تعكس زيارة حزب الأصالة والمعاصرة المغربي إلى تونس ولقاؤه بعدد من الأحزاب اهتماما مغربيا بإعادة الاعتبار للعلاقات بين البلدين.
واختار حزب الأصالة والمعاصرة، الذي يُعتبر الحزب الثاني في المغرب (100 مقعد برلماني من أصل 395)، هذا التوقيت ليؤكّد للأحزاب والكتل البرلمانية التونسية على ما توليه بلاده من أهمية لعلاقاتها مع تونس، وحرصها على تنمية التعاون لخدمة المصالح المشتركة على الصعيد الثنائي، وعلى مستوى الاتحاد المغاربي.
وأجرى وفد هذا الحزب الذي يتألف من أمينه العام عبداللطيف وهبي ورئيس فريقه النيابي رشيد العبدي ورئيس فريقه بالغرفة النيابية الثانية عادل بركات والنائبة البرلمانية زهور الوهابي، خلال هذه الزيارة، سلسلة اجتماعات ولقاءات ومشاورات مع عدد من الأحزاب التونسية والكتل البرلمانية، تمحورت في مجملها حول السبل الكفيلة بتعزيز جسور التواصل بين البلدين.
وقال عبداللطيف وهبي في تصريح لـه إنه تم خلال هذه اللقاءات التأكيد على أهمية العلاقات التاريخية بين المغرب وتونس التي توليها قيادة البلدين مكانة رفيعة، إلى جانب تعميق التعاون وتبادل الرؤى والأفكار بين حزبه والأحزاب التونسية.
وأضاف أن وفد حزبه قدّم عرضا حول مسار التقدم السياسي والديمقراطي والاقتصادي في المغرب، والنجاحات التي حققها خلال السنوات الماضية على أكثر من صعيد، بقيادة العاهل المغربي الملك محمد السادس، ومنها النجاح في إدارة أزمة جائحة كورونا.
وتابع أن هذه اللقاءات والمشاورات شملت أيضا عددا من العناوين الأخرى منها بحث السبل الكفيلة بإحياء اتحاد المغرب العربي وتفعيله والذي تستضيف العاصمة المغربية الرباط أمانته العامة، لاسيما في هذه المرحلة التي تستدعي تمتين جسور التواصل السياسي والاقتصادي، وتكريس الانسجام بين دول الاتحاد بما يُمكّن من خلق قوة مغاربية مُتكاملة وفاعلة على الصعيدين الإقليمي والدولي.
وبدأت هذه اللقاءات باجتماع مع وفد من حركة مشروع تونس برئاسة محسن مرزوق الذي أعرب عن ارتياحه للأجواء التي سادت هذا الاجتماع، لجهة الرفع من مستوى العلاقات بين الحزبين والبلدين.
وقال مرزوق إن اجتماعه مع وفد حزب الأصالة والمعاصرة المغربي هو “تواصل للجهود التي بادرنا بها معهم منذ أكثر من ثلاث سنوات، وأدت إلى تأسيس شبكة الأحزاب التقدمية بشمال أفريقيا التي تهدف إلى التنسيق من أجل تعزيز التعاون بين دولنا والتصدي للتطرف والإرهاب”.
وأضاف أن حركته مشروع تونس ترنو إلى دور ريادي في تجميع القوى الديمقراطية الحداثية في الدول المغاربية وتشبيكها خدمة للمصالح المشتركة.
وكان مرزوق قد زار المغرب قبل نحو ثلاث سنوات، حيث التقى في طنجة مع إلياس العمري، الذي كان وقتها يتولى الأمانة العامة لحزب الأصالة والمعاصرة المغربي.
وأكد عبداللطيف وهبي في تصريحه لـه أنه تم خلال اللقاءات التي جمعته بالأحزاب والكتل النيابية الاتفاق على عقد لقاء قريب بين الأحزاب المغربية والتونسية يكون مُنفتحا على جميع القوى دون تهميش أو إقصاء، على أن يُخصص لتبادل الآراء والأفكار لتطوير المسار الديمقراطي في البلدين.
كما اجتمع وفد الأصالة والمعاصرة مع وفد من البرلمان التونسي برئاسة راشد الغنوشي.
واستغل الغنوشي هذه المناسبة للتأكيد على “ضرورة تكثيف الجهود المشتركة من أجل تحقيق طموح الشعب المغاربي وحلمه في بناء مغرب عربيّ موحد”، وذلك في رسالة بدت كأنها مُحاولة لترميم الضرر الذي ألحقه بتصريحات سابقة سعى فيها إلى نسف أسس الاتحاد المغاربي من خلال الدعوة إلى تكتل ثلاثي بعملة واحدة ومستقبل واحد لشعوب تونس والجزائر وليبيا فقط، مستبعدا بذلك المغرب وموريتانيا، الأمر الذي أثار استياء كبيرا في الرباط ونواكشوط، ورفضا في تونس وليبيا والجزائر.
وتطوّر ذلك الاستياء إلى غضب وسخط عبرت عنهما غالبية القوى السياسية في المغرب، وكذلك أيضا في موريتانيا، باعتبار أن ما قاله الغنوشي فُهم على أنه خطوة تستبطن ضرب اتحاد المغرب العربي خدمة لأجندات خفية، خاصة وأن حركة مجتمع السلم “حمس” الإسلامية الجزائرية سارعت على لسان رئيسها عبدالرزاق المقري إلى الدفاع عن الغنوشي.
وكان وفد حزب الأصالة والمعاصرة المغربي قد اجتمع أيضا خلال زيارته إلى تونس مع وفد من حزب أمل برئاسة سلمى اللومي، ومع سنية بالشيخ الأمينة العامة لحزب تحيا تونس، وعياض اللومي رئيس المكتب السياسي لحزب قلب تونس، إلى جانب عدد من رؤساء الكتل النيابية في البرلمان، على أن يختتم زيارته اليوم الخميس بعقد لقاء مع عبير موسي رئيسة الحزب الدستوري الحر.