السياحة المغربية تكافح للخروج من تداعيات أزمة كورونا

ماموني

تسبب إغلاق الحدود وإجراءات الحجر الصحي المفروضة بالمغرب لمكافحة كورونا، في أزمة كبيرة على القطاع السياحي، الأمر الذي دفع الحكومة وعددا من الفاعلين في القطاع إلى وضع خطة لإنعاش السياحة بالاعتماد على الاستثمار في رأس المال البشري والرقمنة وتنمية السياحة الداخلية.

بلورت الحكومة المغربية بالتعاون مع فاعلين في القطاع السياحي استراتيجية لإنعاش السياحة في البلد حسب الإمكانيات المتاحة في ظل استمرار تراجع الطلب على السفر حيث تراهن الحكومة على السياحة الداخلية لنفض غبار الركود وتعزيز دور الرقمنة والاستثمار في رأس المال البشري لدفع القطاع.

واعتبر رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي أحمد رضا الشامي، أن الصناعة السياحية في المغرب، واجهت من قبل عدة صعوبات ذات صلة بتطورات الظرفية المحلية والدولية، لكن الجائحة ساهمت في تفاقم هذه الصعوبات بشكل كبير، وخلفت آثارا اقتصادية واجتماعية قوية على القطاع.

وأبرز الشامي في حوار صحافي أن السياحة تعد من أكثر القطاعات تضررا بسبب القيود المفروض على الأنشطة المرتبطة بها.

وفي هذا الإطار أفادت مديرية الدراسات والتوقعات المالية، التابعة لوزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، بأن عائدات السياحة تراجعت بنسبة 67.2 في المئة خلال شهر يناير 2021.

وبلغت عائدات السياحة نسبة 53.8 في المئة سنة 2020، وهو ما يمثل خسارة بقيمة 42.4 مليار درهم (حوالي 4 مليارات دولار).

وأوضحت المديرية، في مذكرتها الخاصة بالظرفية في شهر مارس الجاري، أن قطاع السياحة لا يزال يعاني من آثار الأزمة الصحية المرتبطة بجائحة فايروس كورونا المستجد.

وتراجع حجم الوافدين على وجهة المغرب بنسبة 78.9 في المئة في نهاية نوفمبر 2020، كما تراجع عدد ليالي المقضاة بالفنادق بنسبة 72.3 في المئة.

وبينت وزيرة السياحة نادية فتاح العلوي، أن المملكة اتخذت عدة إجراءات لحماية النسيج الاقتصادي المحلي، من خلال تقديم دعم خاص، في إطار عقد برنامج، للتخفيف من آثار الجائحة على القطاعات الاقتصادية والعاملين فيها.

وتشمل الإجراءات لحماية النسيج الاقتصادي الوطني، التعويض الشهري الجزافي، وقدره 2000 درهم، (حوالي 200 دولار)، واعتماد آليات للتمويل وضمان القروض وتأجيل أداءات القروض.

وخصصت وزارة السياحة والصناعة التقليدية والنقل الجوي والاقتصاد الاجتماعي دعما بنحو 58.7 مليون دولار لفائدة قطاع السياحة والنقل الجوي وذلك في إطار مشروع قانون المالية للعام 2021، نظرا إلى تأثر القطاع بالأزمة الصحية العالمية.

واعتبر الشامي، أنه بفضل الجهود المبذولة من قبل السلطات العمومية والفاعلين في القطاع الخاص نجح المغرب في تحسين أداء قطاع السياحة بشكل ملموس، حيث أصبحت المملكة أول وجهة سياحية في أفريقيا.

وللخروج من الأزمة التي فرضتها جائحة كورونا، اقترح المجلس توصيات تتمحور حول 6 محاور رئيسية، وهي الحكامة والسياحة المستدامة والسياحة الداخلية والرقمنة والرأسمال البشري والتوطين الترابي.

أحمد رضا الشامي: كورونا خلف آثارا اقتصادية واجتماعية عميقة على السياحة

من جهته أوصى المجلس الاجتماعي والاقتصادي والبيئي، بتفعيل الميثاق المغربي للسياحة المستدامة والمساهمة في النهوض بالاستثمارات المستدامة والمنتجة والمحدثة لفرص العمل، والمحفزة لخلق القيمة المضافة في المجالات الترابية التي تحتضن هذه الاستثمارات.

وفي ما يخص السياحة الداخلية، أكد الشامي، على النهوض بعرض يتلاءم مع حاجيات السائح المغربي واقتراح عروض مستدامة جديدة أكثر جاذبية وتنافسية لفائدة السياحة الوطنية قادرة على إنعاش القطاع.

وشدد الشامي، على التوطين الترابي (العدالة المجالية ودعم اللامركزية)، حيت تشكل الجهوية المتقدمة وميثاق اللاتمركز فرصا لتحقيق التوازن في تنمية السياحة بين المحافظات والوجهات السياحية.

وفي إطار التوطين الترابي، ودعم اللامركزية على مستوى الجهات جرى التوقيع على اتفاقية شراكة لفائدة تعزيز الاستثمار السياحي بجهة الداخلة – وادي الذهب، بين وزارة السياحة والجهة والشركة المغربية للهندسة السياحية.

وتهدف هذه الاتفاقية إلى توحيد الجهود من أجل جذب استثمار سياحي من مستوى عال، والعمل كرافعة للتنمية الجهوية، في أفق رفع التحدي المتمثل في استدامة الاستثمارات السياحية على صعيد جهة الداخلة – وادي الذهب.

وقالت وزيرة السياحة، إن أهم رهانات الخروج من هذه الأزمة وتداعياتها تتمثل في استرجاع الثقة، وتطوير وتحسين تنافسية وجاذبية المناطق السياحية، عبر الترويج والتسويق الأنجع لهذه الوجهة والإعداد لحملة استباقية لإنعاش واستقطاب السياحة الداخلية صوب هذه الوجهة في الشهور المقبلة.

ومع افتراض تزايد تدريجي في توافد السياح الأجانب ابتداء من النصف الثاني من هذه السنة، اعتبر محافظ بنك المغرب، عبداللطيف الجواهري، قبل أيام، أن عوائد السفر يتوقع أن تعرف، نموا معتدلا، مع بقائها في مستويات أدنى بكثير مما كانت عليه قبل الأزمة.

وستعمل الشركة المغربية للهندسة السياحية على تسهيل عملية الاستثمار، واقتراح آليات تسمح بتحفيز استثمارات عالية الجودة وإعداد دعوات إبداء الاهتمام من أجل انتقاع المستثمرين السياحيين المحتملين من حاملي المشاريع.

ولتعزيز العرض والمنتوج السياحي بالجهة والانفتاح على أسواق صاعدة، أكد محافظ جهة الداخلة – وادي الذهب، لمين بنعمر، على خلق نسيج مندمج من الشركات الصغرى والمتوسطة، مع الرفع من انسيابية رحلات النقل الجوي بتكثيف عدد الرحلات وملاءمتها من حيث التوقيت.

وذكرت وزيرة السياحة، أن “هذه الأزمة تشكل فرصة لإعادة التفكير بكيفية مبدعة في طريقة استقطاب السياح، حيث يتعين علينا استغلال المؤهلات السياحية التنافسية والهائلة التي يتمتع بها المغرب، من أجل خلق عروض سياحية في جميع جهات المملكة”.

ومن جهة أخرى أوضح الشامي أن طموح المجلس يتمثل في بلورة رؤية شمولية مندمجة تساهم في مسلسل وضع استراتيجية جديدة عبر العمل على تطوير سياحة مستدامة قادرة على الصمود في مواجهة المخاطر الاقتصادية والبيئية والصحية، وتمكن من إرساء سياحة الجهات وخلق الثروة والعمل اللائق لفائدة النساء والشباب.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: