موظفي القنصليات المغربية بين ضغط العمل و الحفاظ على الكرامة
بوشعيب البازي
أصبح الموظف بالقنصلية المغربية ببروكسيل من مختلف المناصب يتعرض إلى مختلف أنواع الإهانة وقلة الاحترام من مواطنين مغاربة يتوافدون على القنصلية المغربية من أجل دفع ملف الاستفادة من الخدمات الإدارية للقنصلية .
و رغم ضغط العمل الناتج عن إستقبال أزيد من 500 شخص في اليوم حيث يأثر على سلوك الموظف بالقنصلية نتيجة الاحتكاك ببعض المرتفقين الذين لا يتوفرون على ما يتطلب من وثائق ضرورية لقضاء أغراضهم ، الشيء الذي يجعلهم يوجهون لهم أبشع الإهانات و الذل و الإحتقار كأنهم هجيج متخلفون في دولة متخلفة لا تستحق أن يُحترم مواطنوها على أية حال.
و رجوعا إلى مقتضيات القانون الجنائي المغربي سيما الفصل 263 منه، نجد أن المشرع الجنائي حصن كافة الموظفين العموميين من شتى أنواع الإهانة المادية أو المعنوية التي من المحتمل أن يتعرضوا لها أثناء ممارستهم لوظائفهم العامة، بأن جرم وعاقب على المساس بشرفهم أو اعتبارهم أو احترامهم أو شعورهم من طرف الغير سواء بالأقوال أو الاشارات أو الكتابات أو التهديدات.
و القانون الجنائي المغربي يعاقب عليها بالحبس من شهر إلى سنة وغرامة من مائتين وخمسين إلى خمسة آلاف درهم، من أهان أحدا من رجال القضاء أو من الموظفين العموميين أو من رؤساء أو رجال القوة العامة أثناء قيامهم بوظائفهم أو بسبب قيامهم بها، بأقوال أو إشارات أو تهديدات أو إرسال أشياء أو وضعها أو بكتابة أو رسوم غير علنية وذلك بقصد المساس بشرفهم أو بشعورهم أو الاحترام الواجب لسلطتهم.
فأية حماية للموظفين العموميين بين الحبر على الورق والواقع متوفرة إذن؟، بخصوص ما قد يعترضهم في المزاولة لعملهم العام من عراقيل من قبيل الإهانة والتهديد وكافة أشكال المساس باحترامهم وشعورهم وشخصهم؟. وما حدود تنزيل هذه المقتضيات الحمائية على أرض الواقع؟.
بالرجوع إلى ما هو مقنن ومكتوب من الناحية الجنائية نجد أن القائم هو “تمتيع جميع أطر وموظفي الدولة على قدم وساق بالحماية الجنائية من الإهانة”. وبالعودة إلى -الواقع المعيش- نجد أن المستفيد الوحيد من تفعيل هذه النصوص (خاصة 263 من القانون الجنائي) ينحصر في فئة القضاة.
إذا تعرض من تعرض للإهانة ولو كان وزيرا أو عاملا أو قائدا أو مديرا أو محاميا أو مفوضا قضائيا أو فردا من القوة العمومية. فإن المحكمة وقبلها النيابة العامة أو غيرهما من سلطات القضاء تلزمهم بالشهود وبالإثبات، في تجاهل تام لرسمية مهمتهم التي لم يشرعوا في مزاولتها إلا بعد “أداء اليمين القانونية” التي تضفي الرسمية على ادعاءاتهم وتظلماتهم.
أما والحال دائما عمليا- وإن شاءت الأقدار وأن تعرض -قاض- للإهانة، فإن الرسمية المطلقة تستحضر ويبقى تصريحه وادعاؤه دليلا رسميا لا يحتاج الى تعزيزه بأية وسيلة اثباتية أخرى ….. في شكل ينم عن فلسفة لطالما ابدع في بلورتها البعض ضدا على المساواة وعدم التمييز. فأية حكامة إذن -من الناحية الجنائية – بخصوص تفعيل وتنزيل ضمانات حماية الموظفين العموميين من الإهانة وبالتساوي؟.
بين هذا وذاك ، يقف الموظف بالقنصليات المغربية على تلة همومه اليومية في بلد العمل ، متأملا أطلال إنسانيته التي أصبحت خرابا ، باكيا كرامة الانسان التي سرقت من قبل إخوانه بالمهجر ، لم ينظروا لمعاناة الموظف بعين الإحترام ، ومن عالم استضعف موقف الهيآت الديبلوماسية ، فأخذ يمارس كل أنواع الاذلال عليهم .