تعمق الفجوة بين العسكر ومناوئي السلطة يضرب علاقة القداسة السابقة.
وجّه الجيش الجزائري أصابع الاتهام إلى فلول إسلامية وتنظيمات أجنبية، بالوقوف وراء التصعيد الذي عرفته المظاهرات المناوئة للمؤسسة العسكرية، كما اتهم جهات إقليمية وصفها بـ”المعادية”، بتغذية الموجة الجديدة من الاحتجاجات.
ووصفت افتتاحية مجلة الجيش، لسان حال المؤسسة العسكرية في الجزائر، في عددها الأخير لشهر مارس الجاري، فاعلين في الحراك الشعبي المتجدد بـ”خفافيش الظلام”، في تلميح إلى “السرية وخدمة أجندات خارجية مغرضة، تستهدف مؤسسات الدولة وعلى رأسها المؤسسة العسكرية”.
كما نعتت المجلة رافضي الإجراءات والقرارات التاريخية والشجاعة التي اتخذها مؤخرا الرئيس عبدالمجيد تبون، بـ”محترفي الإفك والتضليل”، في إشارة إلى الحراك وقوى المعارضة التي وصفت قرارات حل البرلمان وتنظيم انتخابات تشريعية مبكرة، بـ”عديمة الجدوى”، وبـ”العاجزة عن حل الأزمة السياسية التي تتخبط فيها البلاد”.
وتحدثت المجلة عن تحالف هجين بين فلول الإسلاميين وقوى ديمقراطية وعلمانية ودوائر أجنبية معادية، من أجل ضرب أمن واستقرار البلاد، والمساس بسمعة وشرف المؤسسة العسكرية.
ويبدو أن الموجة الجديدة من الاحتجاجات التي عادت في فبراير الماضي، باتت مصدر قلق حقيقي لأثقل مؤسسات الدولة، كما يكشف التحول المسجل في خطاب وشعارات المظاهرات الشعبية، تعمق الفجوة بين الشارع المناوئ للسلطة والجيش.
المؤسسة العسكرية توجه أصابع الاتهام إلى فلول حزب جبهة الإنقاذ الإسلامية المنحلة، بالوقوف وراء تغذية الموجة الجديدة من الاحتجاجات
وتردد خلال المسيرات الأخيرة العديد من الشعارات غير المسبوقة، بانتقادها المباشر والعلني لقادة وضباط المؤسسة العسكرية، وعلى رأسها دائرة الاستخبارات، عكس الموجة السابقة، التي كان يتردد فيها “الجيش والشعب خاوة خاوة (إخوة)”، الأمر الذي أثار استياء المؤسسة بشكل عميق، وهو ما عبرت عنه في العدد الأخير من مجلة الجيش لشهر مارس الجاري.
وذكرت المؤسسة أنّ “أطرافا تشبه الخفافيش تهوى الظلام والسواد، تستثمر حتى في الحراك والوباء، سلاحها التفرقة ومشروعها فك روابط اللحمة بين الشعب وجيشه وإعادة النظر في كل ثوابت الأمة وفي مقدمتها النهج النوفمبري الأصيل”.
ووجهت المجلة أصابع الاتهام إلى فلول حزب جبهة الإنقاذ الإسلامية المنحلة، بالوقوف وراء تغذية الموجة الجديدة من الاحتجاجات بشعارات وخطاب معادي للجيش، كما ألمحت إلى تنظيم حركة “رشاد” المقربة من الإسلاميين، بافتعال عداوة بين الشعب والجيش.
وكان الرئيس تبون، قد عبّر عن اتهامات السلطة لفلول جبهة الإنقاذ وحركة رشاد، في تصريحه الأخير لوسائل إعلام محلية، بالقول “شعار (دولة مدنية وليست عسكرية)، طبخ في مخابر أجنبية منذ 14 عاما”، في إشارة للحركة المذكورة التي تأسست العام 2007 في بريطانيا من طرف مناضلين ومتعاطفين مع إسلاميي الإنقاذ.
وشبهت افتتاحية المجلة تلك الأطراف بـ”النعامة” لأنهم “يرفضون عن عنجهية ومكابرة الاعتراف بأن الجزائر الجديدة أضحت واقعا ماثلا للعيان تشق طريقها بحكمة وثبات وثقة”، كما أن “جيشنا سيبقى على أهبة الاستعداد للدفاع والتضحية عن المصلحة العليا للوطن مهما كلفه ذلك من ثمن، مسخرا كل قدراته للجزائر وشعبها ولقيم نوفمبر ولرسالة الشهداء الميامين”.
وجاءت رسائل لسان حال المؤسسة العسكرية، لتعبر عن قطيعة أفرزتها الأزمة السياسية التي تتخبط فيها البلاد، بين تيار في الحراك الشعبي يزداد راديكالية بمرور الأسابيع، وبين المؤسسة العسكرية التي انخرطت في دعم المسار الذي رسمته السلطة الجديدة.