الانتخابات المبكرة في الجزائر فرصة لإعادة تدوير الأحزاب القديمة

بليدي

تستعد الجزائر لتنظيم انتخابات نيابية مبكرة بحلول 12 يونيو المقبل، وفيما يبقى الهدف المعلن هو تجديد السلطة التشريعية (البرلمان) بحسب ما أكد الرئيس عبدالمجيد تبون، فإن مراقبين يرون أن لا تغييرات ستطرأ على الخارطة السياسية في البلاد.

وإلى جانب الإرادة السياسية المعلنة للرئيس الجزائري في تجديد العمل النيابي، بعيدا عن شبهات المال الفاسد التي طالت المجلس السابق، ستفضي الانتخابات النيابية المبكرة إلى تغيير تركيبة المجلس المقبل.

ويفرض قانون الانتخابات الجديد، قواعد انتخابية تصب في خانة التجديد، حيث يمنع كل من سبق ومارس عهدتين برلمانيتين من الترشح للاستحقاقات المقبلة، ما يعني أن النواب الذين عمّروا طويلا في المجلس الشعبي الوطني سيحرمون من الترشح.

محمود قساري: الاستحقاق الانتخابي المرتقب لا يمكن الرهان عليه لحلحلة الأزمة
كما يشترط القانون المناصفة بين الرجال والنساء ومن لم يتجاوز سنه الـ40 سنة في قوائم الترشيحات، إلى جانب ثلث من الحاصلين على مستوى جامعي. وهذه البنود الجديدة، ستوظف في إطار نمط انتخابي يعتمد على القائمة المفتوحة بدل القائمة المغلقة.

وتسمح القائمة المفتوحة للناخب بترتيب المرشحين داخل القائمة الواحدة حسب رغبته، بخلاف المغلقة التي كانت تفرض عليه اختيار القائمة كما هي، وفق ترتيب الحزب دون إمكانية التصرف فيها. وكل هذه العوامل ستجعل مصير تركيبة المجلس الشعبي الوطني المقبل بيد الناخبين وحدهم.

ويشير متابعون إلى أن الانتخابات المبكرة ستكون فرصة لإعادة تدوير الأحزاب القديمة بواجهات جديدة.

واستبعد المحلل السياسي رضوان بوهيدل فوز حزب معين بأغلبية مقاعد المجلس. وأشار بوهيدل في تصريحات صحافية إلى أنه “من الواضح أن الأمور تتجه إلى مجلس مشكل من فسيفساء، وسينتهي الأمر إلى تكتلات بين الأحزاب أو القوائم المستقلة، لتحديد الأغلبية التي ستحسم تركيبة الحكومة لاحقا”.

وشهدت مرحلة تحضير الترشيحات إقبالا واسعا من قبل الأحزاب السياسية أو القوائم المستقلة (الحرة)، حيث اعتبر الرئيس تبون، في آخر حوار له مع ممثلي وسائل إعلام محلية “أن حجم الإقبال أكثر بكثير مما كان متوقعا”.

وحسب آخر أرقام السلطة المستقلة للانتخابات، أبدت 1755 قائمة تابعة لأحزاب سياسية معتمدة، و2898 قائمة لمستقلين، رغبتها في الترشح للانتخابات النيابية المقبلة بمجموع 4653 قائمة.

ومدّد الرئيس الجزائري الخميس مهلة جمع التوكيلات بخمسة أيام إضافية إلى غاية يوم 27 أبريل الجاري، وذلك بطلب من سلطة الانتخابات حسب بيان للرئاسة.

وحسب قانون الانتخاب يجب أن تزكى قوائم الأحزاب بـ25 ألف توكيل لناخبين عبر 23 ولاية (من بين 58 ولاية) بمعدل أدنى 300 توكيل في كل ولاية.

وبالنسبة إلى قوائم المستقلين يجب أن تدعم كل قائمة بمئة توكيل على الأقل عن كل مقعد مطلوب شغله من ناخبي الدائرة الانتخابية المعنية. وفسّر بوهيدل كثرة القوائم المستقلة، بأنها “نتيجة طبيعية لتراجع تأثير الأحزاب في المشهد العام”.

وبرأيه فإن “الكثير من الأحزاب التقليدية تحاول إجراء عمليات تجميلية على نفسها أملا في الظهور بوجه جديد، بعدما فقدت مصداقيتها أمام الشعب، خاصة لدى الحراك الشعبي الذي طالب باختفائها”.

وأشار إلى وجوه بارزة في أحزاب مثل “جبهة التحرير الوطني” (الحاكم في عهد بوتفليقة) و”التجمع الوطني الديمقراطي” (ثاني أكبر حزب سابقا)، استقالت وقررت تشكيل قوائم حرة “لأنها تعلم أن البقاء داخل الأحزاب رهان غير مضمون”.

وبشأن ما إذا كانت ملامح التغيير المقبلة ظرفية ترتبط بالمرحلة الحالية أم أن المشهد العام آيل إلى التغيير على المدى المتوسط، استبعد محللون تغييرا جذريا في المشهد السياسي. وبرأيهم فإن الحديث عن خارطة سياسية جديدة تؤدي إلى بروز تيارات جديدة لم تكن موجودة في البلاد من قبل، فهذا غير متوقع.

وفي حين يبدو من المتوقع أن تخسر الأحزاب التقليدية مساحات كانت في الماضي خلال الانتخابات النيابية المقبلة، إلا أن الحديث عن تغيير سياسي جذري يبقى مستبعدا.

وقدم الرئيس تبون ضمانات على نزاهة الانتخابات، وتعهد بأن يكون “الحكم العادل بين جميع القوى السياسية مهما كان وزنها”. وذهب أبعد من ذلك عندما قال “إن عهد الكوتة (توزيع الحصص) قد انتهى”.

وساد اعتقاد قوي في الانتخابات النيابية الماضية بأن السلطة الحاكمة تقوم بتوزيع مقاعد البرلمان على الأحزاب وفق الكوتة أو المحاصصة، دون الأخذ بأصوات الناخبين.

وأعلنت أحزاب “جبهة القوى الاشتراكية”، و”العمال” (يسار)، و”التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية” (علماني)، مقاطعة الانتخابات النيابية بدعوى أن الظروف غير مهيأة لإجرائها.

واعتبر محمود قساري المنحدر من حزب جبهة التحرير الوطني أن الانتخابات النيابية تبقى محدودة المفعول والجدوى في حلحلة الأزمة السياسية التي تتخبط فيها البلاد، بالنظر إلى الظروف والمناخ الذي جاءت فيه على المستوى العام والخاص للطبقة السياسية.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: