تعمّق زيارات الوفود الأجنبية المتواترة إلى الأقاليم الجنوبية للمغرب من عزلة جبهة البوليساريو الانفصالية، التي تشعر بالقلق من توسع دائرة الاعتراف الدولي بالسيادة المغربية على الصحراء، والممتعضة من الزخم والتأييد اللذين باتت تحظى بهما الدبلوماسية المغربية بشكل لافت في الفترة الأخيرة.
وقام وفد فرنسي وآخر يمثل اللجنة الدولية للصليب الأحمر بزيارة ميدانية إلى كل من مدينة العيون والداخلة يومي الأربعاء والخميس الماضيين، أين وقع انعقاد سلسلة من اللقاءات مع فروع الهلال الأحمر المغربي واللجان الجهوية لحقوق الإنسان.
وربط عباس الوردي، أستاذ القانون الدولي بجامعة محمد الخامس، زيارة وفدي السفارة الفرنسية والصليب الأحمر، بالدور الريادي الذي أصبح يقوم به المغرب والذي له من المعطيات الجيوسياسية ما يؤهله لأن يستقطب هذه الفعاليات الدولية سواء في بعدها الإنساني أو الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، والذي زادت وتيرته بعد الاعتراف الأميركي بسيادة المغرب على الصحراء.
وأضاف الوردي ، أن “تكثيف الزيارات المتتالية للوفود الأجنبية إلى الصحراء المغربية، جاء نتيجة جرأة الدبلوماسية المغربية في التعاطي مع ملف الصحراء والتجاوب الدولي مع هذه المعطيات الجديدة على أساس البناء المشترك الهادف والفعال.”
ولم تخف الجبهة الانفصالية انزعاجها من الزيارة التي يقوم بها وفد اللجنة الدولية للصليب الأحمر إلى كل من العيون والداخلة، واحتجت عبر رسالة إلى بيتر ماورير رئيس اللجنة، حيث رأت في الزيارة اعترافا ضمنيا بمغربية الصحراء.
وهاجمت الجبهة في رسالتها اللجنة الدولية للصليب الأحمر، معربة عن اندهاشها من عملها برفقة طرف وحيد ويتعلق الأمر بالمغرب دون تواصل مع جبهة البوليساريو، مطالبة إياها بما وصفته بالحياد، ومتهمة إياها بمحاباة المغرب من خلال رفض زيارة سجناء الحق العام الموالين للبوليساريو.
وبرأي الوردي، فإن “هذا الهجوم على اللجنة الدولية، مرتبط بالعداء الذي تكنّه القيادة الجزائرية للمغرب الحاضن الرسمي للجبهة الانفصالية والتي مازالت تدافع عن الطرح الانفصالي”، مشددا على أن “البوليساريو فشلت في مسعاها.”
ويشير متابعون للشأن الصحراوي إلى أن الصليب الأحمر غير معني بمطالب جبهة البوليساريو، حيث أن هذه المؤسسة الدولية تتعامل مع دولة ذات سيادة وليست معنية بما تطلبه البوليساريو من “توضيحات” حول الدور الذي تنوي اللجنة الدولية القيام به في الأقاليم الجنوبية.
وحل وفد من سفارة الفرنسية في الرباط بمدينة العيون، الأربعاء، وذلك في سياق زيارة رسمية تم من خلالها عقد مجموعة من الاجتماعات مع مسؤولين وكذلك برفقة بعثة “المينورسو”، في الصحراء المغربية مع مختلف شيوخ القبائل الصحراوية.
وتأتي زيارة الوفد الدبلوماسي الفرنسي في إطار الوقوف الميداني على الوضع الحالي بالأقاليم الجنوبية للمغرب، وكذلك على جهود المملكة من خلال المشاريع الكبرى والتنمية السوسيواقتصادية التي تشهدها هذه الأقاليم.
وتندرج زيارة الوفد الفرنسي وكذلك الصليب الأحمر الدولي ضمن الزيارات التي دأبت عليها مختلف السفارات الأجنبية بالعاصمة الرباط، من أجل تكوين تصور تفصيلي عن الوضع بالأقاليم الجنوبية للمملكة ووضعها السياسي والاقتصادي والاجتماعي والحقوقي.
ويعتقد الوردي أن “هذا المسلك من طرف الوفد الفرنسي هو انتصار كبير للدبلوماسية المغربية ودعم للقضية الوطنية على أساس الشرعية الدولية والمشروعية.”
وحسب الوردي، فإن المغرب يحصد النتائج الدبلوماسية الاستباقية لشرح مقتضيات النزاع المفتعل في الصحراء المغربية، كما أن هذه الدينامية خير اعتراف بأن المغرب دولة صاحبة حق.
وأعرب الوفد الذي ضم مستشار السفير الفرنسي فيلي موريل، بالإضافة إلى الملحق العسكري بالسفارة، ومدير الأمن في السفارة وأعيان المنطقة، عن انزعاجهم من خرق جبهة البوليساريو لاتفاق وقف إطلاق النار في نوفمبر الماضي.
واستنتج أن هذا التنصّل يعد ردة فعل على المكاسب الدبلوماسية المغربية التي تحققت بعد فتح معبر الكركرات من طرف القوات المسلحة الملكية وفي احترام تام للحقوق الإنسان، وكذلك مع الاعتراف الأميركي بمغربية الصحراء.