هل نعيش فعلا كمغاربة أزمة قيم ؟

تورية لغريب

لقد بات الأمر واضحا للعيان ، و هو ما اثار معظم السوسيولوجيين المغاربة الباحثين في مجال القيم كالدكتور المهدي المنجرة الذي اقر في كتابه ” قيمة القيم ” و الذي تناول فيه دور منظومة القيم في تغيرات النظام العالمي إذ اكد على دورها الكبير و الأساسي في تقدم المجتمعات .

التحول الجذري الذي يعرفه المجتمع المغربي ، و الذي كان منطلقه الفكر الاجتماعي طيلة عقود ، كان أساسه التنشئة الاجتماعية السليمة التي تربت عليها أجيال متعاقبة ، رسخت لمبادىء إنسانية نبيلة من قبيل التسامح ، احترام الآخر ، التعاون ..الخ
أما ما نراه حاليا من تصرفات شاذة و غير أخلاقية توثق لها مختلف المواقع الاجتماعية ( جرائم اغتصاب ، عنف ، سرقة ..الخ ) فهي بمثابة ناقوس خطر يعلن عن اندحار قيمي لم يشهده المجتمع المغربي من قبل ، و على اختلاف التفسيرات التي تتأرجح بين الابتعاد عن ما هو ديني و أسري و دور المدرسة ..نظل نعاني من تصرفات هجينة خاوية من الإنسانية ، و نلاحظ ذلك ايضا في تصرفات الأشخاص الأكبر سنا ، و لا أدل على ذلك من إخلال بالوعود و عمليات النصب المتطورة جدا ..إذن هنا لا يمكن حصر هذه الظاهرة اللا اخلاقية فقط في التنشئة الاجتماعية باعتبار أن الفئة العمرية التي تتجاوز الاربعينيات قد عاشت في ظل مجتمع متفوق نسبيا أخلاقيا عما نشهده حاليا ، هنا وجب التساؤل من جديد : اين يكمن الخلل ؟؟
بالرجوع إلى الدراسة النقدية “مدرسة فرانكفورت ” والتي تنادي بإعادة الاعتبار ل “إنسانية” الذات و التاريخ و المجتمع و الاخلاق و التي تأسست ردا على الفلسفة الوضعية لمؤسس علم الاجتماع أوجست كونت ، و التي شيأت الفرد و جعلت منه مجرد آلة للتطور العلمي ، فإننا نحتاج إلى معرفة مكامن الخلل في مجتمعنا لعلاج هذا الاختلال المجتمعي و الحضاري ، و التوفيق -إن صح التعبير – بين القيم المعنوية و القيم المادية الصاخبة و التي جعلت من مجتمعنا حالة مرضية مأساوية بكل ما في الكلمة من معنى ، و لعل دور الدين أهم ما يجب إثارته باعتباره ترسانة أخلاقية عتيدة تنظم حياة الافراد و تنمي القيم السمحاء في التعامل مع الآخر أيا كان افرادا أو جماعات دون ان ننسى دور المؤسسات التعليمية و قبل هذا و ذاك ، النواة الأولى للتنشئة الاجتماعية ألا و هي الأسرة و التي لا يخفى على أحد دورها في بناء الشخصية ….

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: