تبون يمرر القانون الجديد للانتخابات بمرسوم رئاسي
تتجه السلطة الجزائرية بقيادة الرئيس عبدالمجيد تبون نحو المرور بقوة في مسار تنظيم انتخابات تشريعية ومحلية مبكرة من خلال تمرير قانون الانتخابات واستدعاء هيئة الانتخابات من خلال مراسيم رئاسية بغية التسريع في تنظيم الاستحقاقين اللذين تتزايد المخاوف حول فرص نجاحهما، لاسيما وأنه تم خلال الأسابيع الماضية استحضار أجواء ما قبل انتخابات 2019 الرئاسية والتعديل الدستوري العام الماضي.
تدفع السلطة الجزائرية بكل قوة من أجل المرور إلى تنظيم الانتخابات التشريعية والمحلية المبكرة، من أجل فرض أمر واقع يكرس مقاربتها لحل الأزمة السياسية القائمة، كما كان الشأن مع الانتخابات الرئاسية في نهاية العام 2019، والتعديل الدستوري في نوفمبر الماضي أيضا، رغم أجواء التوتر والعزوف الشعبي.
وسيتم تمرير النسخة النهائية لقانون الانتخابات الجديد في شكل مرسوم رئاسي في ظل حل الغرفة الأولى بالبرلمان، كما ينتظر إصدار الرئيس عبدالمجيد تبون، للمرسوم الرئاسي القاضي باستدعاء هيئة الانتخابات، في القريب العاجل بعد مصادقة مجلس الوزراء المنعقد الأحد بالعاصمة برئاسة الرئيس تبون.
وتراهن السلطة في الجزائر على الانتخابات المبكرة، من أجل إرساء مؤسسات منتخبة جديدة تكرس المسار السياسي الذي شرعت فيه منذ تنحية الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة، تحت ضغط الحراك الشعبي وتجاذبات أركان النظام آنذاك.
وذكر في هذا الشأن الرئيس تبون، في آخر تصريح له أدلى به لوسائل إعلام محلية، أن “الانتخابات التشريعية هي الخيار الوحيد من أجل إحداث التغيير في البلاد”، في رد ضمني على الاحتجاجات السياسية المتجددة منذ أسبوعين، والتي أعربت عن تمسكها بالمطالب الأساسية للحراك الشعبي، وهي التغيير السياسي الشامل ورحيل كلي للسلطة.
واعتبر تبون في نفس المقابلة، أن “قرار حل الغرفة الأولى للبرلمان، هو جزء أساسي في خارطة الطريق التي تستهدف تحقيق المطالب التي رفعها الشارع الجزائري، وأن انتخاب برلمان جديد بآليات وقوانين جديدة سيكفل التعبير الحر والشفاف عن إرادة الشعب”.
بينما دشنت أحزاب حملة حشد مبكرة لخوض الانتخابات، تبرز معالم مقاطعة من طرف أحزاب أخرى تضع الحوار أولوية
لكن في المقابل، تسود أجواء من التوتر السياسي والاجتماعي في البلاد، يشابه كثيرا المناخ الذي جرت في الانتخابات الرئاسية وتعديل الدستور، وهما الاستحقاقان اللذان أُجريا في ظروف محتقنة وعرفا عزوفا شعبيا كبيرا هز مصداقية وشرعية الرئيس تبون نفسه والدستور الذي أتى به.
وشكل دخول المفوضية السامية لحقوق الإنسان، على خط الأزمة السياسية في الجزائر، خطوة خلطت أوراق السلطة وفتحت المجال أمام تدويل الوضع الجزائري، خاصة في ظل إصرار ناشطين مهاجرين على الاحتجاج على ما يصفونه بـ”ممارسات القمع والاستبداد لدى الهيئات الدولية من أجل الضغط على السلطة”.
ويتوقع متابعون للشأن الجزائري، أن تليّن السلطة مقاربتها الأمنية في التعاطي مع الاحتجاجات السياسية المتجددة، تفاديا لأي صدام مع الهيئة الأممية، وهو ما يعزز فرص توسيع نطاق التيار الشعبي المناوئ لها خلال الأسابيع القادمة، ما يشكل عائقا أمام تنظيم الاستحقاق الانتخابي في ظروف ملائمة.
وكان الرئيس تبون، قد صرح في المقابلة المذكورة، بأنه “حظي بدعم عشرة ملايين جزائري خلال الانتخابات الرئاسية، وأن أقلية بالآلاف هي التي كانت تحرض على المقاطعة وعرقلة الانتخابات الرئاسية”، إلا أن الإحصائيات الرسمية المعلنة آنذاك، ذكرت أن نسبة المشاركة كانت في حدود 40 في المئة.
وحاز الرئيس تبون على خمسة ملايين صوت من ضمن التسعة ملايين التي أدلت بأصواتها لصالح منافسيه، أما تعداد الهيئة الناخبة فيقدر بأكثر من 23 مليون ناخب.
وفي خطوة تستهدف استقطاب أكبر عدد من الناخبين وتبديد هاجس المقاطعة، جرى التفكير في تنظيم الانتخابات التشريعية والمحلية، في تاريخ واحد، إلا أن التصور أثار مخاوف دوائر السلطة المنظمة والطبقة السياسية من إمكانية الفشل في تنظيم الاستحقاقين معا.
وعادة ما تكون الانتخابات المحلية أكثر استقطابا للشارع الجزائري، لعلاقتها المباشرة مع الاهتمامات والانشغالات اليومية للمواطنين، وهو ما تريد السلطة استغلاله لتبديد مخاوف العزوف المسجل في الاستحقاقات الأخرى، لكن معوقات التنظيم تصب في وعاء العزوف.
وفيما دخل قطاع عريض من الأحزاب السياسية والمستقلين في حملة حشد ودعاية مبكرة لخوض الاستحقاق، بدأت معالم مقاطعة من طرف قوى المعارضة الراديكالية، على غرار حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، وجبهة القوى الاشتراكية، التي وضعت الحوار الشامل كشرط أساسي لنجاح أي استحقاق انتخابي.
وبرر بيان للحزب، المسألة بـ”المناخ غير المناسب للتعبير عن الإرادة الحقيقية للشارع، في ظل استمرار سياسة الغلق السياسي والإعلامي، والتضييق على الحريات بما فيها التوقيفات والمتابعات القضائية”.
وكانت المسودة الأولية التي حصلت عليها الطبقة الحزبية للإثراء والنقاش، قد تضمنت العديد من الإجراءات المستجدة في قانون الانتخابات، على غرار المناصفة بين المرأة والرجل في لوائح الترشح، وفرض ثلث اللائحة من الشباب الذين تقل أعمارهم عن 35 عاما، والاقتراع على اللائحة المفتوحة، وذلك بغرض قطع الطريق على ما بات يوصف بـ”الفساد المالي في الأحزاب السياسية”، التي حولت ترتيب الأسماء إلى تجارة قائمة بذاتها، بشهادة النائب السابق المسجون بهاء الدين طليبة، الذي أكد للمحققين بأن “المراتب في اللائحة وصل سعرها إلى ما يعادل ربع مليون دولار أميركي”.