النموذج التنموي للأقاليم الجنوبية،خيار استراتيجي ومنعطف تاريخي يحدد مستقبل الصحراء المغربية

نورالدين الفيزازي

يشكل اليوم، برنامج تفعيل النموذج التنموي للأقاليم الجنوبية للمغرب، محور اهتمام كبريات اقتصاديات العالم، التي أدارت بوصلة الاستثمار صوب المغرب وبالضبط صوب أقاليمه الجنوبية وخصوصا جهة الداخلة وادي الذهب، مخطط ملكي باوراش اقتصادية ضخمة، التأمت لإنجاحه كل القوى والفعاليات السياسية والاقتصادية. برنامج طموح بمفاهيم ومقاربات جديدة يعول عليها بشكل كبير لكسب رهان التنمية المستدامة بالصحراء.

ولتحقيق هذه الغاية، تم إطلاق مجموعة من المشاريع التنموية الكبرى، جعلت من تنمية العنصر البشري صلب أولوياتها، وهو خيار مهد الطريق أمام تحول عميق في الأقاليم الجنوبية، على مستوى البنية والاقتصاد والمجتمع.
تحد صعب وضعته المملكة في الأفق وعملت على تنزيله وتطويره بدءا من البنيات التحتية الأساسية التي لم تشهد أية تنمية اقتصادية واجتماعية إبان الاستعمار الإسباني. لتتحول إلى محرك اقتصادي مهم يعيش على وقع دينامية متواصلة تهم كافة مجالات التنمية من بنيات التعليم العالي والسياحة والصناعة والصحة والثقافة.

ويتم تنفيذ هذا النموذج التنموي الجديد من خلال تعبئة الاستثمارات المنتجة لمناصب الشغل، حيث خصصت الدولة لهذا الهدف ما يناهز 77 مليار درهم، على أسس الاندماج والحكامة المسؤولة والاستدامة، وإطلاق دينامية جديدة للتنمية في خدمة المواطن. مستندة على التحليل الموضوعي ومعرفة جيدة بالمسار المستقبلي الذي يتعين أن تنخرط فيه هذه المنطقة من المملكة من أجل تعزيز إشعاعها كمركز اقتصادي وصلة وصل بين المغرب وعمقه الأفريقي.

إن النموذج التنموي الجديد، يهدف إلى كسب رهانين حيويين اثنين: أولهما، الرهان الاجتماعي والذي يستهدف الساكنة الأكثر هشاشة، على أساس خلق شبكات اقتصاد اجتماعي- تضامني مبني على معايير الثقة و الشفافية؛ من أجل إرساء توازنات اجتماعية أكثر عدالة. و ثانيهما، الارتقاء الاقتصادي بالأقاليم الجنوبية لتصبح قطبا حيوياً بين المغرب وبلدان إفريقيا جنوب الصحراء، وهو ما سيجعل من جهة الداخلة وادي الذهب بوابة للمغرب والعالم على إفريقيا، وذلك من خلال إنجاز مشاريع جهوية عملاقة بكل من إقليمي وادي الذهب وأسرد من قبيل إنشاء الطريق السيارة ، ودعم شبكة الموانئ والنقل البحري والجوي، وإنشاء قواعد ومنصات لوجيستيكية وتجارية وغيرها من المنشآت الإستراتيجية. وهو الأمر الذي سيعزز، لا محالة، مسار التقدم والتطور في المستقبل القريب لمنطقة الصحراء.

ومن بين المشاريع المنزلة لتنمية جهة الداخلة وادي الذهب و إقليم أوسرد على وجه الخصوص، والتي سترى النور قريبا، مشروع المنطقة اللوجستيكية الممتدة على طول 60 هكتار بكل من مركز بئر كندوز والكركرات، والذي خصصت له ميزانية ضخمة تقدر ب 160 مليون درهم، تعزيزا لانفتاح المغرب على محيطه الإفريقي واعتبارا لمكانة إقليم أوسرد كبوابة للمغرب والعالم على إفريقيا جنوب الصحراء. المشروع يندرج في إطار الاتفاقية التي تربط المجلس الجهوي ووزارة التجارة والصناعة وزارة الصناعة والتجارة والاقتصاد الأخضر والرقمي، وفي إطار الشراكة التي تجمع المجلس بالغرفة الفرنسية للتجارة والصناعة. ويأتي إنشاء منطقتين للتوزيع والتجارة في سياق اتفاقية الشراكة المتعلقة بتنزيل مشاريع قطاع التجارة الخارجية المدرجة في إطار العقد البرنامج المتعلق بتمويل وإنجاز برامج التنمية المندمجة للجهة (2016-2021)

ومن شأن هذين المشروعين التي انطلقت فيهما الأشغال تعزيز الجاذبية الاقتصادية لمنطقتي بئر كندوز والكركرات كمنصة للتبادل التجاري بين القارتين الأوروبية والأفريقية، وهو ما سيساهم في خلق تنمية مندمجة بالمنطقة و سيمكن الجهة من أن تشكل قطبا اقتصاديا استراتيجيا بين المغرب وعمقه الإفريقي من خلال إقليم أوسرد الذي يشكل بوابة المغرب على إفريقيا.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: