أعلن الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون مساء الأحد تراجعه عن مشروع تعديل قانون الجنسية المثير للجدل نظرا لـ”سوء الفهم” وما وصفه بـ “التأويلات التي رافقت الإعلان عن التعديل”، كما تعهد باسترجاع الأموال المهربة من الخارج من قبل أركان نظام الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة.
وقال تبون في مقابلة متلفزة إنه “تم سحب المشروع التمهيدي المتعلق بإجراء التجريد من الجنسية الجزائرية الأصلية أو المكتسبة، المطبق على كل جزائري يرتكب عمدا أفعالا خارج التراب الوطني من شأنها أن تلحق ضررا جسيما بمصالح الدولة أو تمس بالوحدة الوطنية”.
وكانت الحكومة الجزائرية أعلنت في مارس أنّها بصدد إعداد مشروع قانون يجيز نزع الجنسية من المواطنين الذين يرتكبون في الخارج “أفعالا تلحق ضررا جسيما بمصالح الدولة أو تمسّ بالوحدة الوطنية”، أو يتعاملون مع “دولة معادية” أو ينخرطون في نشاط “إرهابي”.
وأرجع الرئيس الجزائري قرار سحب مشروع القانون إلى سوء فهم قد تكون له إسقاطات كبيرة و”تأويلات أخرى”.
وأثار المشروع الكثير من الجدل واتهمت البلاد بأنها تريد تكميم أفواه المعارضين في الخارج، وهو ما دفع الرئيس إلى التذكير بأن “ازدواجية الجنسية أو تعددها ليست ذنبا”، بل هي أمر “نحترمه، لأنه من المفروض أن يقدم شيئا إيجابيا للبلد الأصلي للمعني في جو تسوده الروح الوطنية”.
لكن تبون أشار ردا على المخاوف التي أثارها المشروع إلى أن هذا الإجراء كان “مرتبطا فقط بمسألة المساس بأمن الدولة، مضيفا أنه “سيتم الدفاع عن استقرار البلد بطرق أخرى”.
وفي ملف الأموال المهربة إلى الخارج خلال عهد الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة (1999 – 2019)، أكد الرئيس الجزائري أن أغلب دول الاتحاد الأوروبي أبدت استعدادها لمساعدة بلاده في استرجاعها، واعدا بـ”أخبار جيدة” في هذا الملف خلال الأيام القادمة.
وقال تبون إن أغلب الأموال المهربة خلال العهد السابق كانت وجهتها أوروبا، من دون أن يحدد حجمها، وفق ما بثه التلفزيون الرسمي.
وأضاف أن عملية استرجاع هذه الأموال تتم وفق خطوات قانونية معقدة، وحاليا هناك ملفات فساد تنتظر الأحكام النهائية للقضاء لكي تبدأ عملية التفاوض حول استرجاع الأموال والعقارات في الخارج.
وأفاد بأن أغلب دول الاتحاد الأوروبي أبدت استعدادها للمساعدة في تسهيل استعادة تلك الأموال.
وأشار إلى أن السلطات الجزائرية باشرت اتصالات لاسترجاع الأموال المهربة، وحتى عقارات، والسفراء يتولون هذه المهمة، مضيفا أن السفير الجزائري في فرنسا تمكن من استرجاع 46 من الأملاك العقارية.
وشدد على أنه عند وعده باسترجاع الأموال المهربة، أو جزء منها، كما قال قبل وصوله إلى السلطة في 19 ديسمبر 2019.
ولا يوجد رقم رسمي حول حجم الأموال المهربة خلال عهد بوتفليقة، الذي استقال من الرئاسة في 2 أبريل 2019، تحت ضغط احتجاجات شعبية مناهضه لحكمه اندلعت في 22 فبراير من العام نفسه.
وفي ما يتعلق بقضايا الفساد ببلاده فجر الرئيس الجزائري مفاجأة عندما كشف عن حصول شخصية نافذة، لم يسمها، على مبلغ مالي من جهات أجنبية تقدر بنحو 300 ألف يورو، دون توضيح منصب هذا المسؤول.
واستطرد “هناك من يمول الفساد في بلدنا وهو في السجن، ويتعامل مع مخابرات دولة أجنبية”.
ومنذ مارس 2019 فتحت الأجهزة الأمنية والقضائية بالجزائر ملفات فساد أركان نظام بوتفليقة، وتسارعت وتيرتها بشكل غير مسبوق، وتمت إدانة أكثر من 40 مسؤولا سياسيا وأمنيا وإداريا بالسجن ومصادرة الأملاك.
فيما تتواصل محاكمات شخصيات أخرى بارزة من وزراء سابقين ورجال أعمال في قضايا فساد، وسط تحرك رسمي لاستعادة الأموال المنهوبة من بعض الدول بينها فرنسا، بعد صدور الأحكام القضائية النهائية.
وعن الأزمة الليبية جدد الرئيس الجزائري موقف بلاده الرافض لتواجد المرتزقة وجنود أجانب على الأراضي الليبية.
وأكد تبون أن الجزائر “طالبت بخروج الأجانب والمرتزقة من ليبيا وبالحوار الليبي الليبي”.
وأبدى استعداد بلاده لتدريب ضباط الجيش الليبي، منوها بأن أكاديمية “شرشال” للتكوين العسكري “مفتوحة أمام الليبيين”.
وتطرق تبون إلى انتخابات برلمانية مبكرة، مقررة في 12 يونيو المقبل، مشددا على أنه لن يدعم أي حزب سياسي خلالها، ومستعد للعمل مع من يزكيه الشعب، سواء من المعارضة أو الموالاة.