البابا فرنسيس يلتقي السيستاني في النجف

نورالدين النايم

استقبل علي السيستاني، أعلى مرجعية دينية للعديد من الشيعة في العراق والعالم، السبت، بابا الكنيسة الكاثوليكية، فرنسيس الثاني، الزعيم الروحي لـ1.3 مليار كاثوليكي في العالم، في مدينة النجف الأشرف، في واحدة من أهمّ محطات الزيارة التاريخية إلى البلاد.

وبعدما كان التقى البابا زعماء الطوائف الكاثوليكية الجمعة في بغداد، يمدّ اليد إلى المسلمين الشيعة بزيارته السيستاني البالغ من العمر 90 عاماً، والذي لا يحبذ الظهور العلني.

البابا والوفد المرافق له خلال زيارته إلى منزل السيستاني – اللجنة المنظمة لزيارة البابا
البابا والوفد المرافق له خلال زيارته إلى منزل السيستاني – اللجنة المنظمة لزيارة البابا
ويعقد الرجلان لقاءً مغلقاً لمدة ساعة، يأتي بعد عامين من توقيع البابا فرنسيس وثيقة الأخوة الإنسانية في أبوظبي عام 2019، مع إمام الأزهر أحمد الطيب، إحدى أبرز المؤسسات التابعة للمسلمين السنّة، ومقرها مصر.

ويعدّ السيستاني من أعلى المرجعيات بالنسبة لغالبية الشيعة البالغ عددهم 200 مليون في العالم. ويمثل السيستاني المولود في إيران مرجعية النجف، التي تؤيد أن يكون دور المرجعية استشارياً للسياسيين وليس مُقرّراً، مقابل مرجعية قم في إيران التي تؤكد أن لرجال الدين دوراً في إعطاء توجيهات سياسية، على غرار المرشد الإيراني علي خامنئي.

ويرى الكادرينال الإسباني ميغيل أنخيل أيوسو الذي يرأس “المجلس البابوي للحوار بين الأديان”، أن “مدرسة النجف الفقهية أكثر علمانية من مدرسة قم التي لها اتجاه أكثر تديّناً”، مضيفاً أن النجف “تعطي أهمية أكبر للبعد الاجتماعي” أيضاً.

ويقول رجل الدين الشيعي محمد علي بحر العلوم إن هذه الزيارة تشكّل مصدر “اعتزاز”، مضيفاً: “نثمن الزيارة التي بلا شك ستعطي بعداً آخر للنجف الأشرف”.

وألقى السيستاني بثقله في عام 2019 لإسقاط الحكومة حينها، بعد أشهر من تظاهرات قادها شباب احتجاجاً على الفساد والتردي في الأوضاع الاجتماعية في بلادهم.

وينحو البابا كما السيستاني، إلى إطلاق مواقف سياسية غالباً. لكن كلاهما يعتمدان أسلوباً موزوناً في إطلاق مثل هذه المواقف.

وفي خطابه الجمعة في بغداد، تطرّق البابا إلى مواضيع حساسة وقضايا يعاني منها العراق خلال لقائه الرئيس برهم صالح. وقال: “لتصمت الأسلحة! ولنضع حداً لانتشارها هنا وفي كل مكان! ولتتوقف المصالح الخاصة، المصالح الخارجية التي لا تهتم بالسكان المحليين. ولنستمع لمن يبني ويصنع السلام!”.

وأضاف: “كفى عنفاً وتطرفاً وتحزبات وعدم تسامح! ليعط المجال لكل المواطنين الذين يريدون أن يبنوا معاً هذا البلد في الجوار وفي مواجهة صريحة وصادقة وبناءة”. ودعا أيضاً إلى “التصدي لآفة الفساد وسوء استعمال السلطة، وكل ما هو غير شرعي”.

أور بعد النجف
وتجري زيارة البابا وسط إجراءات أمنية مشددة، وفي ظل إغلاق تام سببه ارتفاع الإصابات بفيروس كورونا مع أكثر من خمسة آلاف إصابة في اليوم.

وبعد النجف سيتوجه البابا إلى أور التي يعتقد أنها مسقط رأس النبي إبراهيم والواقعة في الجنوب النائي، في صلاة ستضم رجال دين شيعة وسنة وأيزيديين وصابئة.

وستغيب بسبب التدابير الوقائية من وباء كورونا، الحشود التي اعتادت ملاقاة البابا في كل زياراته، مع استثناء خلال القداس الذي سيحييه الأحد في الهواء الطلق في أربيل بكردستان العراق، بحضور نحو أربعة آلاف شخص حجزوا أماكنهم مسبقاً للمشاركة فيه، علماً بأن المكان يتسع لعشرين ألفاً.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: