يلف الغموض هدف ووجهة الطائرة البرازيلية التي طارت من إسرائيل واستعملت المجال الجوي الجزائري، حيث من غير المعروف ما إذا كانت قد حطت في مطار هواري بومدين الدولي بالعاصمة كما أكدت وسائل إعلام إسرائيلية وهو ما يطرح من جديد إمكانية مراجعة الجزائر لموقفها تجاه ما يعرف بـ”التطبيع العربي الاسرائيلي”.
وتواترت الروايات المؤكدة لنزول الطائرة العسكرية القادمة من تل أبيب، وذكر في هذا الشأن مصدر بأن “الطائرة كانت تحمل شحنة من اللقاحات الموجهة لمعالجة وباء كورونا “.
وقال صحافي بجريدة “يديعوت أحرنوت ” الإسرائيلية والمتخصص في شؤون العالم العربي دانيال سلامي “هبوط طائرة سلاح الجو البرازيلي في مطار الجزائر الدولي هواري بومدين، قبل بضع دقائق، قادمة برحلة مباشرة ولأول مرة في التاريخ من إسرائيل إلى الجزائر”.
أما الصحافي إيتاي بلومنتال العامل في نفس الصحيفة فقد أكد في تغريدة على حسابه الخاص أنه “لأول مرة في التاريخ، طائرة تقلع لرحلة مباشرة من إسرائيل إلى الجزائر.. الطائرة التابعة لسلاح الجو البرازيلي (FAB2584) تحمل على متنها مسؤولين رفيعي المستوى، وقد هبطت بمطار بن غوريون الدولي هذا الأسبوع “.
وبحسب بيانات “24flihght radar” التي نشرها الصحافيان فقد غيرت الطائرة اتجاهها قبالة سواحل صقلية الإيطالية وانحرفت جنوبا، ونشرا صورا لمسار الطائرة لتأكيد أقوالهما، وتظهر فيها الطائرة المعنية وهي تغادر الأجواء التونسية وتدخل الأجواء الجزائرية.
وبالنظر لنوعية الطائرة (FAB2584) فإنها في بحاجة إلى التزود بالوقود وهي غير مؤهلة لقطع المسافة من شرق المتوسط لغاية جبل طارق في خط مباشر.
وذهب الصحافي شمعون آران العامل في هيئة البث الإسرائيلية إلى القول في تغريدة له “لأول مرة في التاريخ!، رحلة جوية مباشرة من إسرائيل إلى الجزائر.. طائرة سلاح الجو البرازيلي وعلى متنها وفد برازيلي رفيع المستوى الذي زار اسرائيل، هبطت في مطار هواري بومدين الدولي في الجزائر”.
وينطوي الأمر على تمهيد يحمل مراجعة جزائرية لموقفها تجاه التطبيع مع اسرائيل، وأن السماح للطائرة بالمرور أو الهبوط هو رسالة تحمل خطوة أولية في هذا السياق، رغم الخطاب المعادي لإسرائيل الذي يستخدمه المسؤولون الجزائريون.
وتتزايد الشكوك بشأن إمكانية اتخاذ الجزائر لهذه الخطوة خاصة بعد الاعتراف الأميركي بسيادة المغرب على صحرائه في سياق الإعلان عن استئناف العلاقات بين المغرب وإسرائيل.
وبينما تلتزم السلطات الرسمية الجزائرية الصمت نفى تقرير إعلامي محلي أن تكون الجزائر قد استقبلت طائرة برازيلية عسكرية قادمة من اسرائيل، أو أن تكون قد سمحت لها بعبور مجالها الجوي في رحلة لها نحو المغرب.
ووصفت صحيفة “الشروق” المقربة من الحكومة الروايات المؤكدة لاسيما تلك القادمة من تل أبيب بـ”التضليل” و”التشويش” على الموقف الجزائري الرافض لمسار التطبيع العربي مع إسرائيل، وتمسكها بخيارها التاريخي الثابت الداعم للقضية الفلسطينية.
وذكر التقرير بأنه “أجرى رصدا على موقع 24 “flihght radar” أظهر خرائط رادارات الطيران التي توفر تتبعاً مباشرا للرحلات الجوية في جميع أنحاء العالم أن الطائرة الإسرائيلية المتوجهة من تل أبيب إلى الرباط تسلك خطا جويا فوق البحر المتوسط مرورا بجنوب اليونان وجنوب إيطاليا وجزيرة سردينيا الإيطالية، ومن ثم جزيرة مايوركا الإسبانية وجنوب إسبانيا، في طريقها إلى الرباط، سالكة مسارات بعيدة عن الجزائر ومياهها الإقليمية”.
ولا يتوقف المسؤولون الجزائريون وعلى رأسهم الرئيس عبدالمجيد تبون عن الإدلاء بتصريحات رافضة للتطبيع لكنّ مراقبين لا يستبعدون أن تكون تلك التصريحات موجهة للاستهلاك الإعلامي.
وسبق لتبون أن أكد “رفض الجزائر للتطبيع مع إسرائيل، وأن بلاده غير معنية بالهرولة نحو تل أبيب “، كما شدد على موقف الجزائر التاريخي والثابت الداعم للقضية الفلسطينية.
وكان وزير الاتصال والناطق الرسمي باسم الحكومة عمار بلحيمر قد كشف في تقارير تناقلتها وسائل إعلام محلية “وقوف جهات معادية إلى جانب مخابر سيبرانية تستهدف أمن بلاده واستقرارها”، وذكر منها “عشرون موقعا يبث من إسرائيل”.
وارتفعت بعض الأصوات المحسوبة على التيار المعادي للقومية في الجزائر الداعية إلى “ضرورة مراجعة الموقف الجزائري من الملف لأن الجزائريين لن يستطيعوا أن يكونوا فلسطينيين أكثر من الفلسطينيين، وأن الجغرافيا التي تفصل البلدين لا تتيح العداوات المتراكمة”.
وتذكر شواهد تاريخية أن أول اتصال رسمي بين البلدين سجل بشكل علني في المغرب على هامش جنازة الملك الراحل الحسن الثاني خلال المصافحة التاريخية بين الرئيسين عبدالعزيز بوتفليقة وايهود باراك، كما زار وفد إعلامي جزائري تحت رعاية شبه رسمية منطقة القدس في مطلع الألفية.