الأحزاب التقليدية لمنطقة القبائل تغيب عن الانتخابات النيابية في الجزائر

بليدي

توسعت دائرة المقاطعين للانتخابات التشريعية المبكرة في الجزائر لتضم أقدم أحزاب المعارضة في البلاد، بعد إعلان جبهة القوى الاشتراكية عن عدم مشاركتها في الاستحقاق النيابي المقرر في الـ12 من يونيو القادم، الأمر الذي يزيد من ثقل خيار المقاطعة ويضع مسار السلطة أمام تحدّ سياسي معقد.

وستكون منطقة القبائل لأول مرة في تاريخ الاستحقاقات الانتخابية في الجزائر غائبة عن السباق النيابي وعن البرلمان المقبل، بعدما قررت أحزابها التقليدية مقاطعة الانتخابات التشريعية وعلى رأسها جبهة القوى الاشتراكية، وقبلها التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية.

وبقرار المقاطعة المُعلن عنه من طرف قيادة الحزب المذكور تكون الانتخابات التشريعية قد فقدت حلقة مهمة ووضعت شرعية البرلمان القادم في أزمة مبكرة، على اعتبار أن منطقة حساسة من البلاد ستكون غائبة في المجلس الذي سيتم انتخابه، كما سيضع الوحدة الوطنية أمام تحدّ حقيقي في ظل مساعي التيار الانفصالي لفصل المنطقة عن عموم البلاد.

وذكر بيان الحزب بأن “جبهة القوى الاشتراكية تُجدّد التأكيد على أن شروط إجراء الانتخابات التشريعية المقبلة في الـ12 من يونيو غير متوفرة، وأن الانتخابات لا تشكل حلا للأزمة متعددة الأبعاد التي تعيشها البلاد، ولذلك لا يمكن لجبهة القوى الاشتراكية المشاركة في هذه الانتخابات”.

وأضاف “يطالب الحزب باتخاذ تدابير تسمح للشعب الجزائري بالممارسة الحرة لحقه في تقرير المصير، لاسيما احترام الحريات الأساسية ووصول جميع الفاعلين السياسيين والاجتماعيين إلى وسائل الإعلام بشكل عادل، وفتح حوار وطني شامل”.

جبهة القوى الاشتراكية تطالب بوصول الفاعلين السياسيين إلى وسائل الإعلام بشكل عادل وفتح حوار وطني شامل

وكان الرئيس عبدالمجيد تبون قد قرر حلّ البرلمان السابق في شهر فبراير الماضي كخطوة من السلطة لإرساء قواعد التغيير ودفع المسار السياسي في البلاد، غير أن طرحه لم يحقق الإجماع لدى الطبقة السياسية، حيث تجددت احتجاجات الحراك الشعبي واستمرت المقاربة الأمنية في التعاطي مع غضب الشارع، فضلا عن إعلان عدد من الأحزاب عن عدم مشاركتها في الاستحقاق الانتخابي.

وكانت قوى تكتل البديل الديمقراطي المعارض قد أعلنت تباعا عن مقاطعتها للاستحقاق النيابي قبل أن تصدر جبهة القوى الاشتراكية موقفها المفاجئ وتضع الاستحقاق برمته في الميزان، بشكل يعزز فرضية يتم تداولها على نطاق ضيق حول تأجيل الموعد الانتخابي والدخول في حوار شامل للخروج من الأزمة التي تتخبط فيها البلاد منذ شهر فبراير 2019.

وحذر ناشطون سياسيون من إمكانية ذهاب السلطة إلى أيّ استحقاق انتخابي في ظل معارضة شاملة له من طرف منطقة القبائل، قياسا بما تمثله المنطقة من بعد استراتيجي ووقوعها تحت مناورات توصف بـ”الخطرة “، لأن غيابها عن أيّ استحقاق انتخابي أو أيّ مؤسسة منتخبة يعزز مطلب الانفصال الذي ترفعه “حركة استقلال القبائل” (ماك).

وكانت المنطقة قد سجلت أقل نسبة مشاركة في الانتخابات الرئاسية التي تم تنظيمها في ديسمبر 2019، وفي الاستفتاء الشعبي الذي تم في الفاتح من نوفمبر الماضي، حيث لم تتجاوز الواحد في المئة.

وأكد مصدر محلي مسؤول، رفض الكشف عن هويته، لـ”العرب” بأن “نسبة الواحد في المئة تمثل أعوان الأسلاك الرسمية والمؤسسات الحكومية، وأن السكان لم يشاركوا البتة في الاستحقاقين المذكورين”.

وفي ظل تعزيز موقف جبهة القوى الاشتراكية لخيار التأجيل والذهاب إلى حل سياسي يمهد لانتخابات تكون محل إجماع بين جميع القوى السياسية تراهن أطراف في السلطة وفي المحيط الموالي لها على اللوائح المستقلة أو بعض الأحزاب الأخرى، من أجل كسر هاجس المقاطعة الشاملة وتسجيل معادلة ” صفر مشاركة”.

وبالموازاة مع تصاعد الاحتجاجات السياسية الشعبية خلال الأسابيع الأخيرة وتوسعها يومي الثلاثاء والسبت الماضيين، بعدما كانت تقتصر على يوم الجمعة فقط، تتصاعد احتمالات تكرار سيناريو الاستحقاقات السابقة التي تعاني من أزمة شرعية بسبب المشاركة الشعبية المحدودة فيها، حيث لم ينتخب الرئيس تبون إلا حوالي أربعة ملايين من جملة 23 مليون جزائري مدونين في اللوائح الانتخابية، كما لم تتجاوز نسبة المشاركة في الاستفتاء الشعبي على الدستور حدود الـ23 في المئة.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: