خلق إطلاق مبادرة “تكتل نداء الوطن” الخاصة بجمعيات المجتمع المدني بالجزائر، جدلا واسعا بسبب تركيبتها وتوقيت الإعلان عنها، حيث ربطها البعض بالتنظيمات الجماهيرية التي استحدثت خلال عهد بوتفليقة لدعم السلطة الحاكمة آنذاك، وذهب آخرون إلى أنها بديل للأحزاب السياسية يريد الرئيس عبد المجيد تبونالاتكاء عليها في تسيير المواعيد الانتخابية المقبلة.
ووجه نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي بالجزائر انتقادات واسعة لمبادرة تكتل “نداء الوطن”، واعتبره خاصة نشطاء في الحراك الشعبي لجنة مساندة جديدة للرئيس تبون، على غرار تنسيقية دعم برنامج الرئيس التي أنشأت خلال حكم الرئيس المخلوع، ووصفها آخرون بأنها استنساخ لتجربة حزب التجمع الوطني الديمقراطي، الذي كان يرأسه أحمد أويحيى رئيس الوزراء الأسبق الموجود في السجن.
وقال الكاتب الصحافي رياض هويلي في مقال له بجريدة “أخبار الوطن” إن “الخطوة التي تأتي لملء الفراغ الذي أحدثه الحراك الشعبي السلمي في جسد المنظومة السياسية في البلد بصفة عامة، وأحزاب السلطة المتهالكة فكريا وسياسيا والمتهلهلة تنظيميا”، تنبئ حسبه بأن الأيام القادمة “قد تشهد ميلاد تحالف أحزاب لمساندة الرئيس، تغني الرئيس عن المبادرة بتأسيس حزبه، فيما يكون لتكتل المجتمع المدني سندا شعبيا. هي حسابات السلطة قد تصطدم بواقع سياسي متقلب، يعيش مخاض ميلاد الجمهورية الجديدة”.
وكان قد أعلن عن ميلاد تكتل “نداء الوطن” السبت، تحت إشراف نزيه برمضان مستشار الرئيس عبد المجيد تبون المكلف بالحركة الجمعوية والجالية بالخارج، ويضم منظمات وجمعيات المجتمع المدني. وقال نزيه برمضان في كلمة الافتتاح إن الرئيس “يثمن مثل هذه المبادرات التي تخدم مصلحة المجتمع المدني والشباب”.
والمبادرة حسب ما جاء في بيان أصحابها جاءت بفضل “إسهامات ومقترحات عملية في مواجهة التحديات الراهنة لتعزيز التماسك الاجتماعي والتضامن الوطني وتأكيد التلاحم بين الشعب ومؤسسات الدولة والوقوف في وجه المؤامرات المتوالية التي تستهدف المساس باستقرار البلاد والوحدة الوطنية”.
وأشار الأعضاء المؤسسون إلى أن هذا التكتل سيبقى “مفتوحا أمام باقي مكونات المجتمع المدني الفاعلة والنخب الفكرية والفواعل المجتمعية التي تتقاسم معه أرضية التأسيس للعمل سويا في ظرف يحتاج الوطن فيه لكل أبنائه، على أن يتم عقد لقاء شامل قريبا لجميع المكونات المؤسسة والمنخرطة”. وانخرط في هذه المبادرة عدة جمعيات على غرار “الكشافة الإسلامية” و”جمعية حماية المستهلك” والعديد من الجمعيات المهنية والنقابات.
وتأتي المبادرة في ظل عدة معطيات على الأرض أهمها المرحلة التي تعيشها البلاد التي تطبعها الأزمة السياسية، وأيضا قرب الاستحقاقات الانتخابية، حيث يراهن الرئيس تبون على دور جمعيات المجتمع المدني في المحطات السياسية المقبلة، وفي ظل إعادة البناء والتموضع لأحزاب الموالاة على رأسها حزبا جبهة التحرير الوطني وحزب التجمع الوطني الديمقراطي التي يوجد رؤساؤها السابقون بالسجن بسبب تورطهم في قضايا فساد، والتي تبحث عن موضع قدم لها في الخارطة السياسية قيد التشكيل.
ويبدو أن الرئيس تبون قد تخلى عن خدماتها إلى حد الآن، حيث أنه لم يوجه الدعوة لأمين عام حزب جبهة التحرير الوطني في إطار مشاوراته التي أطلقها مع الأحزاب السياسية، في حين استقبل أمين عام حزب التجمع الوطني الديمقراطي بعد حوالي 3 أسابيع من إطلاق العملية.
وظهور هذا التكتل في هذا التوقيت جعله في مرمى الانتقادات، ورد نزيه برمضان في تصريحات له اليوم الأحد على هذه الانتقادات وعلى التوجسات التي تناسلت بعد الإعلان عنه، حيث أكد بأن “نداء الوطن” ليس “لجنة مساندة”، وقال في تصريح لإذاعة “الجزائر الدولية” إن هناك من يعملون على تهديم كل شيء وكل الروابط من أجل الوصول إلى تغيير حقيقي ويهاجمون كل مبادرة”، وأضاف قائلا: “هناك من شبه هذه المبادرة بأخرى سابقة، لكن الفرق شاسع فتلك كانت مبادرات لأجل أشخاص ولجان مساندة لأشخاص، ولكن اليوم هي نداء وطن ومن بادروا بها هم أشخاص لهم مصداقية على المستوى الوطني لبوا النداء لتقديم ما يخدم الوطن”.