الوباء يدفع الإسبانيات إلى شوارع الدعارة في مايوركا

Belbazi

أدى إغلاق الأنشطة الاقتصادية بسبب جائحة كورونا إلى خلو شوارع مدينة بالما، عاصمة جزيرة مايوركا الإسبانية، من المارة لعدة أسابيع، مما جعل من السهل ملاحظة سير مجموعة من النسوة على غير هدى ذهابا وإيابا عبر ميدان سانت أنطونيو، وكن أحيانا يسندن ظهورهن إلى جدران المباني وهن يدخّن، وأحيانا أخرى يتبادلن الحديث مع مجموعات صغيرة من النساء أو يجلسن على الأرصفة، في انتظار قدوم الزبائن، الرجال، رغم هطول المطر.

وهؤلاء النسوة هنّ في الغالب أمهات معيلات يعشن دون أزواج، وقد تحولن لأول مرة إلى عالم البغاء، ومنهن من يتقن إلى الحصول على المال بعد أن ضاقت بهن سبل العيش، وفقدن الوظائف كمضيفات في المطاعم أو عاملات نظافة، بسبب الجائحة وتأثيرها المدمر على حركة السياحة.

تزايد عدد العاملات في مجال البغاء مع تقلص الطلب أدى إلى انخفاض سعر “الخدمة الكاملة” ليصل إلى 15 يورو (18 دولارا)

وقالت إنماكيولادا ماس نادال ورافا كامبوس، من منظمة أطباء بلا حدود، “بالنسبة إلى الكثيرات منهن، فإن الدخول إلى عالم الدعارة أو العودة إليه، هو السبيل الوحيد لتوفير نفقات المعيشة لأسرهن”.

ومع بداية انتشار فايروس كورونا أقرت وزيرة المساواة الإسبانية إيرينى مونتيرو، بتجنب انتقال العدوى من خلال إغلاق بيوت الدعارة، مما ولد حالة من الغضب لأن هذا الإجراء سيتسبب في وجود أكثر من 60 ألف امرأة دون أموال بحسب جمعيات مختلفة. وتشير التقديرات إلى وجود حوالي 1500 بيت دعارة في إسبانيا وهناك بيوت دعارة متخفية لم يتم تسجيلها.

وفي عام 2020 قدمت المنظمة الدعم لنحو 1168 امرأة ممن يقدمن الخدمات الجنسية في مايوركا وعدد آخر من جزر البليار، وهي منطقة في إسبانيا لا توجد فيها قواعد قانونية واضحة بالنسبة إلى ممارسة البغاء، ومن بينهن سعت 439 امرأة للحصول على المساعدة للمرة الأولى.

وتقول ماجدلينا ألومار من منظمة “كاسال بيتيت” غير الربحية، إن الكثير من أولئك النسوة دخلن إلى هذا المجال لأول مرة في حياتهن. وفي مقابلة مع صحيفة “ألتيما هورا” المحلية، قالت ليلى إنها جديدة في ممارسة هذا العمل، بعد أن فقدت وظيفتها بسبب الجائحة، حيث كانت تعمل طاهية بأحد المطاعم.

وتتكتّم ليلى على طبيعة عملها، ولا تعلم أسرتها بما تفعله، ولكنها تقول “يتعيّن عليّ أن أرسل نقودا إلى أمي وإخوتي، فنحن فقراء”. ومع ذلك فهي لا تكسب من مهنتها الجديدة الكثير من المال، حيث قالت للصحيفة إنها لم تعثر على زبون واحد منذ عدة أيام.

النسوة يعملن 12 ساعة في اليوم، ولكن تحصل الواحدة منهن على نحو 100 يورو في الأسبوع

وتوضح جوامي بيرللو من منظمة “كاسال بيتيت”، أن تزايد عدد العاملات في مجال البغاء مع تقلص الطلب أدى إلى انخفاض سعر “الخدمة الكاملة” ليصل إلى 15 يورو (18 دولارا)، وذلك بمنطقة وسط مدينة بالما، وليس بعيدا عن حي باسيج ديل بورن أحد مناطق التسوق الراقية التي تلقى إقبالا.

وذكرت صحيفة “ألتيما هورا” أن النسوة يعملن 12 ساعة في اليوم، ولكن تحصل الواحدة منهن على نحو 100 يورو في الأسبوع. واضطرت الكثيرات منهن إلى تخفيض سعرهن، كما يوافقن على ممارسة العمل دون حماية بسبب ارتفاع مستوى المنافسة، وفقا لما تقوله منظمة “أطباء العالم”، وأصبحت أيضا لدى الزبائن فرصة أكبر للمساومة.

ومن ناحية أخرى صارت ظروف العمل أكثر خطورة مقارنة بالفترة السابقة، وليس ذلك فقط بسبب الجائحة، حيث يمارس القوادون والأطراف الأخرى التي تسهّل الدعارة المزيد من الضغوط على النسوة، على حد قول العاملين بمنظمات تقديم المساعدة.

وفي ميدان سانت أنطونيو تقول معظم النسوة للصحافيين، إنهن لا يستعن بالقوادين، غير أن بيرللو ترى أنهن لا يقلن الحقيقة. وبعضهن مدينات بمبالغ تصل إلى سبعة آلاف يورو لشبكات الاتجار بالبشر التي نقلتهن إلى إسبانيا، وهذه الديون تجبرهن على العمل مقابل أي سعر متاح، وفقا لما تقوله بيرللو، وقد بات العنف المادي والنفسي جزءا من حياتهن اليومية.

في عام 2020 قدمت المنظمة الدعم لنحو 1168 امرأة ممن يقدمن الخدمات الجنسية في مايوركا وعدد آخر من جزر البليار، وهي منطقة في إسبانيا لا توجد فيها قواعد قانونية واضحة بالنسبة إلى ممارسة البغاء

وتشير منظمة “أطباء العالم” إلى أن ثلثي عدد العاملات في مجال البغاء لديهن أسر في حاجة للمساعدة، كما أن ما نسبته 80 في المئة منهن أمهات يعشن بمفردهن ويعلن أطفالهن.

ومعظمهن مهاجرات من كولومبيا ورومانيا، وبعضهن من مايوركا نفسها، وكن يعملن في السابق كعاملات نظافة أو في رعاية الأطفال والمسنين، ولكن دون مقابل، وهو ما جعل إمكانية الاستغناء عنهن أكثر سهولة عندما تفشت الجائحة، ولا تنطبق عليهن منح بدل البطالة، أو الحصول على ميزة الدعم مع تقليل عدد ساعات العمل.

وبالرغم من أن ماريا تركت العمل في البغاء قبل عدة أعوام لتعمل في مجال التنظيف، إلا أنها اضطرت الآن وقد بلغت من العمر 53 عاما لأن تعود إلى الشوارع مرة أخرى لتمارس مهنتها السابقة، وهي تقول “لم يعد أمامي أي بديل”.

وتشير دراسة أجرتها جامعة جزر البليار إلى تزايد معدلات الفقر، حيث تضاعف عدد الأشخاص الذين يعيشون في فقر مدقع ليصل إلى 34 ألفا العام الماضي، وهناك شعور واضح بالبؤس يسود الجزر التي كانت تعدّ في السابق مقاصد شهيرة للاحتفالات والبهجة.

وانخفض عدد السياح في عام 2020 بنسبة نحو 90 في المئة، وتوقع خوان مارش، وهو طبيب شهير، في تصريح لصحيفة “ألتيماهورا”، أن يتطلب بدء العودة البطيئة للسياح إلى حالتها الطبيعية في الجزر شهورا عديدة.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: