مخاوف من امتداد الإنعاش الأوروبي إلى مسألة الإصلاحات الحساسة

La rédaction

تتزايد المخاوف من أن تضطر دول الاتحاد الأوروبي إلى إحداث إصلاحات في القطاعات الحساسة للحصول على مساعدات صندوق الإنعاش الأوروبي حيث لا تحظى هذه الإصلاحات بشعبية نظرا لارتباطها بحقوق اجتماعية على غرار التأمين ضد البطالة والمعاشات التقاعدية وتقليص النفقات العامة وغيرها.

ومن أجل الحصول على مساعدات من صندوق الإنعاش الأوروبي تواجه دول الاتحاد الأوروبي خطر الاضطرار إلى إجراء إصلاحات لا تحظى بشعبية، وهي مسألة تتم مناقشتها بعمق في بروكسل قبل تقديم الخطط الوطنية الأولى.

صندوق الإنعاش الأوروبي قد يشكل خلافا بين دول جنوب أوروبا التي ترزح تحت الديون ودول شمال القارة التي تُعتبر متقشّفة

والصندوق الذي تبلغ قيمته 750 مليار يورو، وهو تجسيد للتضامن الأوروبي في مواجهة الوباء العالمي، قد يصبح أحد المواضيع الخلافية بين دول جنوب أوروبا التي ترزح تحت عبء الديون ودول شمال أوروبا التي تُعتبر “متقشّفة”.

ويُفترض أن تموّل الصندوق الذي يتغذى من اللجوء المشترك وغير المسبوق إلى الدين، استثمارات في مجال التحوّل الرقمي والمراعي للبيئة. لكن من أجل تجاوز المعارضة الأولية للدول “المتقشّفة” تمّت إضافة تعهّدات بإجراء إصلاحات تضع المستفيدين من الأموال تحت المراقبة.

ويقول دبلوماسي أوروبي إن في الأسابيع الأخيرة “مارست المفوضية ضغوطاً على الدول الأعضاء لتأتي بإصلاحات أكثر”.

وينصّ الاتفاق التاريخي المبرم في يوليو بعد مفاوضات شاقة على أن تدرج الدول الأعضاء في خططها الوطنية جدولاً زمنياً مفصّلاً لإصلاحات يطلبها الاتحاد الأوروبي على المدى الطويل.

من بين الدول الـ27 هناك عشر دول لا تلبي النداء، من بينها ألمانيا

ومن المحتمل أن يكون بين الإصلاحات المعنية الإصلاح الجاري للتأمين ضد البطالة في فرنسا أو إصلاح المعاشات التقاعدية الذي أُرجئ إلى فترة أكثر ملاءمة، وأيضاً إصلاح سوق العمل في إسبانيا وتقليص النفقات العامة في إيطاليا… إنها “توصيات محددة” صاغها المجلس الأوروبي في 2019 و2020.

وستقدم معظم الدول خططها بحلول نهاية أبريل. وستكون لدى المفوضية مهلة شهرين لإعطاء ضوئها الأخضر ثم سيُمنح المجلس الذي يمثل الدول الأعضاء شهر للمصادقة عليها. ويضيف الدبلوماسي أنه ينبغي على المفوضية الأوروبية أن تظهر صرامةً حيال الإصلاحات، “وإذا لم تفعل ذلك فإن بعض الدول ستنتقد بشدة خطط بعض الدول الأخرى”.

حتى العاشر من أبريل قدّمت 23 دولة مشروعاً مؤقتاً، لكن أياً منها لم تقدم النسخة النهائية. وأكد مسؤول أوروبي أن “المحادثات تشمل الإصلاحات”، مضيفاً أن الدول الأعضاء يجب أن تأخذ في الاعتبار “جزءاً كبيراً” من التوصيات المحددة. وتابع “ندرك أننا لن نتمكن من تقديم تعهّدات ملموسة جداً لكل موضوع صعب. يجب أن نكون مرنين وأن نجد توازناً، لكن بعض الدول ستكون متطلبة كثيراً”.

ولا أحد ينتظر عراقيل في الربيع في وقت يتعرض فيه الاتحاد الأوروبي لانتقادات بسبب بطئه في إنعاش الاقتصاد، كما أن هذا المشروع الرمزي لا يزال مهددًا حتى تتمّ المصادقة عليه من جانب كافة الدول الأعضاء. ومن بين الدول الـ27 هناك عشر دول لا تلبي النداء، من بينها ألمانيا حيث تشكك المحكمة الدستورية في شرعية المشروع.

ويُفترض أن تُختتم سريعاً المحادثات حول الخطط الوطنية التي انطلقت في مارس، للسماح بدفع أول المبالغ المرتقبة في الصيف، وهي تمويل مسبق يمثل 13 في المئة من إجمالي الإعانات.

وتلقت إسبانيا وإيطاليا، وهما أول المستفيدين، حوالي تسعة مليارات يورو من أصل مبلغ إجمالي يبلغ 70 مليارا لكل منهما. وبعد ذلك سيمتدّ دفع المساعدات على مدى عدة سنوات، ما يتيح معاقبة دولة ما في حال لم تحترم تعهّداتها في وقت لاحق.

يُفترض أن تموّل الصندوق الذي يتغذى من اللجوء المشترك وغير المسبوق إلى الدين، استثمارات في مجال التحوّل الرقمي والمراعي للبيئة

ويرى مساعد مدير مركز “جاك ديلور” في برلين لوكاس غوتنبرغ أن الوباء سيغيّر الهندسة المالية للاتحاد الأوروبي من خلال هذه التقييمات المنتظمة التي ستقرر دفع المساعدات. ويعتبر أن مستقبل الآلية يعتمد على قدرتها بفضل الحوافز المالية “على تسريع وتيرة الإصلاحات في الدول الأعضاء”. ويؤكد أن الهدف يجب أن يكون التوصل إلى “آلية سياسية دائمة لتنسيق السياسات الاقتصادية”.

لكن بالنسبة إلى الباحث المساعد في معهد بروغل البلجيكي جان بيزاني – فيري، فإن الاتحاد الأوروبي “قد يرتكب خطأ سياسياً فادحاً” في حال أصرّ على أن يكون تقديم الإعانات مشروطاً بتنفيذ إصلاحات للرواتب التقاعدية وسوق العمل غير المرتبطة بشكل مباشر بهدف الاستثمارات.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: