تحاول جبهة البوليساريو الرّهان على فريق من المستشارين الأمميين السّابقين أو من يعرفون بـ”شيوخ” الإدارة الأمريكية السّابقة، لنيل موقف معاد لمصالح المغرب في “واشنطن”؛ بينما تصرّ إدارة الرّئيس الأمريكي جو بايدن على الاحتفاظ بنفس المواقف المعبّر عنها في ما يخص نزاع الصّحراء.
وبعد سنوات قضاها في مكاتب الاستشارة الأمريكية للأمن القومي، يعود جون بولتون، المعروف بوقوفه إلى جانب الانفصال في الصّحراء، ليدافع عن أطروحة جبهة البوليساريو، بدعمه حق تقرير المصير، مهاجما قرار دونالد ترامب، القاضي بالاعتراف الكامل بمغربية الصحراء.
وأصبح تعاطي الإدارة الأمريكية مع الصحراء أكثر وضوحا ونضجا، فقد كرست باعترافها الأخير مبدأ يعتمد على “إرضاء” المغرب، الذي تصفه بـ”الحليف الإستراتيجي”، وتريد إعطاء قراءة واضحة للصراع بوقوفها إلى جانب الرباط؛ فالمواقف الأمريكية الأخيرة مافتئت تعترف بالسيادة المغربية.
ومع غياب مبعوث أممي خاص إلى الصحراء وراهنية الموقف الأمريكي بخصوص الوحدة التّرابية للمملكة، يدخل “مخطّط الانفصال” إلى النّفق المسدود، بحيث ستبسط المملكة سيادتها القانونية والاقتصادية في الأقاليم الجنوبية، بإرساء مشاريع تنموية جديدة تؤهّل العنصر البشري وتخلق الثّروة.
وانضمّ المبعوث الأممي الخاص السّابق إلى الصّحراء، كريستوف روس، إلى الأصوات الداعية إلى مراجعة قرار ترامب، لأنه، في اعتقاده، “يضرّ بالمصالح الأمريكية الإستراتيجية”.
ويرى المحلل والخبير في العلاقات الدّولية هشام معتضد أن “رهان قيادة البوليساريو على شيوخ الإدارة الأمريكية السابقة للضّغط على أصحاب القرار في البيت الأبيض هو رهان فاشل سياسيا، لأن التوجه الأمريكي على مستوى ملف الصحراء يندرج في إطار الخيار الإستراتيجي للإدارة الأمريكية، بعيداً عن تقلبات الأسواق السياسية”.
ويشير الخبير في الأمم المتحدة، في تصريح لهسبريس، إلى أن “الموقف الأمريكي هو قرار دولة ويرتكز على اقتناع مؤسساتي في السياسة الخارجية الأمريكية بعيدًا عن الحسابات الضّيقة، وغير مرتبط بموقف أو إيديولوجية أشخاص، بقدر ما يعتبر مكونا أساسيا في الخريطة السياسية الخارجية للإدارة الأمريكية على مستوى الساحل والصحراء”.
واعتبر معتضد أن “التكهنات الفلكلورية لقيادة البوليساريو المبنية على دعم بعض شيوخ الإدارة الأمريكية السابقة تدخل في إطار التمويه العاطفي للمحتجزين في المخيمات، ودغدغة مشاعر الداعمين الفعليين لأطروحتها الوهمية من أجل كسب المزيد من الوقت في المتاجرة بقضية مصطنعة وذات أهداف إجرامية في المنطقة”.
وشدّد الخبير ذاته على أن “الأسطوانة الإعلامية لجبهة البوليساريو تستند إلى الخطابات الأيديولوجية لبعض الشيوخ في الإدارة الأمريكية، من ذوي الخطابات الشعبوية، من أجل نشر المغالطات وكسب عطف بعض مكونات المنتظم الدولي غير الملمة بحيثيات هذا الملف”.
ومن المستبعد، يضيف المحلل، “على الأقل إستراتيجيا، من الإدارة الأمريكية خلق نقاش سياسي داخلها حول موقفها الإستراتيجي من قضية الصحراء”، واستطرد: “الدافع الأساسي والمكون الرئيسي لقرارها السيادي حول سيادة المغرب على صحرائه تجاوز مستوى نقاشات المطبخ السياسي للإدارة الأمريكية، ويرتبط حاليا بأمنها القومي ومكون أساسي وإستراتيجي في حسابات منظومتها الدفاعية في المنطقة”.