الجزائر تطور أنشطتها الحدودية مع موريتانيا للتضييق على المغرب

الماموني

وقعت الجزائر وموريتانيا الخميس مذكرة تفاهم تقضي بإنشاء لجنة حدودية مشتركة “تعنى بتطوير وتنسيق التعاون في مجالات الأمن والثقافة والاقتصاد ومعالجة الأزمات في المناطق الحدودية”.

وتهدف مذكرة التفاهم التي وقعها وزير الداخلية الموريتاني محمد سالم ولد مرزوق ونظيره الجزائري كمال بلجود بمقر وزارة الداخلية الموريتانية إلى تكثيف المبادلات الاقتصادية والتجارية والثقافية والرياضية بين المناطق الحدودية، فضلا عن تأمين الحدود المشتركة ومحاربة الجريمة المنظمة بجميع أشكالها ومكافحة الهجرة غير الشرعية.

وتهدف الجزائر من خلال هذه الاتفاقية إلى تطوير نشاط معبر حدودي مع موريتانيا ينافس معبر الكركرات الذي يعد بوابة مغربية لتموين أسواق موريتانيا ودول غرب أفريقيا، وأيضا عرقلة أي مشاريع معابر أخرى تعزز موقع المغرب.

وتحاول الجزائر الركوب سياسيا ودبلوماسيا على تأجيل الزيارة التي كان مقررا أن يقوم بها وزير الخارجية الموريتاني قبل أيام إلى المغرب.

وأكدت مصادر سياسية أن نواكشوط ماضية في تمتين علاقاتها بالرباط وتعمل على تكوين رؤية واضحة بخصوص علاقتها مع جبهة البوليساريو الانفصالية في ظل الظروف المستجدة، خصوصا بعد اعتراف واشنطن بسيادة المغرب على صحرائه وما سيترتب على ذلك على كافة الأصعدة.

وتسابق الجزائر الزمن كي لا يتم فتح معبر حدودي ثان بين المغرب وموريتانيا والذي من المتوقع أن يكون في منطقة كلتة زمور التابعة لمدينة السمارة الواقعة أقصى شرق المملكة وفي تماس مباشر مع الحدود الشمالية لموريتانيا.

وقال مسؤولون مغاربة إن فكرة فتح المغرب معابر أخرى مع موريتانيا إلى جانب معبر الكركرات ليست وليدة اللحظة، بل سبق للمغرب أن فكر في إنشاء معابر بهدف تعزيز موقع الأقاليم الجنوبية كحلقة وصل للربط بين المملكة وغرب أفريقيا عبر موريتانيا، وتعزيزا للروابط الاقتصادية والثقافية والسياسية بين المنطقة والعمق الأفريقي للمغرب.

ويرى مراقبون في هذا الحدث محاولة جزائرية لتضييق الخناق على المغرب وتقزيم دور معبر الكركرات بين المغرب وموريتانيا، مضيفين أن هذه المحاولة لن يكون لها أي أثر على المدى القريب والمتوسط.

Thumbnail

ومنذ الزيارة الأولى التي قام وزير الخارجية الموريتاني إسماعيل ولد الشيخ أحمد إلى المغرب قبل ثلاث سنوات، يشكل تأمين المعابر الحدودية أحد البنود الشائكة على طاولة تطوير العلاقات بين الطرفين نظرا إلى ارتباطها بمستقبل العلاقات بين البلدين بعدما تبين أن الجزائر راهنت على أن يكون المعبر الحدودي تندوف – شوم بديلا لمعبر الكركرات.

وتعمل الجزائر على تكبيل أيادي الموريتانيين من خلال هذه المذكرة الأخيرة. ويتوقع الجانب الجزائري من إنشاء لجنة حدودية مشتركة أن “يكون لها الأثر الفعال ليس فقط في التصدي للتحدي المزدوج (التنمية والأمن) وإنما أيضا لمجابهة التحديات الراهنة” والتي لم يسمّها.

وأكدت المصادر السياسية أن تحركات الجزائر نابعة من تخوفها من مشاريع الطرقات التي يتم العمل عليها في إطار تطوير البنية التحتية والتي تربط المدن المهمة في الأقاليم الجنوبية بأخواتها في الشمال، والتي سيكون لها أثر فعال في توطين مشاريع استثمارية مهمة خصوصا في مناطق العيون والداخلة والسمارة، كما ستربط الطرقات طانطان بالسمارة مع طرقات في اتجاه العمق الأفريقي عبر موريتانيا.

وبعد تحقيق تقارب ملحوظ بين المغرب وموريتانيا تحاول الجزائر خلق ثغرة في تلك العلاقات وتغذية التوتر من خلال إغراء الجانب الموريتاني بأهمية هذه الاتفاقية.

ويرى متابعون للشأن المغاربي أن الجزائر تعتبر فتح معبر حدودي بين موريتانيا والمغرب تهديدا لمصالحها، وتريد عزل المغرب جغرافياً بإغلاق منافذ برية في اتجاه غرب أفريقيا.

وارتباطا بالأهداف الحقيقية وراء هذه الخطوة ومحاولات الجزائر التقرب من نواكشوط بشتى الوسائل بما فيها الإغراءات التجارية والاقتصادية، أوضح شيخاني ولد الشيخ رئيس الجمعية الموريتانية – المغربية للدفاع عن الوحدة المغاربية أن حكام الجزائر يسعون إلى “ضم الأراضي النافعة المتمثلة في حوض تندوف وحوض زمور وأجزاء من حوض تاودني، وترك الأراضي غير النافعة لنا”.

وأضاف شيخاني أن “هذه المراوغة المفضوحة تدعونا إلى مطالبة سلطات بلادنا بتوخي المزيد من الحيطة والحذر من تحرشات حكام الجزائر بسيادة بلادنا، وكذلك تدعونا إلى مطالبة الجزائر بالحد من توسعها المتعاظم في المنطقة”، مشيرا إلى أن “هذه المراوغات لا تنبثق عن حسن النية تجاه الجيران ولا تجاه الشعب الجزائري”.

وقال منتخبون من الأقاليم الجنوبية إن الجزائر تلعب في الوقت بدل الضائع نظرا لأن النظام الجزائري يعمل على التغطية على فشل المعبر الذي تم تدشينه بينها وبين موريتانيا في العام 2018، مضيفين أن “المنطقة تطالب بمعبر تجاري لتعزيز التجارة مع موريتانيا وعدد من بلدان غرب أفريقيا”.

وكانت خطة إنشاء معبر بري رابط بين مدينتي تندوف الجزائرية والزويرات الموريتانية قد باءت بالفشل.

ويرى خبراء في الاقتصاد أن صمود العلاقات بين المغرب وموريتانيا راجع إلى المتغيرات على أرض الواقع، وقد تم اختبارها عندما أغلقت ميليشيات بوليساريو معبر الكركرات ما أثر على الأسواق الداخلية بعدما توقفت حركة التجارة مع المغرب، مضيفين أن الجزائر لا يمكنها توفير احتياجات الأسواق التجارية الموريتانية من السلع الغذائية وغيرها.

واستنتج مدير المركز المغاربي للدراسات الإستراتيجية ثابت ديدي ولد السالك أن “الجزائر لا يمكن أن تعوض المغرب في ما يتعلق بتزويد السوق الموريتانية بالسلع الغذائية، خاصة الخضراوات والفواكه”.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: