يخضع شقيق الرئيس الجزائري المخلوع عبدالعزيز بوتفليقة، ومستشاره السعيد بوتفليقة الاثنين للاستجواب في جناية التأثير على قرارات العدالة.
وأحضر السعيد بوتفليقة من المؤسسة العقابية في الحراش إلى محكمة سيدي أمحمد بقلب العاصمة الجزائر، وسط حراسة أمنية مشددة من قبل عناصر الدرك الوطني.
ويتابع السعيد بوتفليقة في التهمة الموجهة إليه رفقة وزير العدل الأسبق الطيب لوح وقضاة آخرين ورجال أعمال معروفين، إلى جانب زوجة وزير الطاقة والمناجم الأسبق شكيب خليل وأفراد من عائلته.
وكان السعيد بوتفليقة ورط شقيقه بتأكيده خلال التحقيقات في بداية العام أنه تلقى أمرا منه بإلغاء الأمر بالقبض الدولي على أفراد عائلة وزير الطاقة الأسبق الفار من العدالة، والذي تم بطريقة غير قانونية بالرغم من أن التحقيق معهم أكد تورطهم في قضايا فساد.
وكشفت التحقيقات في قضية وزير الطاقة والمناجم الأسبق وأفراد عائلته، الموجود حاليا بالولايات المتحدة في حالة فرار والصادر في حقهم أمر بالقبض الدولي، عن تفاصيل مثيرة تورط فيها كل من مستشار والشقيق الأصغر للرئيس الجزائري السابق ووزير العدل الأسبق المسجون، بالإضافة إلى إطار في وزارة العدل ومحامي المتهمين.
وتعود تفاصيل القضية إلى سنة 2013، عندما أصدر قرار بالقبض الدولي في حق خليل وزوجته الفلسطينية الأصل وابنيهما، في قضية ما يعرف بـ”سوناطراك2″، وأعلن حينها عن القرار الوزير الحالي للعدل بلقاسم زغماتي لما كان يشغل منصب نائب عام لمجلس قضاء الجزائر، والذي أقيل من منصبه بسبب هذه القضية.
ومن أجل إبطال القرار بالقبض الدولي في حق الوزير الهارب وعائلته، يشير تقرير نشرته صحيفة “الخبر” المحلية إلى أنه في أواخر سنة 2017، طلب وزير العدل آنذاك الطيب لوح من المفتش العام لوزارته أن يتكفل “بقضية الأوامر بالقبض الصادرة ضد زوجة وزير الطاقة السابق ونجليه”، وأمره بأن ينسق مع قاضي التحقيق ووكيل الجمهورية لدى محكمة سيدي أمحمد وتبليغهما بتعليمات الوزير بإصدار إخطارات بـ”الكف عن البحث”، الذي يعني وقف أوامر القبض عند دخول الثلاثة إلى أرض الوطن.
ونقلت الصحيفة عن مصادر وصفتها بالمطلعة على التحقيق قولها إن السعيد بوتفليقة تدخل لدى الطيب لوح لفائدة خليل وأفراد عائلته، وتحرك وزير العدل بناء على ذلك ليسدي تعليمات إلى المفتش العام بوزارته لإلغاء الأمر بالقبض الدولي الصادر ضد عائلة خليل، وقام المفتش العام بنقل أوامر لوح إلى قاضي التحقيق ووكيل الجمهورية اللذين قاما بالتنسيق بينهما لإصدار إخطارات بالكف عن البحث، وهو ما تم فعلا، حيث دخل المتهمون الثلاثة إلى الجزائر وخرجوا منها في الفترة ما بين أبريل 2018 وسبتمبر من نفس السنة.
وأشارت الصحيفة إلى أن “السعيد بوتفليقة والطيب لوح وشكيب خليل كانوا على اتصال مع بعضهم وأعدوا لطريقة دخول أفراد عائلة شكيب إلى الجزائر للحيلولة دون أن ينفذ عليهم الأمر بالقبض الدولي، واكتشفت عدة رسائل نصية ومكالمات بين الثلاثة”.
وأوضحت أنه تبين بذلك “التخطيط المحكم لعملية إدخال زوجة خليل ونجليه، حيث أن وزير الطاقة الأسبق قام في 8 أبريل 2018 بإرسال رسالة نصية إلى السعيد بوتفليقة، أعقبتها مكالمة من لوح إلى خليل وتكرر نفس الأمر مرة أخرى في الفترة التي سبقت دخول نجاة عرفات إلى الجزائر”.
وتشير تفاصيل التحقيق إلى أن السعيد بوتفليقة أكد خلال استجوابه أن شقيقه الرئيس السابق هو من أمر بإلغاء الأمر بالقبض الدولي، لذلك فإن “اتصالاته مع لوح لم تكن عبر توجيه تعليمات، بل كان يسعى فقط للحصول على تطورات الملف ليبلغها لرئيس الجمهورية لا أكثر”.
وتقاطعت تصريحات المتهمين حول أن الإخطارات بالكف عن البحث الصادرة عن قاضي التحقيق في حق أفراد عائلة خليل غير قانونية، وتبين من خلال مجريات التحقيق وجود دلائل كافية وقرائن متماسكة تفيد بتوطيد الاتهام بارتكاب المتهمين الأفعال المتابعين لها.
ووجهت للمتهمين خليل وزوجته ونجليه، تبعا لذلك تهم المشاركة في إساءة استغلال الوظيفة طبقا للمادتين الـ33 والـ52 من قانون مكافحة الفساد والمادة الـ42 من قانون العقوبات، وعلى إثرها تم إصدار أمر بالقبض الدولي ضد وزير الطاقة الأسبق وأفراد أسرته في 26 يوليو 2020.
ويشار إلى أن السعيد بوتفليقة ووزير العدل الأسبق يتابعان بتهمة “إساءة استغلال الوظيفة، وإعاقة السير الحسن للعدالة، والتحريض على التحيز والتحريض على التزوير في محررات رسمية”.
ويتابع السعيد بوتفليقة، الذي برأته المحكمة العسكرية من تهمة “المؤامرة على سلطة الجيش”، في عدة قضايا متعلقة بالفساد، إلى جانب قضية عائلة خليل.