برزت خلال السنوات الماضية ظاهرة انتحال صفة إمام و شيخ و نائب رئيس المركز الإسلامي ببروكسيل ، وكأن المشهد الديني ببلجيكا لا ينقصه مشاكل، مع استهداف المنتحلين عادة الدول الخليجية كالسعودية و الإمارات ، أو ممن لديهم مصالح لتأجيج الشأن الديني بأوروبا.
وتكشف الحقائق أن المدعو نورالدين طويل ” إنتحل من خلال ندوة عبر زووم في لقاء المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة الذي يترأسه محمد البشاري كأمينا عاما ، صفة إمام وواعظ و نائب رئيس المركز الإسلامي ببروكسيل.
و ليست هذه المرة الأولى التي يحاول فيها المدعو نورالدين طويل خلق مناصب دينية لنفسه للتقرب من أي شيء يجلب له لمال الوفير كالحملة التبرعبة لشراء مقبرة بمدينة فلو الهولندية التي أخد من المسجد 150€ لمساعدتهم على جمع التبرعات علما بأنه لا يعدو مرشد سياحي في عهد الوهابية بالمسجد الكبير، و إستغل تقربه من المسؤولين السعوديين الذين يزورون المركز الإسلامي آنذاك ليصبح منظم رحلات الحج للمسلمين ، و الغريب في الأمر هو أننا ننتظر الكذب و النفاق من أشخاص بعيدين كل البعد عن الشأن الديني و لا يعطون لأنفسهم أي صفة من الصفاة الدينية ،و لكن تكرار القول الكاذب تجعل من صاحبه تصديق كلامه ، مما جعله يدعي الإمامة و الإرشاد و هو أكبر كذاب بالدليل و البرهان .
فالمؤمن الصادق لا يكذب، ولكن قد يكذب لنقص إيمانه وضعف إيمانه، فالواجب على كل مؤمن أن يحذر الكذب، ينبغي أن يتحرى الصدق،يقول النبي ﷺ: عليكم بالصدق! فإن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، ولا يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقًا، وإياكم والكذب! فإن الكذب يهدي إلى الفجور، والفجور يهدي إلى النار[1]، ويقول الله جل وعلا: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوااللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ [التوبة:119]،
فالكذب ليس من خصال المؤمنين، وإنما هو من خصال المنافقين، الذين يكذبون دائماً، ويؤكدون كذبهم بالحلف، حتى في يوم القيامة يكذبون أمام الله، ويحلفون له كما كانوا يحلفون للمسلمين في الدنيا، ويحسبون أنهم على شيء، ألا إنهم هم الكاذبون، وقد جاء في القرآن الكريم:(( إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله وأولئك هم الكاذبون))(النحل: 105)، وقد سئل النبي – صلى الله عليه وسلم -: ( أيكون المؤمن جباناً؟ قال: نعم، قيل: أيكون بخيلاً؟ قال: نعم، قيل: أيكون كذاباً؟ قال: لا )(رواه مالك مرسلاً عن صفوان بن سليم).
و النفاق يعتمد على ثلاث خصال، وهي: الكذب القولي، والكذب الفعلي وهو الخداع، ويقارن ذلك الخوف؛ لأن الكذب والخداع إنما يصدران ممن يتوقى إظهار حقيقة أمره، وذلك لا يكون إلا لخوف ضر أو لخوف إخفاق سعي، وكلاهما مؤذن بقلة الشجاعة والثبات والثقة بالنفس وبحسن السلوك، ثم إن كل خصلة من هاته الخصال الثلاث الذميمة توكد هنوات أخرى، فالكذب ينشأ عن شيء من البله؛ لأن الكاذب يعتقد أن كذبه يتمشى عند الناس؛ وهذا من قلة الذكاء؛ لأن النبيه يعلم أن في الناس مثله وخيرًا منه، ثم البله يؤدي إلى الجهل بالحقائق وبمراتب العقول، ولأن الكذب يعود فكر صاحبه بالحقائق المحرفة، وتشتبه عليه مع طول الاسترسال في ذلك، حتى إنه ربما اعتقد ما اختلقه واقعًا،وينشأ عن الأمرين السفه؛ وهو خلل في الرأي وأفن في العقل، وقد أصبح علماء الأخلاق والطب يعدون الكذب من أمراض الدماغ.
و التعبد لتحسين المظهر الإجتماعي والتكسّب الوظيفي، وأحيانا غيرة وحسدا للآخرين، هي آخر تقليعات ضعاف النفوس ممن لا يعنيهمالحصول على الثواب، بقدر إنشغالهم بتحقيق المنفعة الدنيوية، وتأطير صورتهم بحسن الخلق، وبصحة الإيمان، الذي ربما يكون لم يلامس قلوبهم حتى.