كان لعبد النور آيت سعيد ومحمد شبطي دور في الإطاحة بالرئيس الجزائري المخضرم عبد العزيز بوتفليقة قبل حوالي عامين من خلال المشاركة في الاحتجاجات الحاشدة التي شهدتها البلاد على النخبة الحاكمة، لكنهما باتا الآن يختلفان في الرأي إزاء المظاهرات التي تشهدها البلاد حاليا.
وتمكنت الحركة الاحتجاجية المعروفة باسم الحراك من إقناع عشرات الآلاف بالخروج إلى الشوارع كل أسبوع على مدى أكثر من عام إلى أن ظهرت جائحة كورونا في الجزائر أوائل العام الماضي مما اضطرهم إلى التوقف.
والآن، ومع استئناف المظاهرات التي يضغط فيها الآلاف مرة أخرى من أجل تغيير أكثر شمولا، اتخذ آيت سعيد وشبطي موقفين مختلفين يعكسان تباين الآراء بين من خرجوا إلى الشوارع في بادئ الأمر.
ولا يزال آيت سعيد البالغ من العمر 22 عاما والذي يدرس الأحياء يشارك في الاحتجاجات. ويرغب في إبعاد النخبة الحاكمة، التي تقود الجزائر منذ الاستقلال عن فرنسا عام 1962، عن السلطة وأن يترك الجيش العمل بالسياسة.
وقال “مطالب وأهداف الحراك لم تتحقق بعد”.
وبالنسبة لشبطي، وهو مدرس يبلغ من العمر 33 عاما، فإن المتظاهرين حققوا الانتصار عندما أطاح الجيش بالرئيس بوتفليقة في أبريل 2019 فضلا عن الزج بكبار المسؤولين في السجن بتهمة الفساد.
وأضاف “استطعنا إزاحة بوتفليقة وعدد كبير من رموزه. الكثير منهم يتواجدون الآن في السجون”.
ويرى أن المطالبة بمزيد من التغيير تمثل إهانة للجيش، وهو المؤسسة المرتبطة ارتباطا وثيقا بنضال الجزائر المرير لإنهاء الحكم الاستعماري.
وقال شبطي عن المحتجين “الحراكيون ينتقدون ويطلبون التغيير لكنهم لا يقدمون بدائل. لا يملكون حتى قيادة للتفاوض”.
وفي آواخر عام 2019، دعا الجيش لإجراء انتخابات رئاسية جديدة شجبها المحتجون ووصفوها بأنها هزلية. وتمخضت الانتخابات عن فوز عبد المجيد تبون بعد أن شهدت إقبالا منخفضا من الناخبين.
ونفى تبون هذا الشهر أن يكون للجيش أي دور سياسي وقال إنه استجاب لمطالب المحتجين واستدل على ذلك بالإفراج عن بعض المعتقلين وبالخطط الرامية لإصلاح المؤسسات.
وفي العام الماضي، لم يفض عرضه التفاوض مع الحراك إلى تحقيق شيء يذكر ولم تتحقق وعوده بالإصلاح الاقتصادي على أرض الواقع. وحظيت التعديلات التي أدخلها على الدستور لاسترضاء الحراك بالموافقة في الاستفتاء الذي أُجري من أجل ذلك، لكن نسبة الإقبال على التصويت لم تتجاوز 24 في المئة.
الدور العسكري
حظي موقف تبون بتأييد بعض المتظاهرين مثل شبطي.
وقال وهو جالس في مقهى بالجزائر “شتم (إهانة) الجيش ومؤسسات الدولة ليس طريقة مناسبة لإحداث التغيير. السعي من أجل حياة أفضل يتطلب أساليب سلمية”. وأيده في ذلك أصدقاؤه.
وزادت حدة الخلافات بشأن مستقبل الحراك بسبب الموقف المتشدد للسلطات والذي وصفه مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بأنه حملة قمع تضمنت الكثير من وقائع الاعتقال.
وعلى الرغم من التسامح فيما يبدو مع احتجاجات الشوارع فإن نقاط التفتيش تحول دون وصول الناس إلى التجمعات. وقالت مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان إن مئات الأفراد اعتُقلوا.
وكان الصحافي خالد درارني قد اعتُقل العام الماضي بعد تغطية الاحتجاجات وحُكم عليه بالسجن لعامين بتهم منها التحريض على التجمهر وتهديد الوحدة الوطنية. وأُطلق سراحه بعد 11 شهرا بموجب عفو.
وقال إن الحراك حرر أشياء كثيرة وفتح الطريق للحريات والتعبير عن الرأي السياسي.
لكنه أضاف أن وضع الحريات في الجزائر سيئ للغاية ويتعين مواصلة الكفاح من أجل حرية الصحافة.
وتتوافق هذه النظرة مع آيت سعيد الذي كان من أوائل المشاركين في المظاهرات عام 2019 ولا يزال يسير في الصفوف الأولى للمسيرات الاحتجاجية.
وقال سعيد “الحراك يجب أن يستمر.. الطلبة والشعب سيبقون في الميدان حتى تتحقق الأهداف إن شاء الله”.