علاقة البوليساريو والجهاديين تهديد أمني عابر للحدود

Belbazi

تعطي خشية الخبراء والباحثين الأوروبيين والمغاربة من تمدد أعمال جبهة البوليساريو إلى خارج حدود أفريقيا لمحة عن حجم القلق الذي يشكله هذا الكيان المدعوم من الجزائر، حيث تستغل ميليشيات الانفصاليّين الأوضاع المتدهورة في تندوف لتهريب السلاح إلى المجموعات المتطرفة الناشطة في الساحل والصحراء والدفع بمقاتليها للانخراط أكثر فيها مع العمل على تجنيد الأطفال للزج بهم في معاركها.

تنظر جهات كثيرة في المنطقة، بشقيها الأوروبي والأفريقي – المغاربي، بقلق إلى التصعيد الذي تتعبه جبهة البوليساريو الانفصالية خاصة إذا ما تم ربطه بالعديد من التقارير التي تتحدث عن انخراط عناصرها في جماعات متطرفة، في محاولة من هذا الكيان المدعوم من الجزائر لإثبات وجوده مهما كانت التكاليف.

وتبدو المخاوف مبررة بعد أن أثار معهد المستقبل والأمن في أوروبا مسألة تواطؤ البوليساريو مع الجماعات المتطرفة التي تنشط بالمنطقة، ورأى أنه لا بد من التيقظ أكثر خاصة في ظل المتغيرات التي شهدتها المنطقة بعد اعتراف الولايات المتحدة بمغربية الصحراء.

ولكن هذا ليس كل شيء؛ فأي عمليات جديدة من البوليساريو على الأراضي الأوروبية، مثل الهجوم على القنصلية المغربية بمدينة فالنسيا الإسبانية خلال نوفمبر الماضي أو عمليات الاختطاف كالتي تعرض لها عاملون أوروبيون في بعثات إنسانية في قلب مخيمات تندوف في عام 2011، قد تجعل رؤية هذه القضية من زاوية أعمق أمرا حتميا.

قلق أوروبي

محمد لكريني: اعتبار البوليساريو تنظيما إرهابيا سيخدم المغرب عاجلا أم آجلا

تؤكد عدة معطيات تورط البوليساريو في أعمال إرهابية في الساحل والصحراء، بينما تشهد المنطقة بين الفينة والأخرى تصعيدا بسبب مناورات الانفصاليين على حدود المنطقة العازلة بهدف تشتيت الانتباه عن ممارساتهم المتعلقة ببيع السلاح وتزويد السوق الإقليمية.

ولطالما شدد المراقبون على أنه في ظل غياب حل جذري لقضية الصحراء المغربية قد تشهد المنطقة انفجارا خطيرا، وستصبح قضية سلاح البوليسارو أزمة مزمنة تثقل كاهل المجتمع الدولي وقد تمتد تداعياتها إلى خارج أفريقيا.

ويؤكد إيمانويل دوبوي رئيس معهد المستقبل والأمن في أوروبا، وهي مجموعة تفكير متخصصة في القضايا الجيوسياسية والجيواستراتيجية وتتخذ من باريس مقرا لها، أن البوليساريو تشكل خطرا داهما على أبواب أوروبا، وأن الدول الأوروبية تهتم بالتهديد الذي يمثله هذا الكيان، لاسيما في ظل “العلاقات التي يقيمها على مستوى منطقة الساحل والصحراء”.

وقال دوبوي في تصريحات لوكالة الأنباء المغربية الرسمية إن “زعيم فرع داعش في الصحراء الكبرى أبووليد الصحراوي، الذي أعلن ولاءه لداعش في مايو 2015، هو أحد العناصر التي من أجلها يقوم المجتمع الدولي بعملية التعبئة، لاسيما الدول المشاركة في عملية برخان”.

ورغم كون قضية الإرهاب في منطقة الساحل لا تهم بالضرورة جميع البلدان الأوروبية إلا أن دوبوي أكد على هامش ندوة افتراضية حول “تهديد البوليساريو للمنطقة الأورو – متوسطية.. مسؤولية جزائرية ثابتة”، نظمها المعهد بالشراكة مع معهد مانديلا، أن هذه البلدان واعية بالترابط الذي يتجسد عبر إرهابيين يتحركون على طول منطقة الساحل والصحراء.

ويشكل هذا الوضع حقيقة ماثلة لدى البلدان المعنية أكثر بقضايا الإرهاب، أي تلك التي تعرضت لهجمات إرهابية، من قبيل بريطانيا أثناء هجمات لندن في 2005 وإسبانيا في 2004 وبعدها بعشر سنوات الهجمات التي استهدفت فرنسا، كما تعرضت دول أخرى للإرهاب مثل السويد وبلجيكا وألمانيا.

فاعلية دور المغرب

Thumbnail

المغرب منخرط بجدية في التعاطي مع التهديدات الإرهابية للتنظيمات الجهادية في الصحراء والساحل وأفريقيا عموما، وخاصة تنظيم داعش، حيث حثت الرباط على تعزيز قدرات الدول والمنظمات الإقليمية الفرعية، وحذرت من استقطاب الجماعات لعناصر من البوليساريو وما يشكله من تعقيد للمشهد الأمني والسياسي في المنطقة.

وحذر ناصر بوريطة وزير الخارجية الثلاثاء الماضي من أن داعش بصدد تعزيز وجوده في أفريقيا من خلال تعاون أقوى مع جماعات إرهابية أخرى وشبكات إجرامية، وأن عددا متزايدا من الجماعات يبايع التنظيم. وأوضح أن هذه التنظيمات تقوم بتجنيد عناصر من صفوف الجماعات الانفصالية المسلحة واللاجئين الذين يوجدون في وضعية هشة.

وأكد محمد لكريني أستاذ القانون والعلاقات الدولييْن بكلية الحقوق أيت ملول – جامعة ابن زهر، في تصريح لـه ، أن المجتمع الدولي مقتنع بأن البوليساريو تسهم في زعزعة استقرار شمال أفريقيا ومنطقة الساحل، لنسجها علاقات مع قوى متطرفة وخاصة مع تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، كما تورطت قيادة انفصالية في تهريب المساعدات الإنسانية والمخدرات والأسلحة.

محمد بودن: فرنسا تدرك الوجه الإرهابي للبوليساريو وارتباطها بالمتطرفين

ويرى أنه من شأن استمرار النزاع المفتعل حول الصحراء أن يهدد السلم والأمن الدوليين كما أكدت ذلك تقارير الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة بقضية الصحراء. وقال “لهذا المتغير أثر مهم على الملف خصوصا وأننا لاحظنا أن العديد من الدول اعتبرت البوليساريو تنظيما إرهابيا، مما سيخدم الموقف المغربي عاجلا أم آجلا في النقاشات التي ستجرى خلال هذا الشهر رغم معارضة الصين وروسيا”.

ونظرا لمصالح فرنسا في أفريقيا وعلاقتها بملف الصحراء في مجلس الأمن اعتبر محمد بودن الأكاديمي والمحلل السياسي، في تصريح لـه، أن باريس معنية بالسلم والأمن في المنطقة والتهديدات الإرهابية يمكن أن تقوض جهودها في منطقة الساحل والصحراء. ويعتقد أن فرنسا تدرك الوجه الإرهابي للبوليساريو وارتباطات أبووليد الصحراوي بالجماعات الإرهابية.

وارتباطا بقضية وحدة المغرب والأدوار التي يلعبها في حماية أمن واستقرار المنطقة من التهديدات الإرهابية يؤكد بودن أن فرنسا لها مكانة دولية ويمكنها أن تقدم نفسها أكثر كفاعل حريص على وحدة المغرب والأمن والاستقرار بشمال أفريقيا والساحل عبر إبراز أفضلية مبادرة الحكم الذاتي، لأن هذا الخيار سيعزز دور فرنسا المسؤول في قضايا دولية مختلفة.

وخلال الشهر الماضي أكد حبوب الشرقاوي، مدير المكتب المركزي للأبحاث القضائية التابع للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني المغربي (المخابرات)، في حوار لمجلة “جون أفريك” الفرنسية أن أكثر من مئة عنصر من البوليساريو ينشطون في صفوف تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي.

كما ثبت لدى المخابرات المغربية أن هناك تدريبا داخل مخيمات تندوف للاجئين جنوبي الجزائر وتلقينا عقائديا يقوم به أئمة المخيمات، مما يعد أيضا عاملا جعل منطقة الساحل والصحراء التي تضم بوركينا فاسو وتشاد ومالي وموريتانيا والنيجر تهديدا للمغرب كما للدول الأخرى.

وتتهم الأوساط المغربية الجزائر باستخدام البوليساريو كأداة من أدوات السياسة الخارجية ضد الرباط، وتعتبر أن تحركات الجبهة ما هي إلا عبث يمارسه الجزائريون في المنطقة لأسباب تتعلق بخططهم لإدامة التوتر مع المغرب وبالسعي للتغطية على الأزمات السياسية والمالية والاقتصادية الداخلية.

وكان الباحث المغربي المصطفى الرزرازي قد سلط الضوء في كتاب نشره عام 2015 بعنوان “الكتاب الرمادي عن الإرهاب في صلب التعاون الأمني المغربي الأوروبي” الضوء على تواطؤ الجبهة الانفصالية مع التنظيمات الجهادية، وما تشكله من خطر على الصحراويين وسكان المنطقة.

تجنيد الأطفال

إيمانويل دوبوي: جبهة البوليساريو باتت تشكل خطرا داهما على أبواب أوروبا

تواجه البوليساريو اتهامات متكررة بانتهاكاتها للأعراف والمواثيق الدولية وبفرضها على أطفال مخيمات تندوف حمل السلاح وتجنيدهم والزج بهم في الصراعات، وهي خطوة يقول مراقبون من شأنها أن تعمق عزلة الجبهة الانفصالية، بعد أن اتضحت للمجتمع الدولي الصورة القاتمة لأوضاع الأطفال داخل المخيمات.

وسلط البرلمان الأوروبي مؤخرا الضوء على ظاهرة تجنيد الأطفال من طرف البوليساريو تحت إشراف الجيش الجزائري، والتي ما فتئت تلقى إدانات من المنظمات الدولية، بما في ذلك الأمم المتحدة؛ حيث يواجه الممثل السامي للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية جوزيب بوريل ضغوطا لتوضيح هذه النقطة أمام النواب الأوروبيين.

وتأتي هذه الخطوة بعد فترة وجيزة من انعقاد الدورة الـ46 لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بجنيف، والتي شكلت مناسبة للعديد من النشطاء والمنظمات الحقوقية للتنديد بالانتهاكات المرتكبة في حق الأطفال بمخيمات تندوف وتجنيدهم القسري في صفوف البوليساريو.

وبحسب البرلمانيين الأوروبيين لا تتوانى البوليساريو عن تجنيد الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و13 عاما وجعلهم يظهرون في عروض عسكرية. وأوضحوا أن عددا من المنظمات غير الحكومية ووسائل الإعلام الدولية استنكرت “هذه الممارسة البغيضة التي تنتهك حقوق الأطفال الأساسية”.

وكان الخبير في العلاقات الدولية ماتيو دومينكي قد أشار أمام مجلس حقوق الإنسان إلى أنه منذ بدء النزاع الإقليمي حول الصحراء تم اختطاف نحو 8 آلاف طفل وترحيلهم لتلقي التدريب العسكري في الخارج، لاسيما في كل من الجزائر وكوبا وليبيا وسوريا وفنزويلا.

وتنشر آلة الدعاية التابعة للبوليساريو مقاطع فيديو في الإنترنت ظهر أطفالا مجندين ومدربين على الحرب، وكان آخرها ذلك الذي تم تصويره في مخيمات تندوف، بعد خرق وقف إطلاق النار الأممي في منتصف نوفمبر الماضي. لكن المحللين يعتقدون أن ذلك لن يثبط عزم المجتمع الدولي على مواجهة الأساليب التي تتبعها الجبهة لتطويق أنشطتها المشبوهة.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: