زخم الاقتصاد المغربي يمهد لانتعاش النمو بعد أزمة كورونا

ماموني

تفيد تقارير دولية أن الاقتصاد المغربي من بين الاقتصادات الأكثر قدرة على التكيف مع أزمة كورونا بفضل تعميم التلقيح وحزم التحفيز الحكومية، كما أنه مؤهل للاستفادة من الفرص المطروحة ما يدعم التعافي والنمو على أسس مستدامة بعد طي صفحة الوباء.

سهلت التدابير التي اتخذتها الحكومة المغربية منذ انتشار جائحة كورونا من خلال التدخلات الحكومية عبر حزم التحفيز وفرض تدابير نقدية طريق الخروج من الأزمة حيث تتزايد التوقعات بنمو الاقتصاد وجاذبية الاستثمارات الأجنبية.

وتوقع باحثون في الاقتصاد تجاوز الاقتصاد المغربي تداعيات أزمة كورونا وانتعاشته خلال السنة الجارية بنسبة تتراوح ما بين 4 ونحو 5 في المئة، بعدما توقُّفت العديد من الأنشطة الاقتصادية، والتي أدت إلى انخفاض الناتج الداخلي الخام في المملكة بنسبة تزيد على 5 في المئة.

وفي أحدث تقرير نصف سنوي عن آفاق الاقتصاد العالمي صدر هذا الأسبوع، توقع صندوق النقد الدولي أن ينمو الاقتصاد المغربي بنسبة 4.5 في المئة سنة 2021، وبحوالي 3.9 في المئة سنة 2022.

جهاد أزعور: الاقتصاد المغربي من بين الأكثر قدرة على التأقلم مع القيود والفرص

واعتبر صندوق النقد الدولي، في توقعاته على المستوى الإقليمي، أنه بعد مرور عام على انتشار جائحة كورونا، قد يكون الطريق إلى الانتعاش الاقتصادي في سنة 2021 “طويلا ومختلفا من بلد إلى آخر”.

وخلص التقرير إلى أن “الآفاق ستختلف بشكل كبير حسب مسار الجائحة، ونجاعة حملات التلقيح، ومواطن الهشاشة الأساسية، وكذلك تأثر السياحة والقطاعات التي تتطلب مخالطة كثيفة، فضلا عن هامش المناورة والتدخلات الحكومية”.

ويعتقد الخبير الاقتصادي المغربي العربي الجعيدي أن سنة 2021 ستكون أفضل من سنة 2020، على المستوى الاقتصادي، على اعتبار أن ركود الحركة الاقتصادية تعقُبه “قفزة آلية”؛ غير أنه استدرك أن “السنة التي ستكون سنة الحسم في ما يخص التصور المستقبلي والخروج من هذه الأزمة هي 2022”.

ويرتبط الانتعاش الاقتصادي في المغرب بمستوى أداء الموسم الزراعي والطلب الموجه إلى الاقتصاد من الخارج وأسعار النفط وأسعار العملات التي يتعامل بها المغرب في مبادلاته التجارية.

وطالت الأزمة الشركات الصغيرة والمتوسطة لكن الإجراءات الحكومية خففت من وقعها ما جعل المهنيين ينوهون بدعم الحكومة لقدرات تلك الشركات التي امتص أغلبها الصدمة الاقتصادية التي خلفها كوفيد – 19، مؤكدين أن هذا المنعطف يحتم ابتكار نماذج مستدامة للنمو والتحول بالنسبة إلى الاقتصاد المغربي.

وفي هذا الصدد أكد مدير إدارة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي جهاد أزعور أن الاقتصاد المغربي يعد من “أكثر الاقتصادات دينامية للتأقلم والتكيف مع القيود وكذلك الفرص”، المرتبطة بأزمة جائحة كورونا.

وأشار أزعور إلى أن المملكة المغربية الآن “واحدة من أكثر البلدان تقدما في مجال التلقيح، الذي سيكون من العوامل الحاسمة في تحقيق الانتعاش على المستوى العالمي”. ويقول أزعور أنه بفضل التدابير التي اتخذتها الحكومة المغربية العام الماضي، سواء الصحية أو الضريبية والنقدية، نجح المغرب في العودة إلى سكة النمو.

ويرى باحثون في الاقتصاد أن الانتعاش الاقتصادي المتوقع بعد أزمة كورونا يرجع إلى جودة البنيات التحتية بالمملكة وخاصة على مستوى الطرق والموانئ والمطارات التي شكلت عوامل محددة في جاذبية الاستثمارات الأجنبية.

وذكر أزعور في ندوة صحفية الأحد الماضي، بخصوص آخر آفاق للاقتصاد الإقليمي التي وضعها صندوق النقد الدولي، بأن المغرب واجه العام الماضي “أهم أزمتين: أزمة كوفيد – 19 والجفاف الذي أثر على الاقتصاد المغربي وتسبب في انكماش اقتصادي قوي إلى حد ما مقارنة بالسنوات السابقة”.

Thumbnail

وأبرز أزعور أنه “سواء على مستوى الإنتاج أو على المستويين الاجتماعي والمصرفي، ساهمت العديد من الابتكارات في تحسين الحماية الاجتماعية من خلال تقديم الدعم الحكومي لأزيد من 5 ملايين أسرة عبر التطبيقات البنكية”.

وبحسب ما أوردته المندوبية في موجـز الظرفيـة الاقتصادية خلال الفصل الأول، وتوقعات الفصل الثاني من 2021، فإن هذا التحول يعزى بالأساس، إلى ارتفاع القيمة المضافة الزراعية بنسبة تقدر بحوالي 13.7 في المئة، عوض -7.3 في المئة، في الفصل الذي قبله. ويتوقع أن يحقق قطاع الزراعة ارتفاعا يقدر بـ7.13 في المئة خلال الفصل الأول من 2021، بعد ثمانية فصول متتالية من الانخفاض.

وبحسب مندوبية التخطيط، يتوقع أن يشهد الطلب الداخلي انتعاشا طفيفا، خلال الفصل الأول من 2021، بحيث ستعرف نفقات الأسر الموجهة نحو الاستهلاك ارتفاعا طفيفا يقدر بـ0.8 في المئة، عوض 4.3ـ في المئة في الفصل السابق.

ومكنت الإجراءات التي اتخذها المغرب من تعزيز نموه لهذه السنة، وكذلك التموقع في مسار أفضل للمستقبل، من أجل إنعاش النمو وبناء اقتصاد أكثر تكاملا وقوة من الناحية الاقتصادية.

وتعميم التطعيم ضد فايروس كورونا، الذي بدأه المغرب منذ مطلع شهر فبراير الماضي، كانت له نتائج إيجابية، حسب العربي الجعيدي، الباحث في مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد، لاسيما أن العملية مرت في أجواء أجمع الكل على أنها جيدة. ولفت الجعيدي إلى أن “الجميع كان مندهشا بالقدرة التي برهن عليها المغرب لتوفير التلقيح وإعطاء جو من الثقة لكل المواطنين بمختلف فئاتهم الاجتماعية”.

وعزز تدبير البنك المركزي للسياسة النقدية وتلك المتعلقة بسعر الصرف هذا الاستقرار، مما مكن المغرب، بعد السحب من خط الوقاية والسيولة للصندوق، من ولوج السوق بإصدار كان إيجابيا للغاية وحظي بدعم كبير من المستثمرين، وهو ما أتاح أيضا تعزيز مستويات احتياطياته.

وبحسب أزعور، فإن المغرب أخذ في الاعتبار دروسا من هذه الأزمة: أهمها على الإطلاق ما يتعلق بالشق الاجتماعي، حيث أطلقت الحكومة ورشا كبيرا لإصلاح نظام الحماية الاجتماعية، مبلورة سلسلة من آليات الحماية للفئات الأكثر هشاشة.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: