نفى الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون وجود خلافات مع القيادات العسكرية، متهما الإخوان ضمنيا بترويج إشاعة وفاته.
وأكد تبون في لقاء مع صحافيين جزائريين بثّه التلفزيون الحكومي مساء الاثنين، أن الجيش في بلاده لا يتدخل في الحياة السياسية.
وأضاف “لا يوجد في العالم جيش منضبط ووطني ويطبق تعليمات رئيس الجمهورية، مثل الجيش الجزائري”.
وانتقد الرئيس الجزائري الشائعات التي رافقت رحلته العلاجية في ألمانيا بعد إصابته بفايروس كورونا، وأشار إلى البعض منها، مثل الشائعات التي تحدثت عن “تعرضه لمحاولة اغتيال أو تفجيره”.
وكشف تبون أن الجزائر “رصدت مصدر تلك الشائعات”، موضحا أن “مصدرها من خارج البلاد ومن كل من هب ودب يحاول أن يقدم تحليلات، ومن أشخاص تم تكوينهم منذ 15 عاما في دول أفريقية وأوروبية”.
واتهم تبون بشكل ضمني “إخوان الخارج” الهاربين والمتهمين في قضايا تتعلق بالإرهاب بالوقوف وراء تلك الشائعات، ووصفهم بـ”دعاة الدين والأخلاق وهم لا يملكون ذرة أخلاق”.
وقال إن الجزائر “تملك أدلة على تورط دعاة الدين والأخلاق وراء شائعات وفاتي أو اغتيالي أو تفجيري، ونحن نعرف مصدرها، ومصدرها صفحات من خارج البلاد، خاصة بعد التقائهم مؤخرا ونحن نعرفهم جدا”.
وللمرة الأولى، علق الرئيس الجزائري على شعار “دولة مدنية وليست عسكرية”، الذي يرفعه معارضوه في مظاهرات الحراك الشعبي التي تجددت منذ الأسبوع الماضي.
واعتبر أن هذه المظاهرات “لا تزعجه”، مضيفا أنه “واحد من الذين انتقدوا النظام السابق، وأول من دعوا إلى إبعاد المال عن السياسة، ودفع الثمن غاليا”.
وتابع أن أصحاب هذا الشعار “لهم دوافع أخرى، ولا علاقة لهم بالحراك الأصلي، ويحملون شعارات جديدة غير بريئة”.
وعن الانتخابات التشريعية، قال الرّئيس تبون “إن هنالك احتمال الاستجابة لطلب عدد من الأحزاب التي التقاها حول إمكانية إجراء التشريعيات والمحليات في نفس” اليوم، داعيا المعارضين إلى “دخول الانتخابات واقتحام المجالس المنتخبة وممارسة الرقابة”.
واستطرد الرئيس الجزائري “إجراء الانتخابات التشريعية أتت وفق برنامج سياسي من خلال تسهيل دخول الشباب إلى المجالس المنتخبة وكذلك اعتماد نظام الانتخاب النسبي”، مؤكدا أن “الانتخابات القادمة ليست لها أي صلة بالماضي كون قانون الانتخابات يشجع على دخول الكفاءات والنخب النظيفة في المجتمع. وقد يحمل البرلمان القادم غالبية معارضة وبالتالي حكومة من صميم المعارضة أيضا”.
وشدّد تبّون على أنّ مواطنيه “لن يتخلّوا أبدا عن ذاكرتهم”، وذلك في معرض تعليقه على التقرير الذي قدّمه المؤرّخ الفرنسي بنجامان ستورا إلى الرئيس إيمانويل ماكرون حول مصالحة الذاكرة بين فرنسا والجزائر.
وقال الرئيس الجزائري “لن تكون هناك علاقات حسنة على حساب التاريخ أو على حساب الذاكرة، لكنّ الأمور تُحل بذكاء وهدوء وليس بالشعارات”.
وأضاف “لن نتخلّى أبدا عن ذاكرتنا ولكن لن نستخدمها في المتاجرة (السياسية)”.
وكان ماكرون كلّف في يوليو ستورا، أحد أبرز الخبراء الفرنسيين المتخصّصين في تاريخ الجزائر الحديث، “بإعداد تقرير دقيق ومنصف حول ما أنجزته فرنسا حول ذاكرة الاستعمار وحرب الجزائر”، التي وضعت أوزارها في 1962 وما زالت حلقة مؤلمة للغاية في ذاكرة عائلات الملايين من الفرنسيين والجزائريين.
وما زال التقرير الذي قدّمه ستورا إلى ماكرون في 20 يناير يثير الكثير من الجدل والانتقادات في فرنسا والجزائر، خاصة لعدم توصيته بضرورة اعتذار فرنسا عن الجرائم التي ارتكبتها على مدار 132 سنة من الاستعمار (1830 – 1962).
وشدّد الرئيس الجزائري على أنّ العلاقات الجزائرية الفرنسية “حاليا طيّبة ولا توجد مشاكل بيننا”، وحذّر من أنّ “العلاقات الطيبة لن تكون على حساب التاريخ والذاكرة (…). ما فعله الاستعمار ليس بالأمر الهيّن”.
وكان الرئيس الفرنسي وعد باتخاذ “خطوات رمزية” لمحاولة المصالحة بين البلدين، لكنّه استبعد تقديم “الاعتذارات” التي تنتظرها الجزائر.
وبرأي تبّون فإنّ ماكرون سبق وأن قام بخطوة هامة تمثّلت في إعادة جماجم 24 جزائريا قتلهم الاستعمار الفرنسي في بداية غزو الجزائر مطلع القرن التاسع عشر.
وقال الرئيس الجزائري إن بلاده لن تشارك بوحدات من الجزائر في حملة مكافحة الإرهاب التي تقودها باريس بالساحل الأفريقي، نافيا قبول طلب فرنسي في هذا الصدد.
وكانت وسائل إعلام فرنسية نقلت مؤخرا تصريحات لماكرون، تشير إلى أن الجزائر وافقت على المشاركة في مكافحة الإرهاب بمنطقة الساحل.
وأجاب تبون على سؤال بشأن المشاركة قائلا “لن نشارك في هذه العمليات ولن أرسل أبناء شعبي المتواجدين في الجيش للتضحية مع أي طرف”.
واستبعد الرئيس الجزائري تنظيم القمة العربية التي كان منتظرا أن تحتضنها بلاده “بالتحاضر عن بعد” بسبب جائحة كورونا.
وقال إنه “لا يمكن تنظيم قمة بهذا الحجم عن بعد لأنها تتطلب محادثات جانبية ولقاءات هامة”.
وأضاف “كان منتظرا أن تنظم هذه القمة في مارس 2020 بالجزائر، لكنها تأجلت بسبب ظهور جائحة كورونا”، مؤكدا أن بلاده ستحتضن القمة بعد زوال الجائحة.