أبدى حزب التجمع الوطني للأحرار استغرابه مما وصفه بـ”تشكيك البعض في استقلالية قرار المؤسسات الوطنية والهيئات السياسية واختزالهم للتجربة الديمقراطية المغربية في عملية حسابية”، وذلك على خلفية الجدل المستمر حول القاسم الانتخابي وتقنين مادة القنب الهندي.
ورفض عزيز أخنوش رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار في خطاب موجه ضمنيا إلى حزب العدالة والتنمية، مصادرة حق حزبه السياسي و”واجبه الدستوري” في تقديم مقترحات والدفاع عنها حول قضايا تهم مرحلة ما بعد الولاية الحكومية الحالية والمساهمة في حلول لإصلاح المنظومة الانتخابية.
وكان حزب العدالة والتنمية قد اعتبر أن اعتماد القاسم الانتخابي على أساس عدد المسجلين “نكسة للديمقراطية” في المغرب.
ولا يزال العدالة والتنمية يهاجم خصومه الذين أسسوا لعزلته بعد مصادقتهم على اعتماد القاسم الانتخابي، مما أثار حفيظة قيادات بارزة داخل الحزب.
واعتبر عبدالله بووانو رئيس لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان)، أن حزبه العدالة والتنمية “رفض محاولات البعض لفرض قواعد خاصة المستهدف منها هو العدالة والتنمية”، مضيفا أن “هذا الاستهداف لا يخدم المسار السياسي وليس في مصلحة الأحزاب نفسها، وسيصعّب ذلك تشكيل فريق حكومي أو مجلس جماعي بعد توسيع المجال الفردي الذي يصعب معه تشكيل أغلبية مسيرة”.
وفي ردّ ضمني على هذه الانتقادات أشار حزب التجمع الوطني للأحرار إلى أنه “يقدّر مجهودات القوى السياسية المسكونة بهاجس تعزيز التعددية السياسية الحقيقية”، منوّها بـ”المسار التوافقي الذي طبع ورش تجويد المنظومة الانتخابية ببلادنا”، في إشارة إلى التوافقات التي تم التوصل إليها وأفضت إلى اعتماد القاسم الانتخابي.
ولم يتردّد محمد البكوري رئيس فريق التجمع الوطني للأحرار في مجلس المستشارين في التصعيد مع العدالة والتنمية، حيث وجه خطابه إلى الأخير قائلا “التلويح باسم التمثيلية الشعبية والإرادة الشعبية والاستقواء بالربيع العربي والتهديد بمقاطعة الانتخابات أو نسف العملية الانتخابية أو ضبط إيقاعها، نعتبرها ترهيبا وتحريضا وعدم انصياع إلى إرادة منطق ديمقراطي سليم”.
وجاءت انتقادات قيادات التجمع الوطني للأحرار في أعقاب محاولة العدالة والتنمية الضغط على خصومه من أجل التراجع عما حققوه لاسيما على مستوى تعديلات القوانين الانتخابية.
وقال الأمين العام للحزب سعدالدين العثماني الذي يرأس أيضا الحكومة المغربية السبت، إنه “يأمل في أن يتراجع الواقفون خلف هذه الأطروحة (القاسم الانتخابي) باعتبار أنها لا تخدم المسار الديمقراطي في شيء”، موضحا أن “أصحاب الضربات التي توجه لحزبنا سيفشلون” دون أن يسمّي هؤلاء.
لكنه شدّد على أنه “مهما تكن العراقيل لا يتعيّن الانسحاب وترك المجال لخصوم الحزب الذين يسعون إلى إزاحته واللوبيات المتضررة والمنزعجة من وجود الحزب في تدبير الشأن العام الوطني والمحلي، خاصة تلك اللوبيات التي لها مصالح غير مشروعية وغير قانونية” وفق قوله.
ويعيش حزب العدالة والتنمية على وقع خلافات عميقة بين مكوناته لاعتبارات تنظيمية وسياسية، اعتبرها مراقبون للشأن الحزبي بمثابة قنبلة موقوتة تحاول القيادة الحالية التخلص من تداعياتها عبر تصديرها إلى خارج الحزب باختلاق أزمات مع المكونات الحزبية الأخرى والدولة ممثلة في وزارة الداخلية.
وبرّر حزب الأحرار تبنّيه للقاسم الانتخابي على أساس المسجلين، بأنه سيمكن من “تحفيز الأحزاب على التعبئة الشاملة للناخبين ومن الجواب على سؤال ضمان التناسب بين الإرادة الحقيقية للناخبين وعدد المقاعد المستحقة”، علاوة على توسيع المشاركة السياسية لكل فعاليات المجتمع المغربي عبر نظام انتخابي يكرّس العدالة ويضمن تكافؤ الفرص.
واعتبر العثماني أن رفض الحزب المطلق لاعتماد القاسم الانتخابي على أساس المسجلين، ينطلق من كون هذا المقترح غير ديمقراطي وليس له أي أساس في المرجعيات الدولية، ويتعارض مع بعض المقتضيات الدستورية.