ماموني

اعتبرت أوساط مغربية أن استدعاء القضاء الإسباني لزعيم جبهة البوليساريو إبراهيم غالي يأتي استجابة لضغوط رسمية وشعبية في المغرب ضد استقبال مدريد بشكل سري وتحت اسم مزور لشخص مطلوب أمام القضاء المغربي، وأن الخطوة تهدف إلى تخفيف التوتر مع الرباط.

وقالت هذه الأوساط إنه بالرغم من أن الإجراء قانوني صرف إلا أنه يندرج ضمن مسعى من الحكومة الإسبانية لتطويق هذه الحادثة وتأثيرها على العلاقات مع المغرب. كما يعتبر بمثابة ضمانة تمنع عودة مدريد إلى اتخاذ خطوات شبيهة في المستقبل تثير غضب الرباط.

وأكدت وسائل إعلام إسبانية ومغربية أن قاضي التحقيق بمدريد سانتياغو بيدراز أمر رسميًّا بالاستماع لإبراهيم غالي الذي دخل الشهر الماضي التراب الإسباني بجواز سفر جزائري وباسم مزور، من أجل العلاج من فايروس كورونا، وأنه سيتم الاستماع إليه في قضايا تتعلق بـ”جرائم حرب وانتهاكات لحقوق الإنسان” في الخامس من مايو الحالي.

وأضافت أن القضاء استجاب لشكوى ضد غالي كان تقدم بها المدون الصحراوي الذي يحمل الجنسية الإسبانية فاضل ابريكة بسبب تعرضه للتعذيب والاختطاف من طرف غالي وعدد من قيادات الجبهة الانفصالية.

أتيلا آرا كوفاكس: كيف يمكن لمدريد أن تسمح لمجرم سيء السمعة بدخول أوروبا

ويقول المدون والناشط الحقوقي ابريكة إنه تعرض هو ومدونان آخران، هما محمود زيدان ومولاي عبا بوزيد، “لاستغلال جسدي ونفسي إثر انتقادهم الخروقات الخطيرة لحقوق الإنسان واستغلال قياديّي الجبهة الانفصالية لبؤس سكان المخيمات لخدمة مصالحهم الشخصية”.

وأضاف أن جسده لا يزال يحمل علامات التعذيب الذي تعرض له خلال الأشهر الخمسة الأخيرة من عام 2019.

وقرر القاضي بيدراز استدعاء سيد أحمد البطل، وهو ضابط أمن كبير في مخيمات تندوف، وبشير مصطفى سيد، القيادي في جبهة البوليساريو، في السابع من مايو الجاري، وسيمثل الاثنان أمام القضاء كمتهمين.

واعتبر هشام معتضد الأكاديمي والمحلل السياسي المقيم بكندا، أن تحرك القضاء الإسباني قد يخفف من الفضيحة التي لاحقت حكومة إسبانيا منذ اكتشاف وجود زعيم جبهة البوليساريو على أراضيها بهوية مزورة.

وانتقد عضو البرلمان الأوروبي أتيلا آرا كوفاكس استقبال إسبانيا لغالي على أراضيها، متسائلا “كيف يمكن للحكومة الإسبانية أن تسمح لمجرم سيء السمعة بدخول أوروبا؟”.

وألقى دخول غالي بشكل سري للتداوي في مستشفى إسباني بظلال من التوتر على العلاقات بين مدريد والرباط.

وتساءل وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة في حوار مع وكالة الأنباء الإسبانية الرسمية “إفي” “أين العدالة الإسبانية من كل هذا؟ ألم يقرر أي قاض أنه من الضروري التحرك إزاء هذه الشكاوى؟”، مشيرا إلى أن المغرب لم يتلق حتى الآن إجابات من مدريد.

وكانت المحكمة الوطنية الإسبانية قد أجرت مع إبراهيم غالي مجموعة من التحقيقات خلال عام 2008 ثم مرة أخرى عام 2016، وذلك في ما يتعلق بتهم “إبادة جماعية وجرائم أخرى” منسوبة إليه، بموجب ادعاءات ضده رفعتها جماعات صحراوية منشقة عن الجبهة الانفصالية التي يتزعمها.

واحتج مواطنون مغاربة السبت أمام مستشفى “سان بيدرو” الذي يرقد فيه غالي، معبرين عن سخطهم على موقف الحكومة الإسبانية التي سمحت بدخول مطلوب للعدالة على خلفية ارتكاب جرائم الإبادة الجماعية والإرهاب.

ويرى بوريطة أن هذه القضية “تشكل اختبارا لمصداقية علاقتنا وصدقها، وحول ما إذا كانت تشكل مجرد شعار”، مشيرا إلى أن المغرب لطالما ساند إسبانيا في مواجهة النزعة الانفصالية بكاتالونيا.

وتابع “عندما واجهت إسبانيا النزعة الانفصالية، كان المغرب واضحا للغاية وعلى أعلى مستوى؛ حيث رفض أي اتصال أو تفاعل معهم (الكاتالونيين) وتم إبلاغ شركائنا. وعندما طلب منا الكاتالونيون استقبالهم في الوزارة، طالبنا بحضور شخص من السفارة الإسبانية”.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: