مذكرات توقيف دولية في حق معارضين للسلطة في الجزائر

بليدي

أصدر القضاء الجزائري الإثنين مذكرة توقيف دولية، في حق ناشطين سياسيين معارضين، يقيمون في عدد من العواصم الأوروبية، ويختلفون في انتماءاتهم السياسية والأيديولوجية، في خطوة تصعيدية من طرف السلطة تجاه فاعلين في الاحتجاجات السياسية التي دخلت عامها الثالث، وأخذت منحى راديكاليا خلال الأسابيع الأخيرة.

ويتعلق الأمر بالقيادي في حركة رشاد المحسوبة على التيار الإسلامي والمحظورة في الجزائر محمد العربي زيتوت المقيم في لندن منذ مطلع تسعينات القرن الماضي، والناشط المستقل أمير بوخرص (أمير دي زاد) المقيم في باريس، والضابط السابق والإعلامي هشام عبود، فضلا عن العسكري الفار في مدريد محمد عبدالله.

ووجهت للمعنيين، حسب بيان النائب العام تهم جنائية تتمثل في “تسيير جماعة إرهابية تقوم بأفعال تستهدف أمن الدولة والوحدة الوطنية، وتمويل جماعة إرهابية تقوم بأفعال تستهدف أمن الدولة، وجنح المشاركة في التزوير واستعمال المزور في محررات إدارية، وتبييض الأموال في إطار جماعة إجرامية، فضلا عن الانخراط في جماعة إرهابيّة تقوم بأفعال تستهدف أمن الدولة والوحدة الوطنية، وتمويل جماعة إرهابيّة تقوم بأفعال تستهدف أمن الدولة، وجنحة تبييض الأموال في إطار جماعة إجراميّة”.

وجاء القرار القضائي في أعقاب الإفادات التي قدمها الإرهابي رزقان حسن، المدعو “أبوالدحداح”، حول تنسيق وتعاون بين جماعة إرهابية وبين الناشطين المذكورين من أجل تأليب الشارع وتغذية الغضب السياسي والاجتماعي، قبل الوصول إلى مرحلة إثارة العنف المسلح.

المذكرات شملت القيادي في حركة رشاد محمد العربي زيتوت والنشطاء أمير بوخرص وهشام عبود ومحمد عبدالله

وكشف في الإفادة التي بثها منذ أسابيع التلفزيون الحكومي الجزائري عن اعترافات وصفت بـ”الخطيرة”، كانت تستهدف تحويل الطابع السلمي للحراك الشعبي إلى العمل الدموي العنيف، بالتنسيق مع ناشطين سياسيين يقيمون في الخارج، وذكر منهم محمد العربي زيتوت، مراد دهينة، وأمير بوخرص.

وتم إلقاء القبض على أبوالدحداح من طرف وحدة للجيش الجزائري في محافظة جيجل بشرقي العاصمة، خلال سبتمبر الماضي، في “إطار عملية ميدانية أحبطت مخططا دمويا يستهدف الحراك السلمي، إلى جانب تفكيك ما عرف بـ’بيت المال’ حيث تم العثور على مبلغ 80 ألف أورو”، رجحت على أن تكون جزءا من قيمة الصفقة التي أبرمتها السلطات الفرنسية مع فصيل مسلح في شمال مالي، وتم بموجبه إطلاق سراح عدد من الرهائن الغربيين وعلى رأسهم الفرنسية صوفي بترونين، مقابل أكثر من 200 إرهابي كان من ضمنهم أبوالدحداح.

وذكر في إفادته، بأنه كان مكلفا بـ”التنسيق والعمل على ربط اتصالات بمعارضين وفارين في الخارج، من أجل العمل على إسقاط النظام”، وقد أشرف على فتح عدة صفحات وحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي بأسماء مختلفة.

ولفت إلى أنه استعمل بعض تلك الحسابات للتواصل مع بعض النشطاء في الخارج، مثل رضا بوذراع، وأمير بوخرص، إلى جانب بعض عناصر حركة رشاد كمحمد العربي زيتوت ومراد دهينة، وذلك في إطار مخطط لنقل العمل المسلح من الجبال إلى الشوارع، عبر إقناع شباب الحراك بالعنف والعمل المسلح.

وتابع “لقد اتفقنا معهم على إسقاط النظام، كما اتفقنا على تحريض الحراك ضد السلمية والتوجه نحو الراديكالية، وتعهدنا بدعمهم بالسلاح إن تحولت الأمور إلى ثورة مسلحة، وكنا نريد اختراقهم لتحويل الحراك من سلميته إلى الجهاد، والبدء في التمهيد لعصيان مدني، مثل ما حدث في سوريا واليمن وليبيا”.

ويعتبر المطلوبون الجدد للقضاء الجزائري، من أبرز الناشطين السياسيين المعارضين في الخارج، منذ ما قبل بداية الحراك الشعبي في فبراير 2019، وأبرزهم الدبلوماسي السابق محمد العربي زيتوت، الحائز على الجنسية البريطانية، والذي انشق عن النظام في مطلع تسعينات القرن الماضي، احتجاجا على ما وصفه بـ”الانقلاب العسكري على إرادة الشعب”، في إشارة لوقف المسار الانتخابي من طرف الجيش في 1992، وكان من بين المؤسسين لحركة رشاد المعارضة للسلطة في 2007 بلندن، والتي حظرتها السلطات.

أما أمير بوخرص، “أمير دي زاد”، فهو شاب من بلدة تاخمارت في محافظة تيارت بغرب البلاد، هاجر إلى أوروبا بطريقة غير شرعية، واستقر منذ سنوات في باريس، وتحوّل إلى معارض شرس للسلطة، ومؤثر بارز في إذكاء الاحتجاجات السياسية، كما أظهر قدرات خارقة على الإلمام بمختلف الملفات السرية.

المطلوبون الجدد للقضاء الجزائري من أبرز الناشطين السياسيين المعارضين في الخارج بينهم الدبلوماسي السابق محمد العربي زيتوت

ويعد محمد عبدالله، ضابط الصف الفار من قوات الجيش خلال السنوات الأخيرة، آخر الفارين إلى أوروبا، والتحول إلى صفوف ما يعرف بناشطي الخارج، حيث استقر في إسبانيا، وهو أقل المعنيين شهرة لدى عموم الجزائريين.ومنذ العام 2013 التحق الضابط السابق في الاستخبارات والإعلامي هشام عبود، بصفوف المعارضة السياسية في الخارج بعدما استقر في باريس وفتح قنوات تلفزية معارضة، وقد كان قبل ذلك معارضا شرسا لنظام بوتفليقة ومحيطه، قبل أن يضطر إلى غلق صحيفتيه الصادرتين بالجزائر والفرار عبر تونس إلى فرنسا، وصدر في حقه مؤخرا حكما غيابيا بالسجن سبع سنوات نافذة.

وكانت السلطات الجزائرية، قد أصدرت في وقت سابق مذكرات توقيف دولية في حق زيتوت وبوخرص، غير أن الإجراءات الإدارية والحقوقية في أماكن إقامتهم لم تحقق المبتغى الجزائري، ويعالج القضاء الفرنسي في الآونة الأخيرة مع بوخرص سبع مذكرات توقيف دولية صدرت في حقه، بعد شكاوي رفعت ضده من طرف أشخاص، ذكر بأنهم “مدفوعين من طرف السلطات الجزائرية”.

وتضمن بيان النائب العام لمحكمة بئر مراد رايس بالعاصمة، أمرا بإيداع ناشط إسلامي كان قد أوقف نهاية الشهر الماضي، ويتعلق الأمر بأحمد منصوري، الموجود رهن الحبس المؤقت، والذي التحق بالجماعات المسلحة في 1994، وحكم عليه بالإعدام، قبل أن يستفيد من تدابير الرحمة والوئام المدني، وقد أثبتت ما سمي بـ”التحريات التقنية” علاقته  مع أمير دي زاد وهشام عبود ومحمد عبدالله. في إطار نفس المخطط المعلن عنه من طرف أبوالدحداح.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: