المغرب يدرس استثمار تشريع القنب الهندي في الصناعة والطب

Belbazi

بدأ المغرب في دراسة فرص استثمار تشريع القنب الهندي في المجالات الطبية والصناعية بعدد من الأقاليم والمناطق لتشجيع مشاريع الزراعة في هذا المجال وذلك بعد مصادقة الحكومة عليه، حيث يندرج المشروع في إطار خطط الرباط لضمان موقع استراتيجي في هذه السوق التي تسجل نموا كبيرا.

انكبت “وكالة إنعاش وتنمية أقاليم الشمال” على إعداد خطة لاستغلال تشريع استخدامات القنب الهندي في مجالات الطب والصناعة، حيث تستهدف الحكومة تشجيع مشاريع في هذا المجال وإزالة العقبات القانونية أمام المزارعين في عدد من الجهات الداخلية لتقليص الفوارق الاجتماعية وتحسين المؤشرات الاقتصادية.

وأكد المدير العام لوكالة إنعاش وتنمية أقاليم الشمال منير البيوسفي أن الوكالة تركز في الوقت الحالي على إعداد برنامج تنموي طموح لمواكبة تفعيل مشروع القانون المتعلق بتشريع استخدام القنب الهندي بعد المصادقة عليه.

وتأتي هذه الخطوة بعد مصادقة الحكومة المغربية الخميس على مشروع قانون يشرع استخدام القنب الهندي (مخدر الحشيش) في الأغراض الطبية والصناعية في البلاد، في انتظار إحالة القانون على البرلمان للتصويت عليه.

ونقلت وكالة أنباء المغرب العربي عن البيوسفي قوله إن “هذا البرنامج التنموي يهم 98 إقليما لزراعة القنب الهندي والتي يفوق تعداد سكانها مجتمعة مليون شخص، ويقوم على ثلاث ركائز أساسية تتمثل في الركيزة الاجتماعية والركيزة الاقتصادية والركيزة البيئية.”

وأوضح المسؤول أن “الوكالة تعمل على الصعيد الاجتماعي على بلورة مجموعة من المشاريع لمواكبة خصائص كل إقليم أو منطقة سكنية، وخصوصا بالنسبة إلى الشباب بهدف توفير أنشطة وخدمات اجتماعية.”

وبيّن أنه “على الصعيد الاقتصادي يتمثل في إعداد برامج لدعم المشاريع المدرة للدخل في هذا المجال فيما ستتم تهيئة مناطق الأنشطة الاقتصادية بالمناطق، وفي ما يتعلق بالركيزة البيئية، فستتم بلورة مشاريع إيكولوجية للمحافظة على البيئة وتحسين المجال الترابي.”

وشدّد على أن “المشروع الطموح لتشريع الزراعة والاستخدامات المشروعة للقنب الهندي والبرنامج التنموي الذي ستعمل السلطات العامة على تنفيذه بالمنطقة يهدف في المقام الأول إلى تقليص الفوارق الاجتماعية وتحسين المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية في المناطق المعنية لإحداث توازن مجالي.”

وأوضح أن البرنامج التنموي يهدف إلى تحويل المراكز القروية إلى مدن صغيرة لتمكين متساكنيها من الاستفادة من الخدمات، سواء العامة أو الخاصة، المتاحة بالمحافظات الكبرى.

منير البيوسفي: البرنامج يهم 98 إقليما يفوق عدد سكانها مليون شخص

واعتبر البيوسفي أن مشروع القانون، الذي يأتي في سياق التغيرات الدولية في هذا المجال وعلى رأسها سحب الأمم المتحدة للقنب الهندي من قائمة المخدرات الخطيرة، يهدف إلى مساعدة مزارعي هذه الزراعة على ممارستها بشكل قانوني وعلني، نظرا لأن تنظيم هذا النشاط سيساعد المزارعين على ممارسة باقي الأنشطة المدرة للدخل كالسياحة والمنتجات المجالية والصناعة التقليدية.

وأشار المتحدث إلى أنه “يتعيّن توضيح أن مشروع القانون المتعلق بالاستخدامات المشروعة لنبتة القنب الهندي، يستهدف تنظيم الاستخدام المشروع للنبتة لأغراض طبية وتجميلية وصناعية.”

ولفت إلى أن “السوق الدولية لهذه المنتجات تسجل نموا بنسبة 30 في المئة سنويا، ما يعد فرصة للمغرب لضمان موقع استراتيجي في هذه السوق، علما وأن بلدانا مجاورة ذات بيئة ومناخ مشابهين ستنخرط بالتأكيد في هذه الزراعة.”

وشدّد البيوسفي على أنه “أمامنا خياران لا غيرهما، إما باغتنام هذه الفرصة والمضي قدما في التشريع أو إبقاء الوضع على ما هو عليه، أي بقاء المزارعين عرضة للمتابعة والسجن والمشاكل الاجتماعية والعنف والخوف وعدم الاستقرار وشبح الفقر”.

وتابع المدير العام لوكالة إنعاش وتنمية أقاليم الشمال أن “لمشروع القانون حول الاستخدامات المشروعة للقنب الهندي ثلاثة أهداف إضافة إلى أبعاده الاستراتيجية المهمّة، مبرزا أن “الهدف الاجتماعي يتمثل في تمكين سكان المنطقة، وخاصة المزارعين، من الانخراط في نشاط زراعي مؤطر وقانوني بعيدا عن الخوف والسرية لتحقيق السلم الاجتماعي.”

وأضاف أن الهدف الاقتصادي يتمثل في تحسين دخل المزارعين ومستوى معيشة السكان، لكون مشروع القانون ينص على زرع ثلث الأراضي بالقنب الهندي لأغراض مشروعة لكن العائدات المرتقبة ستكون أكبر وفق عدد من الدراسات، لافتا إلى أنه بإمكان المزارعين استغلال الثلثين الباقيين من الأراضي في أنشطة إنتاجية أخرى.

وذكر أن الهدف الثالث بيئي على اعتبار زراعة القنب الهندي حاليا تساهم في تفقير التربة بسبب الاستعمال المكثف للأسمدة، ونضوب الطبقة المائية بسبب الاستغلال المفرط للماء، وتؤدي إلى اندثار الغابة بفقدان حوالي ألف هكتار من المساحات الخضراء منذ سنة 1975، معتبرا أن تنظيم هذه الزراعة سيساهم بالتأكيد في الحد من هذه الاختلالات.

وخلص إلى أن مشروع القانون يهم حصرا المناطق المعروفة بهذه الزراعة ولا يشمل باقي مناطق المغرب، مذكرا بأن جهود الدولة مكنت على مدى السنوات الماضية من تقليص المساحة المزروعة بالقنب الهندي، إذ انتقلت من 134 ألف هكتار سنة 2003 إلى حوالي 55 ألف هكتار سنة 2016 وفق المعطيات الرسمية المصادق عليها من الأمم المتحدة، وذلك بفضل البرامج التنموية المنجزة عبر إطلاق زراعات وأنشطة بديلة.

ويهدف مشروع القانون إلى تحسين دخل المزارعين وحمايتهم من مهرّبي المخدرات الذين يسيطرون حاليا على تجارة القنب ويتمكنون من الوصول إلى سوقها الدولية القانونية المزدهرة.

ويُزرع القنب بالأساس في منطقة جبال الريف في شمال البلاد والتي شهدت احتجاجات في السنوات القليلة الماضية على التفاوت الاقتصادي.

ولا يقترح مشروع القانون السماح بمزاولة هذا النشاط في جميع أنحاء المغرب بل فقط في أربعة أقاليم بجهة طنجة تطوان الحسيمة.

ووفقا للمادة السابعة من مشروع القانون، سيطلب المغرب من مزارعي القنب الحصول على تراخيص وأن يكونوا من الجنسية المغربية، وأن يكونوا في سن قانونية، وأن يعيشوا داخل المناطق المغربية التقليدية المنتجة للقنب.

وينص المشروع على فتح المجال للمزارعين للانخراط في التعاونيات الفلاحية، وسن عقوبات لردع المزارعين المخالفين للقانون.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: