يناقش مجلس الأمن في أبريل الجاري ملف الصحراء المغربية، في ظل المتغيرات السياسية والدبلوماسية الجارية منذ الاعتراف الرسمي لواشنطن بسيادة المغرب على صحرائه، ووسط تمديد مهام بعثة الأمم المتحدة إلى الصحراء منذ أكتوبر الماضي.
وتتجه أنظار المهتمين بالملف إلى قرارات مجلس الأمن بشأن الوضع في الصحراء، وما ستكشف عنه المناقشات بشأن تعاطي الدول المؤثرة في المجلس مع الخطوة الأميركية، خصوصا فرنسا التي تؤيد مبادرة الحكم الذاتي المغربية.
وتتطلع الرباط لأن تنتهج باريس نفس الخطوات الأميركية بفتح قنصلية لها في الأقاليم الجنوبية.
وقالت مصادر دبلوماسية ، إن “باريس لها دور بارز في دعم المغرب داخل مجلس الأمن، وأنها ستعمل جاهدة على إقناع دول الاتحاد الأوروبي في دعم سيادة المغرب على صحرائه”.
وأوضحت أن “فرنسا لها وضع خاص في علاقتها مع الجزائر الداعم الرسمي لجبهة البوليساريو الانفصالية، لهذا تتعامل بمنطق التوازن بين مصالحها الآنية وما ستجنيه مستقبلا دون التخلي عن حلفائها في شمال أفريقيا”.
ولفتت المصادر الدبلوماسية إلى أن دور الجزائر في البحث عن حل دائم في ملف الصحراء سيكون محط نقاش مجلس الأمن باعتبارها داعما أساسيا للبوليساريو التي ثبتت ارتباطاتها بالجماعات الإرهابية بالساحل والصحراء، ما يشكل تهديدا لمصالح كل الدول الأعضاء بمجلس الأمن وعلى رأسها واشنطن وفرنسا.
وأشار محمد لكريني أستاذ القانون والعلاقات الدولية في حديثه إلى أن “مواقف القوى الدولية الكبرى تختلف في ما بينها بعد طرح مشروع الحكم الذاتي”، موضحا أن “الموقف الفرنسي يدعم مشروع الحكم الذاتي منذ وضعه في منظمة الأمم المتحدة من قبل المغرب سنة 2007”.
ولفت إلى أن ما تبقى هو التأكيد الفرنسي على مغربية الصحراء من خلال تبني الموقف الأميركي الذي اعترف بالسيادة المغربية على أقاليمه الجنوبية.
وتوقع لكريني أن “هذا ما سيحدث مع مرور الوقت، خصوصا وأن فرنسا حليفة للولايات المتحدة وعضوان دائمان في مجلس الأمن الدولي ويدعمان بعضهما البعض في العديد من القضايا، رغم أن فرنسا تحاول بشكل أو بآخر الحفاظ على علاقاتها ومصالحها مع كل من المغرب والجزائر”.
دعم واشنطن للمغرب بشكل مباشر يعتبر مهمّا بالنسبة إلى الملف كونها العضو الأكثر تأثيرا في المجلس
وفي ما يخص الموقف الألماني، توقع مراقبون أن تتجه برلين إلى عدم التدخل في ملف الصحراء بشكل يضر مصالحها مع المغرب، خصوصا مع الأزمة الدبلوماسية التي خلقتها سفارتها في الرباط مؤخرا، والتي تتجه نحو الحل بتغيير السفير الألماني الحالي بآخر له إلمام بالمتغيرات الحاصلة إقليميا ودوليا.
وتوقع هؤلاء أن تتعامل بريطانيا مع الملف بحرية أكثر بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي وتتجه في نفس طريق واشنطن.
وسبق للأمم المتحدة أن نشرت نص الاعتراف الأميركي بمغربية الصحراء بست لغات على موقعها الرسمي وضمنت وثائق الاعتراف الأميركي في أرشيفها وإعلان الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب أن لا حل عادلا لقضية النزاع في الصحراء إلا من خلال مقترح الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية.
ويعتبر دعم واشنطن للمغرب بشكل مباشر مهمّا بالنسبة إلى الملف كونها العضو الأكثر تأثيرا في المجلس.
ويتوقع مراقبون أن يكون تعيين المبعوث الأممي الجديد للصحراء لمباشرة مهامه بندا أساسيا بعدما ناقش الأمر كل من وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش.
ودعا بلينكن إلى الإسراع في تعيين مبعوث أممي جديد إلى الصحراء خلفا للألماني هرست كوهلر، في اجتماع مغلق جمعه بالأمين العام للأمم المتحدة، مجددا دعم الولايات المتحدة لمجهودات إيجاد حل سياسي للملف.
وأكد ستيفان دوجاريك المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة على صعوبة العثور على رجل دبلوماسي مناسب يشغل مهمة المبعوث الشخصي للأمين العام إلى الصحراء المغربية.
ونفى في مؤتمره الصحافي الأسبوعي أن يكون سبب التأخير يرجع إلى عدم جدية غوتيريش في تعيين من يخلف كوهلر الذي استقال في مايو 2019.
واشنطن مازالت على رأيها بأن قيام دولة صحراوية مستقلة ليس خيارا واقعيا لحل النزاع، وأن الحكم الذاتي الحقيقي تحت السيادة المغربية هو الحل الوحيد الممكن
واعتبر محمد بودن الأكاديمي والمحلل السياسي أن جلسة مجلس الأمن بشأن ملف الصحراء المغربية لها أهميتها كونها تأتي في سياق حققت فيه الرؤية الملكية في ملف الوحدة الترابية نجاحا كبيرا خاصة بعد صدور القرار الأممي 2548 في أكتوبر الماضي.
وتزامن هذا القرار مع التدخل المغربي لتأمين معبر الكركرات في نوفمبر الماضي ضد انتهاكات البوليساريو، والاعتراف الأميركي الاستراتيجي بسيادة المغرب على صحرائه وما استتبع ذلك من تطورات إيجابية بفتح دول عدة لقنصلياتها بكل من العيون والداخلة.
وأوضح بودن أنه سيتم في الاجتماع تقديم إحاطة تنفيذا للتوصية العاشرة من القرار الأممي 2548 التي يطلب فيها مجلس الأمن من الأمين العام أن يقدم إحاطات إلى مجلس الأمن على فترات منتظمة، وكذلك في أي وقت يراه مناسبا في أثناء فترة ولاية بعثة المينورسو التي تنتهي مع نهاية أكتوبر القادم.
ومازالت واشنطن على رأيها بأن قيام دولة صحراوية مستقلة ليس خيارا واقعيا لحل النزاع، وأن الحكم الذاتي الحقيقي تحت السيادة المغربية هو الحل الوحيد الممكن.
وأدرج تقرير وزارة الخارجية الأميركية حول حقوق الإنسان لسنة 2020 الصادر الثلاثاء الماضي لأول مرة الصحراء المغربية في الباب الخاص بأوضاع حقوق الإنسان في المملكة المغربية.