ٳن سألوك عن المغربية المهاجرة فقل لهم هي روح و ليست جسد هي رحمة و ليست ضعف هي علم و ليست جهل هي عاطفة و ليست سذاجة هي طيبة و ليست غباء خلقها الله ملاذا لآدم و جعلها في القران فهي وصية النبي في عنق كل رجل.
و رغم هجرتها إلى الغرب، هي تبقى جزءا لا يتجزأ من قضية الهجرة العربية بشكلها العام، رغم تفاوتها في الأسباب والأعداد والمشاكل التي قد تولّدها، مقارنة مع هجرة الرجل. فالمرأة المغربية المهاجرة لا تحمل هوية واحدة، أو شكلاً واحداً، فهي كالرجل تماماً، لديها العديد من الهويات والأحوال، يضاف إليها الحالة الجديدة، ألا وهي العيش في بيئة جديدة غير بيئتها الأصلية.
لكن الشكل الأبرز للنساء المغربيات في المهجر، يتجلَّى في صورة المرأة المتزوجة والتي تختار أو تجبر غالباً، على قرار الهجرة لمرافقة زوجها إلى العالم الجديد المجهول. وفي هذا الشكل الأخير، تعيش المرأة صراعاً حقيقياً بين رغبتها في المحافظة على هويتها كزوجة أو أم أحياناً، بكل ما لهذه الهويات من معنى في العالم العربي، وبين الآفاق الجديدة التي تحملها لها كينونة المرأة في الغرب. حقيقة جميلة لحلم كان صغيرا لكنه كبر واجتهد في توحيد عالمين وثقافتين ليخلق باقة من الجمال والإبداع يمكن للجميع الاستمتاع بها.
و تعتبر نجاة سعدون أيقونة العمل الجمعوي ببروكسل. هذه البلجيكية من أصل مغربي جعلت حل المشاكل اليومية للنساء في وضعية هشاشة، وإعادة البسمة لأطفال مصابين بأمراض، وإعادة شباب فقدوا هويتهم إلى الطريق الصحيح، منحى لحياتها وسببا لوجودها.
بتواضع، وقدرة عالية على الإنصات، تفضل نجاة سعدون العمل في الظل. فرفضها للظلم والفقر جعلاها لم تنتظر الدينامية الحالية التي عرفتها الحركة الجمعوية لتنضم إليها.
وتحكي رئيسة جمعية (دار الورد)، التي تضيئ منذ أزيد من ربع قرن حياة العديد من الأشخاص، سواء في المغرب أو بلجيكا في تصريح لها ” خلال المرحلة التي قررنا فيها إحداث جمعيتنا، كان العمل الجمعوي يعتمد على طاقة وتضحيات بعض النساء فقط”.
و تقول نجاة إن الفكرة كانت في البداية إحداث فضاء خاص بالنساء المهاجرات المنعزلات في بيوتهن، مضيفة أن اختيار اسم (دار الورد) لم يكن اعتباطيا، فهو يوحي إلى ما تحتاج إليه هؤلاء النساء وأطفالهن من ازدهار وتفتح.
ومع مرور الوقت، توسع نشاط الجمعية، حيث لم يعد يقتصر فقط على تنظيم ورشات أو فتح فضاءات للنقاش داخل الجمعية، بل امتد إلى مساعدة النساء على الخروج من عزلتهن في البيت، لاكتشاف العالم، عالمهن الجديد.
واليوم، لم تفقد مناضلات (دار الورد) شيئا من طاقاتهن وتضحياتهن لخدمة الآخر. وتسعى نجاة ورفيقاتها إلى الإجابة بشكل عاجل على هذه الحالة الاجتماعية أو تلك، ومواكبة الأشخاص في تسوية مشاكلهن، أو البحث عن عمل أو القيام بإجراءات إدارية، يساعدهن في ذلك مواطنون عاديون، وأيضا شبكة واسعة من المحسنين الذين يثقون فيهن.
وقال نجاة، هذه البلجيكية من أصل مغربي المتشبثة بأصولها، ” نحاول في حدود إمكانياتنا مساعدة الأشخاص على النهوض بأوضاعهم، وترجمة مقاربة القرب التي وضعها الملك محمد السادس “.
ووعيا منها بقدرتها على تجميع طاقات الجميع حولها، تخصص نجاة سعدون جزءا من وقتها لمساعدة بعض الشباب الذين فقدوا هويتهم من أجل استعادة ثقتهم بأنفسهم واستعادة طعم الحياة. ” دورنا هو نقل الروابط القوية التي حافظنا عليها مع بلدنا “.
ورغم نشأتها بين ثقافتين، حافظت نجاة سعدون على علاقتها ببلدها الأصلي، حيث تنشط منذ سنوات في تطوير مشاريع موجهة إلى الشباب.
فإلى جانب الفاعلين الجمعويين العاملين سواء في بلجيكا أو المغرب، تساهم نجاة سعدون في إنجاز مشاريع والبحث عن تمويلات. ” لا نتردد في تقديم يد المساعدة لإحداث مشروع صغير ذات بعد إنساني يتمثل في شراء دواء لا يتم تسويقه بالمغرب، أو حفر بئر، أو مشروع كبير للتنمية “.
ولا تتردد نجاة التي تفتخر بأصولها المغربية حيثما حلت، في إطلاع الشباب على التنوع وغنى روافد الهوية الوطنية، حيث تنظم في هذا الإطار رحلات ثقافية خاصة للأقاليم الجنوبية للمملكة للشباب المغاربة، وأيضا البلجيكيين، الهدف منها ربط العلاقة مع المغرب وتقديم معطيات تمكن من فهم النزاع حول الصحراء المغربية.
وأكدت أن ” الصحراء المغربية جزء منا، وأن عدم الحديث عن الصحراء، مثل بتر أحد أطرافي “، مؤكدة أنها لا تخفي افتخارها بكونها مغربية وبلجيكية في نفس الوقت وأنها تحظى بالاحترام لما هي عليه.
في معظم الأحيان، تنأى المرأة المغربية في المهجر عن صهر هويتها هذه في الأبعاد المختلفة لهوية المرأة المهاجرة، خاصة إن كانت سيدة متزوجة ومن فئة عمرية كبيرة نسبياً، فما زال الرجل الزوج، هو ذاته، الرجل المغربي الذكر، الذي يأبى أن يرضخ طوعاً، لسقف الحريات الجديد المتاح للمرأة والرجل على حد السواء في الدول الغربية، وإن تفاوت هذه الشيء وتأثيره على المرأة، بحسب تفاوت مقدار تحصيلها العلمي، ودرجة تمكينها واندماجها في المجتمع الجديد. يظهر هذا الأمر جلياً لدى الجاليات العربية في أوروبا، وتحديداً تلك القادمة من المغرب العربي أكثر من غيرها، إذ تعاني المرأة العربية المهاجرة في هذه الحالة، من أشد أشكال السلطة الأبوية والذكورية، ما يدفعها إلى التقوقع في مجالها الخاص داخل بيت الأسرة، والابتعاد عن المشاركة الفعالة في المجال العام.