هل يقترب المغرب من التحرير الكامل للدرهم؟

حنان الفاتحي

تطرح تجربة التحرير الجزئي للدرهم المغربي تساؤلات حول احتمال تعويم كامل للعملة، لاسيما مع توفر الظروف المالية المواتية واستقرار الأنشطة التجارية وميزان المدفوعات وتوفر كتلة نقدية أجنبية آمنة، غير أن اعتماد الاقتصاد على الواردات بشكل كبير في ظل إنتاجية محلية ضعيفة حسب خبراء قد يتسبب في تراجع الاقتصاد.

اختارت الحكومة المغربية تعويما تدريجيا للدرهم منذ عام 2018 كأحد بنود برنامج إصلاح اشترطه صندوق النقد الدولي لتقديم مساعدة للبلاد، غير أن الوضع المالي الحالي تبعا لتداعيات كورونا ونضوب مخزون النقد الأجنبي يطرح جدلا حول احتمال تطبيق تحرير كامل للدرهم لامتصاص الصدمات الخارجية.

وبات التعويم الجزئي والكامل للعملة في المنطقة العربية بعد تنفيذ بلدان مثل مصر إلى جانب العراق والسودان واليمن أحد شكلي التعويم على عملاتها المحلية، فيما قد يتجه لبنان للتعويم خلال 2021.

ويرى محللون ماليون أن المغرب لم يشهد أي ارتباكات حادة في عملية التعويم الجزئي لأنها لم تكن أولوية للاقتصاد المحلي.

عمر الكتاني: البنك المركزي المغربي جد متحفظ من تحرير سعر الدرهم

واستفادت عملية تعويم العملة المحلية من تمتع المغرب بدرجة من الاستقرار في الأنشطة التجارية وميزان المدفوعات وتوفر كتلة نقدية أجنبية آمنة. وبدأ المغرب في إصلاح نظام سعر الصرف (تعويم الدرهم) في يناير 2018.

وسمحت المملكة لسعر صرف الدرهم بهامش 2.5 في المئة صعودا أو هبوطا، أمام سلة من عملتي اليورو (بوزن 60 في المئة) والدولار الأميركي (بوزن 40 في المئة)، كمرحلة أولى للتعويم الكامل على مدى 10 سنوات.

وفي 9 مارس 2020 شرع المغرب في تطبيق المرحلة الثانية من تحرير سعر صرف الدرهم، بتوسيع هامش التحرك إلى 5 في المئة صعودا أو هبوطا.

ويرى عمر الكتاني الخبير الاقتصادي والأستاذ بجامعة محمد الخامس بالرباط أن “هناك موقفا لمحافظ البنك المركزي عبداللطيف الجواهري، كان جد متحفظ من تحرير سعر الدرهم”.

وأوضح الكتاني في تصريحات صحافية أن “محافظ البنك المركزي تعرض إلى ضغوط كبيرة من طرف صندوق النقد الدولي لتعويم العملة المحلية”. وتابع “المغرب لجأ في ظل الضغوط إلى إقرار تعويم تدريجي حتى يتأقلم الاقتصاد المغربي ويتفادى صدمة كبيرة كالتي شهدتها مصر عقب تعويم الجنيه”.

وفي مصر تراجع سعر صرف الجنيه من 8.88 أمام الدولار إلى قرابة 20 جنيها بالمتوسط في الأسابيع الأولى للتعويم الكامل الذي نفذه في نوفمبر 2016.

وفي تقرير صدر بتاريخ 24 يناير 2019 أوصى خبراء صندوق النقد الدولي السلطات المغربية بعدم التأخر في توسيع نطاق تحرير سعر صرف العملة المحلية.

وقال الصندوق إن توسيع نطاق تحرك الدرهم ضروري من أجل حماية الاحتياطات الأجنبية وجعل الاقتصاد في وضع أفضل لاستيعاب الصدمات الخارجية المحتملة والحفاظ على القدرة التنافسية.

وفي 17 يوليو 2019 رحب صندوق النقد ببداية تحول المغرب إلى مرونة أكبر في سعر الصرف؛ مما سيساعد الاقتصاد على امتصاص الصدمات الخارجية.

وحث الصندوق الحكومة المغربية على الاستفادة من الفرصة الحالية لمواصلة تعويم العملة بطريقة متسلسلة ومتقنة. وفي المرحلة الحالية، يقول الكتاني “توجد ضغوط جديدة يمارسها صندوق النقد للتعويم الكامل للعملة المحلية.. وما لهذا القرار في حال تنفيذه من أضرار على الاقتصاد الوطني”.

Thumbnail

وأضاف “ليس من المنطقي أن نسير في اتجاه التعويم الشامل، في وقت يشهد العالم ظروفا استثنائية تنعكس على المغرب، لأن ثلث نمو الدخل الوطني مرتبط بالخارج”.

ويرى الطيب أعيس الخبير الاقتصادي أن مسار التعويم الشامل يتطلب دراسة الخسائر والأرباح جيدا قبل الخوض فيه.

وقال أعيس في تصريحات صحافية إن تحرير سعر الصرف وفق آليات العرض والطلب بشكل شامل يتطلب اقتصادا قويا قادرا على تحقيق فائض من خلال تصدير السلع إلى الخارج واستقطاب العملة الصعبة وجلب استثمارات أجنبية.

وأوضح “في حال اعتمد الاقتصاد على الواردات بشكل كبير، في ظل إنتاجية محلية ضعيفة، فإن الاقتصاد سيشهد تراجعا ملحوظا مع هذا التعويم الشامل”.

ويعتقد أعيس أن البنك المركزي لعب دورا مهما في مسار التعويم التدريجي للعملة المحلية. وأشار إلى أن “تدخلات بنك المغرب (البنك المركزي) حافظت على التوازنات الاقتصادية الكبرى وحافظت على السياسة النقدية”.

وأفاد “ليس هناك أي تأثير للتعويم الجزئي للعملة المحلية على الاقتصاد الوطني، وظل الدرهم في نفس مستواه وحافظ على قوته وغاب الانهيار المتوقع للعملة الوطنية”.

وفي 2020 أكدت وزارة الاقتصاد والمالية أن “تنفيذ المرحلة الثانية (التعويم) تم في ظروف اقتصادية ومالية ملائمة على الصعيد الداخلي، تتسم بمستوى ملائم من احتياطات العملة الصعبة ومستوى تضخم متحكم فيه”.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: