تبرئة الجنرال “حسان” تعيد صقور الاستخبارات الجزائرية الى الواجهة

بليدي

برأ القضاء العسكري الجزائري، رئيس وحدة مكافحة الإرهاب في جهاز الاستخبارات الذي يعرف اختصارا باللاتيني “سكورات” الجنرال عبدالقادر آيت أوعرابي، المدعو “حسان”، من التهم التي وجهت له في السابق حول تأسيس جماعات مسلحة وحيازة أسلحة بطرق غير شرعية، والتي كلفته عقوبة خمس سنوات سجن نافذة.

وجاء قرار القضاء العسكري، بمثابة رد الاعتبار للرجل بعد استنفاذ مدة عقوبته، وهو ما أثار الجدل مجددا حول عودة رموز جهاز الاستخبارات المنحل في 2015، من طرف الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة، وذلك في أعقاب تبرئة المدير السابق للجهاز الجنرال محمد مدين (توفيق)، خلال الأشهر الماضية، من تهمة التخطيط والتآمر على مؤسسات الدولة، التي وجهت له في 2019 رفقة سعيد بوتفليقة ولويزة حنون وعثمان طرطاق (بشير) وكلفتهم عقوبة 15 عاما سجنا نافذا.

ويعد الجنرال حسان واحدا من صقور جهاز الاستخبارات السابق، وهو الذراع الأيمن لمديره السابق وصهره، وكانت حادثة التدخل العسكري في قاعدة “تيقنتورين” الغازية في العام 2013، سبب تنحيته من منصبه وإحالته على المحاكمة، أين وجهت له تهم تكوين جماعات مسلحة وحيازة أسلحة بطرق غير شرعية.

وقاد الرجل جهاز “السكورات”، طيلة سنوات العشرية الدموية في الجزائر (1990 – 2000)، حيث كان يعرف آنذاك بقوات التدخل الخاصة (الجيس)، ثم فصيل الاستعلامات الأمنية والتدخل، الذي تكفل بتنفيذ عمليات نوعية ضد الجماعات الإرهابية واختراقها بعناصر خاصة لتفكيكها من الداخل، كما سجل له حضور قوي في السنوات الأولى لبداية الأزمة الليبية.

ويسود انطباع لدى المتابعين للشأن الجزائري، حول عودة رموز الجهاز الاستخباراتي المنحل، بعد التخلص التدريجي من جناح القائد السابق للجيش الجنرال الراحل أحمد قايد صالح، الذي كان على خصومة دائمة مع الجنرال توفيق، وتحالف قبل 2019 مع الرئيس بوتفليقة للإطاحة بالجهاز، قبل أن يستغل الحراك الشعبي ويتخلص من الاثنين معا في 2019.

القضاء العسكري برأ الجنرال عبدالقادر آيت أوعرابي من تهم تأسيس جماعات مسلحة، وحيازة أسلحة بطرق غير شرعية

وتوحي المقاربة الأمنية المنتهجة من طرف السلطة الجديدة، المعتمدة على إثارة المخاوف الإرهابية من أجل مواجهة الاحتجاجات السياسية السائدة، والترويج لمخططات منسقة بين عناصر إرهابية ورموز في الحراك الشعبي يقيمون في الخارج، بأن المقاربة بصدد استنساخ سيناريو العشرية الدموية، أين كان صقور المؤسستين العسكرية والاستخباراتية في واجهة المشهد.

وذكرت تقارير محلية بأن تبرئة الجنرال حسان، قد تكون مقدمة لإعادة الاعتبار لرموز الجهاز السابق، وتطرح إمكانية مراجعة وترتيب أوراق الأمن العسكري والسياسي بشكل يتواءم مع المقاربة التي تبناها لربع قرن المدير السابق (توفيق)، رغم التحولات المستجدة ودخول الحراك الشعبي على الخط بشكل سلمي، عكس العشرية الدموية التي تمرد فيها إسلاميون على مؤسسات الدولة وحملوا السلاح لتنفيذ أجندتهم.

وكان مختصون أمنيون قد أعابوا على نظام بوتفليقة، حل جهاز الاستخبارات دون إيجاد بديل في مستوى نجاعته، وذلك ما ظهر في تراجع الدور الجزائري الميداني وبالتحديد على الحدود الجنوبية والشرقية خاصة بعد حل فصيل السكورات وحبس الجنرال حسان، العام 2013.

وفقدت الجزائر ثقلها ونفوذها في محيطها الإقليمي بعد إعادة هيكلة الجهاز، الذي ألحق برئاسة الجمهورية منذ العام 2015، ثم أعاده الجنرال أحمد قايد صالح، تحت وصاية قيادة أركان الجيش، غير أن الأداء والمردودية كانا محدودين مقارنة بالمرحلة السابقة، حيث خرجت التطورات المتسارعة على الحدود الجنوبية والشرقية من أيدي الجزائر.

وذكر مصدر مطلع ، بأن “الجنرال حسان، كان ضحية ضغوطات غربية وأميركية كانت ترمي بثقلها في الملف الليبي، بعدما تمكن فصيل الجنرال المذكور من حيازة أدلة على تورط جيوش تلك الدول في تسليح الأطراف المتصارعة في بدايات الأزمة”.

وأضاف ذات المصدر الذي فضل عدم الكشف عن هويته أنه تم اتخاذ التدخل الشامل الذي نفذه الفصيل في 2013، بالقاعدة الغازية “تيقنتورين” في أقصى الجنوب الشرقي، بعد احتلالها من طرف تنظيم “الموقعون بالدم” بقيادة الإرهابي مختار بلمختار، كذريعة من عواصم غربية وأميركية، لتنحية الجنرال حسان وسجنه، بدعوى أن التدخل أدى إلى وفاة أفراد الجماعة الإرهابية ورعايا أجانب عاملين في القاعدة، وأنه تم بشكل انفرادي ودون العودة إلى الأخذ بمشورتها.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: